كشف المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري عن المعاينات والتقييمات المتعلقة بالمعالجة الإعلامية التي خصصتها الإذاعات والقنوات التلفزية الوطنية، العمومية والخاصة، للزلزال الذي ضرب ليلة الجمعة 08 شتنبر 2023 منطقة الحوز. واهتم الحيز الأكبر من هاد الملاحظات بالعملية الخاصة برصد البرامج السمعية البصرية للي باشرتها الهيئة العليا لتأمين تتبع تعبئة 21 إذاعة و5 قنوات تلفزية في سياق الكارثة الطبيعية. وجا فيها أنه، بصفة عامة، تسجلات تعبئة برامجية آنية، وإن كانت قد انطلقت في فترات زمنية متفاوتة على وقوع الهزة الأرضية؛ حيث بادرت بعض الإذاعات الخاصة التي كانت تبث برامج مباشرة لحظة وقوع الزلزال، إلى تقديم الخبر وتغيير موضوع البرامج التي كانت تٌبث في حينه، للتطرق للفاجعة، لاسيما من خلال فتح أثيرها لتلقي الشهادات والارتسامات الأولى للمواطنين. بعد ذلك، توالت المواكبة التفصيلية من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية من خلال التكييف الكلي أو الجزئي للبرمجة العامة وتوفير تعبئة بشرية ولوجيستيكية، مع تسجيل مجهود ملحوظ لتأمين تكامل وتنسيق ميداني وبرامجي بين قنوات الإعلام العمومي، لاستيعاب متطلبات ظرفية الكارثة الطبيعية الطارئة؛ بحيث تم إدراج فقرات إخبارية جديدة وبرامج حوارية مستحدثة، وملاءمة مضامين البرامج الاعتيادية لتحقيق غايتين متكاملتين ومتلازمتين، أولا، تزويد المواطن بطريقة مسترسلة بالمعطيات الآنية عن تداعيات الزلزال، وثانيا، تأمين ولوج الرأي العام إلى النقاش العمومي وتحليلات الخبرة حول مختلف جوانب الكارثة الطبيعية ومجهودات تدبيرها. كما سجل انخراط الإذاعات والقنوات التلفزية في مواكبة فترة الحداد الوطني بعرض برامجي يتلاءم وخصوصيات اللحظة، ليصل حجم التعبئة الإعلامية ذات الصلة التي خصصتها كل إذاعة وقناة تلفزية على حدة منذ وقوع الهزة الأرضية وإلى غاية نهاية فترة الحداد الوطني، ما بين 75 و95 في المائة من مجموع البرمجة العامة حسب طبيعة ونوعية كل خدمة سمعية بصرية. خدمة التيران دكدكات ال"فيك نيوز" من ضمن لي تركز عليه فهاد الملاحظات هو التيران. فقد أشير إلى أن الحضور الميداني لعدد مهم من مراسلي ومبعوثي الإذاعات والقنوات التلفزية، العمومية والخاصة، وإن بدا بمستويات متفاوتة، شكلا ومضمونا، إلى جانب حرصها على اعتماد مصادر موثوقة في استقاء المعلومة الصحيحة والدقيقة (ممثلي الأطقم الطبية وفرق الإنقاذ، بما فيها الفرق الدولية المشاركة في عمليات الإغاثة، والمصالح الأمنية والعسكرية والمسؤولين الحكوميين وممثلي السلطة المحلية...)، ساهم في ضمان حق المواطن في الخبر الموثوق. وهو ما اعتبره المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري إسهاما أساسيا في صون هذا الحق ذي القيمة الدستورية والأخلاقية الذي عادة ما ينتهك في سياقات مماثلة تتسم بقوة الشحنة السيكولوجية المرتبطة بطبيعة الكارثة والتي تفضي إلى تناسل وتعارض الروايات الإخبارية والأخبار غير المؤكدة. وأشار أيضا، إلى أن توفير خدمة إعلامية ذات موثوقية ساهم في إنعاش خطاب الطمأنة الموصى به كونيا في زمن الأزمات والكوارث، حيث اعتمدت الإذاعات والقنوات التلفزية مقاربة تواصلية تحسيسية عقلانية ومبسطة، ارتكزت على إدراج آراء مسؤولين وأخصائيين في مجالات البحث الجيوفزيائي والطب النفسي والشؤون التربوية والعلوم القانونية والاجتماعية... من أجل شرح وتبسيط وتوضيح كل القضايا ذات الصلة بالزلزال وتداعياته، بالإضافة إلى ربورتاجات ميدانية عن بعض مظاهر العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية (إيواء، تمدرس، تطبيب، تبضع، تعبيد للطرق والمسالك الجبلية...) بغاية تخفيف آثار الذعر والهلع. وأوضحت "الهاكا" أن المجهود الإخباري الميداني المبذول، والحرص على نقل الأحداث المؤكدة والاستناد إلى المصادر الموثوقة والمتخصصة شكل أحد السبل المساهمة في تحجيم أثر الأخبار الزائفة والتضليلية التي سُجل ارتفاع هائل في منسوب تداولها (تنبؤات جوية زائفة، توقعات تهويلية بحدوث تسونامي، معلومات غير مؤكدة عن إقصاء مناطق معينة من مجهودات الإغاثة، أخبار كاذبة عن تشقق سدود بمنطقة الحوز...). كما حرص المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري خلال اجتماعه، على تثمين التدخل المباشر للإذاعات والقنوات التلفزية في رصد وتتبع وتدقيق وتفكيك ما يتداول على نطاق واسع من سرد زائف أو ملتبس أو خادع، عمقا أو سطحا، بما فيها بعض السرديات المغرضة التي حملتها وسائل إعلام أجنبية وظاهرة الفوضى الإخبارية التي خلقتها بعض محتويات شبكات التواصل الاجتماعي. كما اعتبر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن هذا المجهود جدير بالتنويه لأن تصدي الإذاعات والقنوات التلفزية للزيف والتضليل لا يمر عبر الاستهجان والاستنكار والإدانة فحسب، بل أساسا عبر إنتاج وتقديم مضمون إعلامي بديل، موثوق، يعمل القرب الإنساني والثقافي ويرتكز على الميدانية ويلتزم بأخلاقيات الممارسة المهنية. دعم قيم التضامن والعيش المشترك رصدات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، فملاحظاتها، عدة برامج وربورتاجات ميدانية طبعتها التفاعلية المدعمة بالانتشار المجالي الواسع لبث الإذاعات والقنوات التلفزية، لا سيما من خلال إسماع صوت المواطن، سواء من أسر وعائلات ضحايا الزلزال وباقي المتضررين أو من عموم المواطنين المغاربة الذين هبوا للتعبير عن تضامنهم وتآزرهم ومواساتهم للمناطق التي ضربتها الهزة الأرضية. كما ساهم إبراز صور ومشاهد الحملات التضامنية في مختلف جهات المملكة وكذا الإخبار بالإمكانيات والطرق المتاحة عمليا للمساهمة والتبرع لفائدة ضحايا الزلزال، في حشد الهمم والجهود للرفع بأثر فوري واستعجالي، من حجم الانخراط في التعبئة التضامنية الوطنية، وفي الوقت نفسه، الإسهام في تأمين نجاعتها وتحصين غايتها لاسيما من خلال التحسيس بضرورة تعزيز اليقظة بشأن طرق جمع وتوزيع المساعدات العينية والنقدية، وكذا التحسيس بأهمية احترام وتقدير خصوصيات وأعراف وتقاليد وعادات سكان المناطق المتضررة عند التنقل إلى هناك للتعبير عن التضامن والمساندة. وسجل المجلس أيضا،حرص المعالجة الإعلامية الإذاعية والتلفزية على إبراز التماسك والانسجام الوطني وإعمال مبدأ التنوع، حيث نقلت إلى الرأي العام المساهمات والمبادرات التضامنية لعموم المغاربة، رجالا ونساء، ومن مختلف الفئات العمرية، وأينما تواجدوا داخل الوطن أو خارجه من مغاربة العالم، وبتنوعهم اللسني العربي الدارج والفصيح، والأمازيغي بتعبيراته الشفوية الثلاث، والصحراوي الحساني، وبسائر فئاتهم السوسيوثقافية وانتمائهم الديني، من مسلمين وطائفة يهودية، دون إغفال مساهمات وتضامن أجانب مقيمين بالمغرب. التزام بأخلاقيات الممارسة الإعلامية سجل التزام ملحوظ للإذاعات والقنوات التلفزية بأخلاقيات الممارسة الإعلامية كما هو متعارف عليها لاسيما فيما يتعلق باحترام حقوق إنسانية ثابتة وذات بعد كوني كالحق في الصورة، وحماية الأطفال والقاصرين، وصون الحياة الخاصة والكرامة الإنسانية؛ وهي حقوق عادة ما يُستسهل المساس بها في زمن الأزمات والكوارث، خاصة مع تنامي ممارسات تواصلية وإعلامية غايتها الوحيدة تحقيق البوز بتهييج العواطف وتغليب الإثارة والتهويل وشحن المخاوف. هكذا، حرصت الإذاعات والقنوات التلفزية في معالجتها الإعلامية للفاجعة على عدم إظهار صور الجثث تحت الأنقاض أو أثناء مراسيم الدفن، وأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي إعادة تعريض الأطفال والقاصرين أثناء استقاء شهاداتهم، لنفس الظروف الصعبة التي سبق أن عاشوها لحظة الهزة الأرضية، وصون كرامة المتضررين، بالإضافة إلى احترام قرينة البراءة عند عرض وانتقاد بعض الأعمال غير القانونية التي يشتبه في ارتكابها من طرف أشخاص ذاتيين في سياق تدبير تداعيات الفاجعة. وقد اعتبر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن المجهود الإعلامي المعتبر المبذول من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية، يعد مكسبا يدعم حق المواطن في الخبر. في المقابل، تبقى الممارسات الفضلى المعاينة قابلة للتطوير للرفع من قدرات الإعلام السمعي البصري للانخراط الأمثل في مجهود التعبئة الوطنية الذي تقتضيه المراحل المقبلة من تدبير تداعيات هذه الكارثة الطبيعية من إعادة الإعمار والتكفل بالأطفال اليتامى، والرفع من جودة الخدمات العمومية، وتعزيز البنيات التحتية... تنفيذا للقرارات المتخذة بهذا الشأن تحت قيادة الملك. كما اعتبر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن هذه التجربة أبرزت مركزية الخدمة العمومية للإعلام السمعي البصري وأهمية تحرير الاتصال السمعي البصري وجدوى تحصين الثقة بين الإعلام والمواطن.