يقول الشاعر المغربي الحسن السلاسي: أتى رمضان الفضلِ والذكرُ سرّه يعمّره التسبيح والدمع هاطلُ يزيّنه القرآنُ في الصبح والمسا تردّده في كل حين الأفاضلُ في مقال سابق تطرقنا إلى بعض أقوال من سبقنا من الصالحين في رمضان والصيام تعكس نظرتهم لهذا الشهر الفضيل، وتقديرهم له ومعرفتهم لقيمته ،وسنقف فيما يلي عند أحوال بعض الصالحين في رمضان مع القرآن الكريم كيف كانت تلاوتهم له وإقبالهم عليه وانشغالهم به. لِم لا ورمضان شهر اختاره الله لنزول القرآن على خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فحري بنا أن نغتنم أيامه ولياليه في تلاوة القرآن الكريم والحفاظ على الصلاة في المسجد، وإكرام الأهل والأقارب وذوي الحاجة. قال ابن رجب: وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلى الله عليه وسلم أنه أخبرها "أنّ جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرةً وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين " متفق عليه ، وفي حديث ابن عباس " أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً " متفق عليه فدل هذا على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى:( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) [المزمل:6]، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان) البقرة:185، لطائف المعارف ص315 * كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويُقبل على تلاوة القرآن من المصحف * كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن * كان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين * كان زبيد اليامي : إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه * كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه * كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ * وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة * كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر * كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة. * وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق): "وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف العشر الأواخر". * فائدة : قال ابن رجب الحنبلي : وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان، خصوصا الليالي التي يُطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان، وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم . من كتاب لطائف المعارف