بعد سلسلة من الأشكال النضالية التي انطلقت منذ سنة 2007، والتي أفضتْ إلى استفادة النساء السلاليات بإقليم مهدية، من بقع أرضية تابعة لأراضي الجموع، والتي كانت في السابق حِكْرا على الرجال، وفي انتظار أن تعمّ المبادرة باقي مناطق المغرب، التي توجد بها أراضي الجموع، نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب يومين دراسيين، يومي السبت والأحد الماضيين بمدينة الرباط، بحضور عشرات من النساء السلاليات، وبحضور مختصّين، وممثل عن وزارة الداخلية، تضمنّت أشغالهما ورشات عمل، وجلسات استماع للنساء السلاليات، مع رفع توصيات واقتراحات لوزارة الداخلية، الوصيّة على القطاع، وكذا الحكومة والبرلمان، في أفق تعميم استفادة النساء السلاليات من حقهنّ في أراضي الجموع. النساء السلاليات اللواتي حضرْن أشغال اليومين الدراسيين، واللواتي جئن من مختلف مناطق المغرب، تختزن كل واحدة منهنّ في أعماقها معاناتها من التمييز والإقصاء، الذي طالهنّ بسبب عُرف اجتماعي قديم، يعطي الحقّ للرجل في الاستفادة من أراضي الجموع، ويحرم منها المرأة، دونما سبب منطقي معقول. نساء قادمات من المغرب العميق، يسرْدن بحُرقة معاناتهنّ، ويتساءلن إلى متى سيظلّ العُرف التمييزي قائما؟ خديجة، القادمة من إقليمالرشيدية، تقول في تصريح لهسبريس، إنها تعيل ثلاثة أطفال، بعد أن طٌلقت، ولا معيل لها، ومع ذلك لم تستفد من حقها من أراضي الجموع. نساء أخريات يحكين نفس الحكايات، حكايات ممزوجة بالحرقة، الناجمة عن التمييز الذي صنعه العُرف ذات زمن غابر، ولا يزال جاثما على قانون توزيع الأراضي السلالية في القرن الواحد والعشرين. ومن أجل إزاحة هذا العرف، تمخّضت أشغال اليومين الدراسيين عن عدد من التوصيات الموجّهة إلى الحكومة وإلى البرلمان وكذا وزارة الداخلية. وتضمّن التوصيات الموجهة إلى الحكومة والبرلمان مطلبيْن، يتمثّل الأول في إلغاء ظهير 1919، وسنّ قانون يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فيما يشمل المطلب الثاني الحسْم في قضية المساواة بين الجنسين في الاستفادة من أراضي الجموع. بينما بلغت عدد التوصيات المرفوعة إلى وزارة الداخلية 21 توصية، يأتي على رأسها مطلب إعادة النظر في مؤسسة النواب مع تحديد شروط تولي المنصب وتحديد الاختصاصات، وتمكين النساء من الولوج إلى الهيآت التقريرية بخصوص أراضي الجموع، والقيام بعملية مسح شاملة لتحديد الأراضي الجماعية بما يضمن الحفاظ عليها واسترجاع ما تمّ اغتصابه أو الترامي عليه، وضمان أحقية النساء في النيابة. وحسب ما خلص إليه البيان الختامي للندوة، فإنّ ملف النساء السلاليات "لا زال يعرف عراقيل ومعيقات تحول دون تأكيد الحقوق والمكتسبات، خصوصا فيما يتعلق بتفعيل محتويات الدورية الوزارية عدد17، إضافة إلى عدم إقرار مبدأ المساواة بين النساء والرجال في الاستفادة من أراضي الجموع، مع غياب التحسيس"؛ في هذا الإطار دعا البيان الختامي للندوة وزارة الداخلية إلى تبنّي برنامج للتحسيس، يهمّ جميع المعنيين بملف أراضي الجموع، "تفاديا لكلّ ردّ عكسي تضيع معه حقوق النساء".