لقد أصبح التلفاز الذي ينقل مباريات المنتخب الوطني المغربي بمثابة جهاز للتعذيب النفسي للجمهور الرياضي. فإذا كنت متفرجا تهوى "أسود الأطلس" حتى النخاع فما عليك إلا أن تختار إحدى الحصتين التعذيبيتين: فردية بمنزلك أو جماعية مع أصدقائك أمام تلفاز المقهى. و أنت تتابع من كل أعماقك مباراة رسمية لفريقنا الوطني، كالتي خاضها مؤخرا ضد نظيره التونسي برسم منافسات الكان، مثلا ، قد تظهر عليك فجأة كثير من الأعراض التي قد لا تفهمها، و هي ناجمة عن هول التعذيب النفسي الذي يمارسه عليك سوء الأداء و انعدام روح القتالية لدى بعض المهاجرين من لاعبينا و أبهة ناخبنا /ناهبنا ، لا سامحه الله. عزيزي المشاهد قد تشعر برغبة ملحة في قضاء حاجتك ظنا منك أنك مصاب "بالضياري" لكن ما إن تدخل المرحاض حتى تدرك أنك مصاب بالإمساك و انحباس البول معا (حاشاك)، أو قد ينتابك جوع و عطش الدنيا برمتها فتطلب "كافي كريم" أو عصير إضافي مع "كرواصة" لكن دون أن تلمسهما لأنك فقدت شهيتك و انتفخت بطنك . هناك من المشاهدين من يصاب بعمى الألوان والأشكال فيهتف و يصفق للفريق الخصم ظنا منه أن الهدف من تسجيل الأسود فلا يعيده إلى رشده إلا صراخ و سباب الجمهور الغاضب لأن الكرة قد استقرت في شباك حارسنا، ثم هناك من تجده في حالة شرود ذهني يعيش مونولوكا مرعبا: هل هذا هو منتخبنا الوطني الذي يطلق عليه "أسود الأطلس"؟ هل يستحق "الميسيو غريتس" كل هذا الراتب المهول الذي يخشى مسؤولو الكرة الإفصاح عنه ؟ هل يمكن أن نتأهل رغم هزيمتنا ؟ ثم هل ؟ ......و هل؟ فيغادر المقهى بعد نهاية المقابلة يجر قدماه و عيناه غائرتان كمن سهر الليل فعذبه انتظار طلوع الفجر....وهناك أعراض أخرى تبقى رهينة بمدى حب المتفرج للنخبة الوطنية وقوة تحمله للخسارة/ الإهانة. أمام هذا المستوى المتدني و الصادم للمنتخب الوطني المغربي، بات الجمهور الرياضي مهددا ليس فقط في جيبه –لأنه هو من يمول الفريق و مدربه ويدفع حقوق النقل التلفزي من ضرائبه - بل حتى في نفسيته. فهل سينصح يوما أخصائيو الطب النفسي الجمهور الرياضي المغربي بالتقليل أو الحد من مشاهدة مباريات فريقنا الوطني حفاظا على سلامتهم النفسية؟ وهل ستجرؤ محطاتنا التلفزية الوطنية –على الأقل- قبل أي بث مباشر لمباريات "الأسود العليلة" أن تمرر تنبيها من قبيل: "لا ينصح بتتبعه من طرف الجمهور لأنه قد يتضمن عرضا لا يلائم المشاهد الرياضي كبارا و صغارا"؟