ترتبط دائما مشاركات المغرب في كأس العالم لكرة القدم بمحطات بارزة، فعندما بلغ الدور قبل النهائي في نهائيات 2022 في قطر كان أول دولة عربية تحقق هذا الإنجاز، بينما كان وصوله إلى كأس العالم 1970 في المكسيك نقطة فاصلة في تاريخ نشيده الوطني. كان النشيد الوطني المغربي مجرد مقطوعة موسيقية تؤديها فرقة الحرس السلطاني قبل أن تضاف كلمات إليه بمناسبة تأهل المنتخب المغربي لأول مرة إلى نهائيات كأس العالم 1970، واعتُمدت تلك القصيدة نشيدا وطنيا رسميا للمغرب حتى اليوم. وقال المؤرخ المغربي نبيل مُلين، كبير الباحثين في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الدولة تبنت في القرن الثامن عشر مجموعة من الشعارات لإثبات ذاتها، وخاصة ما يطلق عليه هذه الأيام النشيد الوطني، وهو عبارة عن مجموعة من المقطوعات الشعرية والموسيقى التي تتغنى بالوطن وقوة المواطنين والقيم التي يحملونها". وأوضح أن الفرنسيين بعد فرض الحماية على المغرب في 1912 قرروا فرض نشيد سلطاني على السلطان مولاي يوسف. وأضاف "كانت هناك معزوفة يؤديها الحرس السلطاني خالية من الكلمات، وكانت تسمى باليوسفية أو الحسنية. وبعد وفاة السلطان مولاي يوسف عام 1927 وتولي السلطان محمد الخامس السلطة، أبدل الفرنسيون لحن هذه المعزوفة وكلماتها حتى تتماشى مع العهد الجديد". وتابع قائلا "في نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات، ظهرت الحركة الوطنية بمختلف تشكيلاتها وحاول بعض قادتها اختراع ما يمكن أن يُصطلح عليه بالنشيد الوطني". وبحسب المؤرخ المغربي، فرض الفرنسيون معزوفة جديدة على الحرس السلطاني من ألحان موسيقي فرنسي. وأضاف أنه بعد حصول المغرب على استقلاله في 1956، حاول المغاربة تزويد هذا اللحن بالكلمات "خاصة الفقيه محمد المعمري الذي حاول أن ينظم بعض الأبيات الشعرية، لكن كلمات هذه القصيدة كانت ركيكة ولم توافق اللحن، وتم التخلي عنها". واستمر أداء هذه المقطوعة الموسيقية من قبل الحرس السلطاني في المناسبات الرسمية، إلى أن تأهل منتخب المغرب إلى كأس العالم لأول مرة في 1970 بالمكسيك. ويقول مُلين إن السلطات والنخبة الحاكمة أدركت حتمية وجود كلمات تلهب الحماس الوطني "وتم عقد مسابقة لاختيار كاتب كلمات المعزوفة، وكان الفائز هو الشاعر علي الصقلي الحسيني بقصيدة 'منبت الأحرار.. مشرق الأنوار' التي أصبحت ابتداء من هذا التاريخ النشيد الوطني الرسمي الأول في تاريخ المغرب". * العَلَم المغربي* اعتُمد أول عَلم في تاريخ المغرب خلال عهد المرابطين في القرن الحادي عشر، وكان أسود اللون تتوسطه الشهادتان، بينما كان العلم الثاني أبيض اللون دون أي كتابات أو رموز واعتُمد بعد وصول الموحدين إلى الحكم، وهو العلم الذي دام فترة طويلة في تاريخ المغرب. وخلال الحقبة العلوية تم اعتماد علمين، أحدهما أخضر والآخر أحمر، ثم فرضت فرنسا على المغرب توحيد العَلَم بعد الاستعمار، والذي كان راية حمراء مع إضافة نجمة خماسية وسطه باللون الأخضر، وهي نجمة تحظى بدلالة ثقافية عند المغاربة. ويقول المؤرخ مُلين "الراية الحمراء التي تتوسطها نجمة خماسية خضراء ليست إلا حلقة ضمن سلسلة طويلة من الأعلام التي طبعت تاريخ المغرب منذ مئات السنين، والرغم من عدم وجود معلومات كثيرة في هذا الشأن، إلا أننا شبه متأكدين أن مختلف الكيانات التي حكمت المغرب منذ القرن الثالث قبل الميلاد حتى القرن العاشر الميلادي كانت تتبنى أعلاما بأشكال وأحجام وألوان مختلفة". وأوضح أن مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب في الفترة بين القرنين الثاني عشر والسابع عشر تبنت العلم الأبيض الذي كان يطلق عليه العلم المنصور، أو سعد الدولة. وبحسب مُلين، استمر هذا العلم 500 عام. وتابع قائلا "بعد انهيار الدولة السعدية عندما توفي أحمد المنصور الذهبي في 1603، انهارت الدولة المغربية المركزية لتفسح المجال إلى مجموعة من الكيانات المتشاحنة، وهذا التشرذم دام أكثر من 60 عاما وأدى إلى ضياع مجموعة من التقاليد والأعراف والشارات والمراسيم التي كانت معروفة بالمغرب ومنها العلم الأبيض". وبعد توحيد الدولة العلوية للمغرب في 1670 على يد السلطان الرشيد، تبنت علما أخضر اللون. وقال مُلين "الدولة المركزية لم تستطع احتكار العلم الأخضر لأن مجموعة من القبائل بدأت في استعماله كأداة لإظهار استقلاليتها، لذلك بدأت الدولة العلوية في استخدام علم أحمر فقط دون أي إضافة، لإظهار سيطرتها السياسية على المغرب". وأكد المؤرخ المغربي أنه اعتبارا من النصف الثاني من القرن السابع عشر كان هناك علمان للدولة العلوية، أحدهما أخضر يرمز للسلطة الدينية للملوك، والآخر أحمر يرمز للسلطة الدنيوية. ومضى قائلا "الأوروبيون فرضوا على المغرب تبني علم وحيد، والذي أصبح العلم الأحمر". وعندما استعمرت فرنسا المغرب في 1912، أدخل الفرنسيون مجموعة من التغييرات لإثبات سيطرتهم، وخاصة من الناحية الرمزية، ففرضوا على المغرب تغيير العلم، ليصبح أحمر اللون تتوسطه نجمة خماسية خضراء. ويقول ملين إن السبب الحقيقي لتغيير العلم هو أن اللون الأحمر كان بالنسبة للفرنسيين رمزا لاستقلال المغرب. وأبلغت بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، وكالة أنباء العالم العربي بأن الراية هي من بين الوسائل الأساسية التي تؤكد أو تنفي شمول سيادة الدولة على كل الأقاليم التابعة لها. وأضافت "رغم أنها من الناحية المادية مجرد قطعة قماش محددة المقياس واللون، فهي في الواقع لها ثقل رمزي".