حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أنّ الدولة العبرية بصدد خسارة الدعم العالمي لحربها ضدّ حركة حماس بسبب قصفها "العشوائي" لقطاع غزّة. وفي أشدّ انتقاد يوجّهه لنتانياهو منذ الهجوم الذي شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر وأشعل فتيل الحرب الحالية، قال بايدن خلال فعالية انتخابية في واشنطن إنّه ينبغي على رئيس الوزراء الإسرائيلي "تغيير" موقفه بشأن حلّ الدولتين. بدوره، أقرّ نتانياهو بوجود "خلاف" مع بايدن بشأن الطريقة التي ينبغي أن يحُكم بها قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الراهنة. وتمثّل هذه التصريحات خلافاً علنياً نادراً بين الجانبين بعد أسابيع كان دعم الرئيس الأميركي فيها لإسرائيل مطلقاً. وخلال حفل لجمع التبرّعات لحملته الانتخابية في واشنطن، قال بايدن إنّ إسرائيل تحظى اليوم بدعم "أوروبا" و"معظم دول العالم" بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس عليها انطلاقاً من غزة. وأضاف "لكنّهم (الإسرائيليين) بدأوا يفقدون هذا الدعم بسبب القصف العشوائي الذي يحدث". وأسفر هجوم حماس عن 1200 قتيل معظمهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية. كذلك، اختطف مقاتلو حماس حوالى 240 شخصاً اقتادوهم معهم إلى قطاع غزة حيث احتجزوهم رهائن. وما زال 137 من هؤلاء محتجزين في القطاع. وردًا على الهجوم، توعدت إسرائيل ب"القضاء" على حماس وهي مذاك تقصف قطاع غزة وتشنّ منذ 27 أكتوبر هجوماً برّياً واسعاً. وأسفر الردّ الإسرائيلي حتى الآن عن سقوط 18412 قتيلاً في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في حكومة حماس. "القضاء على حماس" وفي خطابه، أكّد الرئيس الأميركي أنّه "ليس هناك أيّ شكّ في ضرورة القضاء على حماس". لكنّه نفى بالمقابل الحجج التي قال إنّ نتانياهو ساقها لتبرير قصف الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة، ولا سيّما لجهة قوله إنّ قوات التحالف "سوّت بالأرض" ألمانيا النازية واستخدمت أسلحة نووية ضدّ اليابان خلال الحرب العالمية الثانية. وأوضح بايدن أنّه قال لنتانياهو إنّه بعد الحرب العالمية الثانية تمّ إنشاء مؤسّسات دولية "للتأكّد من عدم تكرار ذلك مرة أخرى". كما أكّد الرئيس الأميركي أنّ الولايات المتّحدة ارتكبت "أخطاء" بعد هجمات 11 شتنبر 2001. وبالنسبة لبايدن فإنّ أمام نتانياهو الآن "قراراً صعباً يتعيّن عليه اتّخاذه" في ما يتعلّق بحكومته اليمينية المتشدّدة. "عليه أن يتغيّر" وقال الرئيس الأميركي عن رئيس الوزراء الإسرائيلي "إنّه صديق جيّد، لكنّني أعتقد أنّ عليه أن يتغيّر، ومع هذه الحكومة، هذه الحكومة في إسرائيل تجعل من الصعب عليه التحرّك". وأضاف "هم لا يريدون أيّ شيء يشبه من قريب أو بعيد حلّ الدولتين"، واصفاً حكومة نتانياهو بأنها "أكثر حكومة محافظة في تاريخ إسرائيل". ومساء الإثنين، خلال حفل في البيت الأبيض بمناسبة "عيد الأنوار" اليهودي، شدّد بايدن على وجوب أن يتوخى الإسرائيليون "الحذر" لأنّ "الرأي العام العالمي يمكن أن يتغيّر في أيّ وقت". وتدعو الإدارة الأميركية منذ أسابيع إسرائيل إلى توخّي المزيد من الحذر في عملياتها العسكرية في قطاع غزة لتجنّب سقوط ضحايا مدنيين، مؤكّدة أنّ عدد القتلى الفلسطيينيين كبير جداً. وتطرّق الرئيس الأميركي إلى العلاقات التي يسودها غالباً التوتر بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي. ومساء الإثنين قال بايدن إنّ نتانياهو يضع على مكتبه صورة تجمعهما سوياً عندما كان الرئيس الأميركي سناتوراً شاباً. وأوضح بايدن أنّه كتب على الصورة العبارة التالية "بيبي (لقب رئيس الوزراء الإسرائيلي)، انا أحبك كثيراً لكنّي لا أوافق على شيء ممّا تقوله". وأضاف أمام ممثلين عن المجتمع اليهودي تمّت دعوتهم إلى البيت الأبيض "هذا الأمر لا يزال صحيحاً في يومنا هذا". والثلاثاء، قال نتانياهو عقب محادثة مع بايدن إنّ هناك "خلافاً" بين الجانبين بشأن ما ينبغي القيام به "بعد القضاء على حماس". وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيل عن أمله في "أن نتوصّل إلى اتفاق بهذا الشأن" لكنّه تعهّد "عدم تكرار خطأ أوسلو"، في إشارة إلى اتفاقيات السلام التي أبرمتها الدولة العبرية مع الفلسطينيين.