الطغاة يستنسخون بعضهم بعضا في فترات من فترات التاريخ، الذي يحتفظ لهم في ذاكرته بأعمالهم القذرة بتفننهم في كل أنواع القمع والتعذيب، وإسكات الأصوات المناهضة للظلم والاستبداد، وتبقى شعوبهم وأممهم شهودا على طغيانهم وجبروتهم. وما الطاغية فرعون إلا نموذجا سلك سبيله طغاة العصر الحديث، ونسوق للذكر: الجنرال الطاغية أنطونيو لوبيز ذي صانتانا، حكم المكسيك في القرن التسع عشر حكما ديكتاتوريا ثلاث مرات، وأقام جنازة رسمية مهيبة لساقه اليمنى التي فقدها فيما يسمى ( بحرب الفطائر). الرئيس الطاغية، جارنا الطامع في ولاية رابعة الذي شلت ساقيه وأصبح كرسيه المتحرك يعوضه عن كرسي الرئاسة، هو نسخة من الجنرال الطاغية (أنطونيو لوبيز)، وما أكترهم الانطونيوهات الطغاة في هذا العصر. جيراننا، جيران ظلام جحودين، ناكرين للجميل، هي هكذا الحكومة الجزائرية، جنرالات حكام طغاة، عاثوا ظلما وفسادا في بلاد المليون شهيد، قمع للشعب الجزائري، واستئصال للروح الوطنية، وإبادة للقوى الحية بالبلاد المنادية للحرية والكرامة. جار عاش المغرب محنته الاستعمارية، وعايشه و وساه، وأزار في الشدة والرخاء. وتجاوز عن زلاته وأديته، بحكم الجوار والانتماء القاري، وروابط الدم والعقيدة، لكن تصرفاته المشينة المسيئة لحرمة الجوار، كسرت الروابط وخلقت الفرقة والعداء. ‹‹ هم هكذا الأنذال››. جنرالات الهرم العسكري، والنخبة المحظوظة من ذوي الامتيازات والسلطة، ولبيات الفساد المستفيدين من خيرات الجزائر والتي تطبق الحكم المطلق في غياب تام للشرعية، ومشاركة الشعب في مؤسسات الحكم ومراكز القرار. الجهاز العسكري، أجهز على الشرعية بعد نتائج الانتخابات التي أفرزت فوز الإسلاميين، فأعلن الحرب ضدهم في الجبال والتلال بحجة مطاردة ما أسمتهم بالإرهابيين، مستعينين بمجرمين ودوي السوابق، وتسليحهم لغزو المتمردين بالجبال، وقتل سكان القرى والبوادي في إبادات جماعية، ونسب جرائمهم للإرهابيين. الجهاز العسكري الحاكم الآن، هو امتداد للحكومة الجزائرية التي أنقضت العهد في أول وهلة من حصول الجزائر على الاستقلال، وطعنت المغرب الأخ الجار في الظهر. وها هو المغرب الآن يؤدي تمن الثقة الزائدة وحسن النوايا، نتيجة ما جاء به الفريق الوطني المفاوض، من حصيلة مفاوضات ملغومة، فيما يعرف بمفاوضات ‹‹ إكسليبان›› والتي أقرت ((تأجيل ترسيم الحدود مع الإخوة الأشقاء إلى ما بعد استقلالهم تضامنا مع الشعب الجزائري الشقيق في محنته)). وذهب القصر آنذاك مع نفس الأطروحة، وقد أشار إليها الملك الحسن الثاني في كتاب ‹‹ذاكرة ملك›› حيت قال: لقد جاءنا السيد بارودي موفدا من الجنرال ذيگول وصرح قائلا:‹‹ نحن على وشك تسوية سلمية مع الجزائر، ونعتقد أنه من المناسب أن تباحث المغرب وفرنسا في الآن حدودهما›› فكان رد والدي: ‹‹ إنه غير وارد في هذه الظروف، فداك سيكون مني طعنا من الخلف للجزائر››. وكانت النتيجة التي حصل عليها المغرب، هي ما نعيشه الآن من تداعيات النوايا الطيبة والحسنة. مغربا اجتث أجزاء من ترابه شمالا وجنوبا . المغرب فقد أطرافه جنوبا، وشرقا، وشمالا، في مؤامرات خسيسة و دنيئة لخونة ساهموا في الوضع الاستعماري للمغرب، همهم الحفاظ على مراكزهم ومحيطهم السلطوي، واغتنائهم من خيرات البلاد برا وبحرا، وعمدوا إلى تزوير التاريخ وشجعوا عملاء الاستعمار إلى النيل من وحدة المغرب الترابية. سجلات التاريخ تقر ب (الساورة، والداورة، واكلوم بشار، وحسي بيضة، وتدگلت، واتوات، وتيندوف، والجزر الجعفرية) أجزاء اقتطعت من التراب المغربي ضمتها فرنسا للجزائر، لان طموحاتها الاستعمارية هو إبقائها أمبراطورية موروثة عن المستعمرة الفرنسية، وملحقة وإقليم خاص لها، أقصى ما يمكن لاستغلال غاز الصحراء، ونفطها من موضع قوة. مع العلم أن: ● السياسة لا تؤمن بالعاطفة، أو الإرادات الطيبة والنوايا الحسنة. ● السياسية تجسد الوطنية الحقة وتكشف الخيانة. ● السياسية مواقف حسابية حساسة ومضبوطة، لا تقبل الخطأ. ● السياسة مصالح، وخطاب ما وراء الستار، وقراءة ما تحت السطور. ● السياسة فيها الخد أولا، والعطاء بعد مشورة بحيطة وحذر. الحكومة الجزائرية كانت أول المستفيدين من التطورات السياسية الملغومة، والغير المدروسة بل أول المغتصبين لأرض وتراب خارج حدودها، وتعلمت من مكر المستعمر الفرنسي، الذي خلفها ابنا له ووريث تركة الاستعمار. فكشف الطغاة أبناء فرنسا عن جلدتهم، وأبانوا عن أطماعهم بعد أن أصابت الجنرالات تخمة وبطنة الغناء الفاحش، من فرط نهب المال العام والعبث بخيرات البلاد من غاز ونفط، وما حقيقة شريكة صونا طراك البترولية التي لا يعرف عنها الشعب الجزائري أي شيء سوى إسمها المتداول في الإعلانات والإشهار،والتي تعتبر حسب المحللين السياسيين والاقتصاديين (وزارة الخارجية الحقيقية للجزائر) وصندوق دعم الفساد للجنرالات ،لان الجزائر هي بلاد الجيش والجنرالات الحكام. شريكة صونا طراك الجزائرية صندوق اسود للذهب الأسود، خاص بالجنرالات والجهاز الحاكم في دواليب الدولة الصورية، يحيطونه بكامل السرية، ويتابعون نشاطه وازدهاره عبر أرصدتهم المفتوحة في وجه أرباح الشركة، التي تضخ في حساباتهم بالبنوك السويسرية وأبناك خارج البلاد،والتي تساهم معهم في مشاريع مشبوهة لتبييض الأموال المهربة وصفقات تجارة السلاح، ومعاملات مع عملاء ووسطاء اللوبي العالمي المتعامل مع الحكام الديكتاتوريين، والأجهزة الفاسدة في دول العالم الثالث وكل أنحاء العالم . (عدم الرقابة عل مال الشعب الجزائري، شجع جنرالات السيبة على شراء الذمم لترسيخ مقاربتها العدائية ضد المغرب). الغناء الفاحش لجنرالات القمع وسياستهم الديكتاتورية، أوح لهم بالتوسع والترامي على أرض وتراب خارج إطار سيادة الجزائر، لبسط الهيمنة والنفوذ والاستبداد والزعامة الإقليمية بمنطقة المغرب العربي. فكان أول عمل استفزازي وجس النبض للمغرب، هي حرب الرمال التي كانت أول فتيلة نار النزاع، الناجمة عن الأحداث التي ذكرها بلاغ رسمي أصدره المغرب يقول : ‹‹إن منطقة بنواحي امحاميد الغزلان، تعرضت تعمل عسكري من طرق جنود جزائريين توغلوا في التراب المغربي بحوالي 100 كلم، وقتلوا مدنيين وأتلفوا منشئات ومزارع ›› حسن النية والحكمة وربطة جأش المغرب،تجلت في شخص ملك البلاد. بأن بعت الحسن الثاني أنداك بمبعوثتين الأول مدني، وهو وزير الإعلام الراحل عبد الهادي بوطالب والتاني عسكري، وهو المدبوح لاستفسار الأوضاع لذا حكام الجزائر عن العمل العسكري المذكور، لكن الجنرالات لم يعبئوا برسالة المغرب، الداعية إلى احترام حرمة الجوار، بحيث كان ادعائهم بأن العمل العسكري تم داخل التراب الجزائري. وبعد هذا العمل الاستفزازي، كانت هناك مناوشات أخرى أفقدت المغرب صبره، وجعلته يحسم أمره بعمل عسكري ردا على ما قامت به الجزائر، وكان تقييما لميزان القوة ودرسا حقيقيا سجل في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية، وكانت صرخة بن بلة ‹‹ حگرونا........حگرونا›› صرخة امتعاض ووعيد بانتقام مبيت. والتي انضافت إلى مقولته التاريخية المشهورة ‹‹سأضع للمغرب في حدائه حجرا يسبب له جرحا لا يندمل›› الحرب الباردة سيمة العلاقة المغربية الجزائرية مند استقلال الجزائر، المناوشات والاستفزازات ودق طبول الحرب الغير المعلنة، هي ما لجأت إليه الجزائر وهي تعلم يقينا بأنها غير قادرة على إعلان حرب عسكرية باسمها في قضية تعلم أنها الطرف الظالم الجائر، بحيث أن تحت نفوذها أرضا ضمت إليها في فترة استعمارية. الجزائر تناور بلهجة استعمارية تدعوها ‹‹تصفية وتسوية مشاكل الحدود›› وتعللت بالفصل المعروف من ميثاق أديس أبابا القاضي بالإبقاء على الحدود كما تركها الاستعمار، وتضع قضية الصحراء المغربية رهن حساباتها الخاصة وتغالط المجتمع الدولي لتغييب الحقيقة الضائعة، عنه وعن الشعب الجزائري تحت ذريعة : ‹‹تمسك الجزائر الثابت باستكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء المغربية›› أكيد لن تنسى الجزائر هزيمتها في حرب الرمال، كما جاء في قولة الجنرال إدريس بن عمر،التي قال فيها أمام تلامذته (إن الجزائر لن تنسى هزيمتها أمام المغرب) وصدقت قولة وتنبؤات جنرال حرب الرمال ، وكان الانتقام الذي تم التخطيط له من طرف الجنرالات في مواجهتهم القدرة للمغرب، الاعتماد على تجييش المرتزقة من دول افريقية وغيرها، كما دفعت بالمغررين بهم من أبناء الصحراء المغربية من تيار دعاة الانفصال، إلى العصيان والتمرد، ودعمتهم وأسست بمعيتهم جمهرية وهمية تحت اسم الجمهورية الصحراوية ، احتضنتها واستعملتها حساما وذراعا واقيا لها، وذريعة لاستبداد الشعب الجزائري، وشغل الرأي العام المحلي،عن المشاكل الاجتماعية، وتأزم الوضع السياسي بالبلاد، وتضليل المجتمع الدولي عن أطماعها التوسعية بمنطقة المغرب العربي، وما يؤكد خلط الأوراق السياسية، واستغلال مواقع الضعف ومكامن الخلل لذا الديبلوسية المغربية، لعدم تواجدها وحضورها في رقعة الشطرنج السياسية، التي تتبارى فيها الحكومة الجزائرية والمغربية، ومن هذا المنطلق، جاءت قفزة بيدق الجزائر على رقعة التباري بملء نقطة الفراغ، في منطقة الوحدة الإفريقية التي انسحب منها المغرب، لقبولها عضوية البوليساريو بدعم من الجزائر، ولتعزيز موقفها المعادي للمغرب لوحت بتطبيق ما دعت له الهيئات والمنظمات الأمريكية، المعادية للمغرب فيما وصف بتوسيع صلاحية المينورسو بالصحراء المغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان . الحملات الجزائرية المعادية للمغرب، تستهدف المس بعلاقاته مع القوى العظمى وبلدان الساحل، وما زاد في قلق الجزائر الحضور الإفريقي الوازن للمغرب، وخاصة ما حصل في مالي من تطور إيجابي وسليم، بفضل مساعي المغرب وتدخله الإنساني لإعادة السلم والأمن في المنطقة. المغرب حسم الأمر مرة أخرى كما حصل في حرب الرمال ، وكانت المعركة الدبلوماسية التي قادها جلالة الملك محمد السادس إثر زيارته للولايات المتحدة، ولقاءه بالرئيس أوباما والتي اعتبرها المحللون والمتخصصون في السياسة الدولية، أنها حققت نجاحا دبلوماسيا في مختلف الملفات التي تمت مناقشتها، مع إعلان البيت الأبيض للدعم المطلق لحل قضية الصحراء باعتماد الحكم الذاتي، وما خلص إليه البيان المشترك الصادر في أعقاب القمة التاريخية التي جمعت القائدين العظيمين، وخاصة ما جاء في الفقرة التي تقر بموضوعية الحكم الذاتي، حسب الموقف الرسمي الأمريكي الذي عبر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الذي قال فيه :(إن خطة المغرب للحكم الذاتي للصحراء جدية وواقعية وذات مصداقية وانه تمثل مقاربة ممكنة يمكن أن تلبي تطلعات سكان الصحراء لإدارة شؤونهم في إطار من السلام والكرامة ). الجزائر خسرت الرهان، والموقف الأمريكي أحبط وأنهى الوهم الجزائري، و مناورة أبوحا لن تفي بالمطلوب الذي كانت تسعى إليه الجزائر، من خلخلة مفاهيم الأممالمتحدة حول قضية الصحراء المغربية، ولن تؤثر في العلاقة بين الرباط وواشنطن،التي مرت بها سحب عابرة لسوء فهم ما لبت أن انقشعت، بعد تجلي الرؤيا الحقيقية لموقف المغرب المتمثل في مبادرة الحكم الذاتي كمرجعية وحيدة، تحظى بتقدير المجتمع الدولي في الانفتاح على الحل السياسي. والعبرة بالخواتم كما يقال. 1 يناير 2014