نتائج الانتخابات التشريعية لم تكن مفاجئة لي، اكتساح حزب العدالة والتنمية لها كان متوقعا بالنظر لقدرة الحزب على الإقناع بالأطر التي قدمها للانتخابات وبالصرامة والانضباط للقرارات الداخلية وكذا الديمقراطية التي يؤمن بها بدءا بهياكله الداخلية، زد على ذلك برنامجه الانتخابي وإن كانت فيه بعض المغامرة على مستوى الأرقام. فوز لحزب المصباح يحمل أكثر من رسالة، أولا يدلل على رغبة المغاربة "على الأقل من صوت لصالح العدالة والتنمية" في التغيير وأقصد تغيير الفاعلين السياسيين، أي منح الفرصة لحزب كان في المعارضة وله تصور "مجتمعي".
ثانيا، نتائج التشريعيات لم تكن رحيمة بأحزاب اليسار وحزب الاتحاد الاشتراكي بالخصوص الذي تلقى ضربة قوية وعقابية متوجة توالي الضربات عليه منذ حكومة التناوب، وجعلته أمام خيارين اثنين اقتسمت بشأنهما هياكل الحزب، إما المشاركة في الحكومة وتأثيث الفضاء مرغما وإما الخروج إلى المعارضة التي يرى فيها تيار كبير في الحزب أساسية لإنقاذ حزب الوردة وتقوية اليسار ككل.
الرسالة الثالثة التي توجهها نتائج الانتخابات الأخيرة كما وكيفا تتعلق بالنتائج الهزيلة والمنعدمة لأحزاب بعضها يتشبث بالمرجعية التاريخية والأخر قدم نفسه في الحملة الانتخابية للمغاربة كأنه سيكتسح الانتخابات. في علم السياسة مثل هذه الخطابات تبقى مقبولة إلى أن تحكم صناديق الاقتراع، وهو ما حدث بالفعل تباينت النتائج وخابت الظنون، لكن المضحك أن بعض السياسيين من زعماء هذه الأحزاب الفاشلة لم يتراجعوا بل ذهبوا لعقد الندوات الصحفية وهذا مضحك فعلا، كنت أنتظر أن يقدموا استقالاتهم من قيادة تلك الأحزاب أو يعملوا على حلها نهائيا وهذه هي رسالة المغاربة ال "45٪" لهذه الأحزاب أن اذهبوا للجحيم.
إن فترة ما بعد الانتخابات هامة جدا ومفصلية بالنسبة للأحزاب لمراجعة الذات من أجل البناء ولهم في نتائجها خير دليل على قدرة المغاربة على التعبير إن أرادوا وبنسب مرتفعة، فاختيار حزب المصباح الاول في التشريعيات لا يعني خيار الخلاص بشكل كلي بل رسالة وبصيص أمل لاحزاب اليسار للقيام بالنقد الذاتي وهذا لا أرى له مكانا إلا في المعارضة.