- شْكون ؟ - والمقْدّم ألالاّ فَتَحتِ الباب بسرعة، و الخوف و التوجّس يغمرُ فؤادها المنفطر . - واش تسجلتي فاللوائح ديال المطلقات أُ لهجالات أو المساكين ؟ - لاّ أسيدي ، - اللوائح ديال الانتخابات و الدستور تسجلت فيها ملّي جيتي عندي ديك النهار...هاذي لي كلتي لاّ.. - دابا سيري لمُقاطعة أو تسجلي باش تاخذي "الماندة " كل شهر. لم تستطع كظم الفرحة التي غمرتها ، و لم تستطع تخليص فرحتها من صدمة دفعتها إلى التريث قليلا قبل أن يصدر منها أي فعل أو كلام . ارتبكت كثيرا ، ولم تجد غير انحناءة و طأطأة للرأس تعبيرا عن الامتنان و الشكر ، - ( منحنية ) : واخّا أسيدي ، دابا نسد " البِيت "(1) أو نمشي لمُقاطعة . حضَّرت على عجل خبزا و شايا لأطفالها الأربعة ، أيقظتهم واحدا واحدا ، وأعدَّتهم للذهاب إلى المدرسة مستعجلة الأمر لتوفير قسط من الوقت لأمر التسجيل . طابور طويل ، ممتدٌّ امتداد آلامها و جراحها ،نساء و رجال شحبت وجوههم يتجاذبون أطراف الحديث حول قدر الأجرة الشهرية التي خصصت لهم - 1000 درهم! ....2000 درهم ! الحمد لله مابقيناش منسيين ...المخزن تهلاّ فينا. توجهت نحو منتهى الطّابور ، ساعة ، ساعتان ، ثلاث ساعات ، لم تتمكن من التسجيل ، فكّرت في أبنائها . لقد حان وقت مغادرة المدرسة . تركت الطابور مُجبرة. و أثناء عودتها بمعية الأبناء ، ارتأت أن تطرق " السويقة " الأسبوعية . أفردت لقفتها خمسين درهما ، و احتفظت بالخمسين المتبقية تحسُّبا للطّارئ . فاجأتها الأسعار و العدد غير المعهود من الناس المتبضعين.. - البانان : 160 ريال - البصل : 46 ريال - الطماطم :52 ريال ملأت القفة عن آخرها ، و اشترت- و لأول مرة – لأبنائها بعضا من الحلويات ، و اللعب المستعملة . وردّت البسمة خدود أيتامها ، و الحيوية أجسادهم النحيلة . واصلوا المسير نحو " البيتْ " ، و في زاوية من زوايا إحدى المؤسسات الحكومية فوجئت بطابور آخر ، سألت إحدى زميلاتها في " الموقْفْ" (2) - آش كايفرقو هنا أصاحبتي ؟ - " الكريمات" اللي حيّْدْ المخزن لهدوك الناس الكبار - اعلاش ماعلمتينيش أصاحبتي ؟! - الأجل مفتوح أصاحبتي ، أُ لكريمات كاينة بالزايد ، غير وصّْلي الدراري أو رجعي رنّ المنبه المنهوك الصوت، و انتشلها بعنف من شرنقة حلم استلذذت به حينا ، واستطابتِ العودة إليه ، لكنْ!! .... كرّرت برتابة مُملّة ما تقوم به قبل مغادرة " البيت" ، وفي " الموقف" حكت حلمها مفصلا لزميلتها " رقية " ، ضحكت الأخيرة ملء فيها ، وضعت كفّها على كتف " مبروكة " ، كفٌّ تريد مواساتها . اهرورق دمعها ساخنا سخيا، ضمّتها نحو صدرها، التقى الجسدان النحيلان المنهوكان، تحاورا في غياب أي لغة أو كلمات، واست إحداهنّ الأخرى، نظرت نحوها، واليدان مثبتتان فوق ذراعيها المرسومتين بلون الشقاء و الكدح، سألتها وهي تحاول تغليف نظرتها بابتسامة مغتصبة : - واش شفتي البارح بنكيران فالتلفزة ؟ ادريس الحسناوي / الرشيدية – تنجداد · معذرة للقارئ(ة) على استعمال اللسان الدارج في بعض الأحيان ، لكن هذا كان مطلوبا لكي يتناغم انحدار الشخصيات المجتمعي مع كلامها في إطار بوليفونية واقعية . ينظر في هذا الشأن تصور كل من لوسيان غولدمان وجورج لوكاتش وبيير زيما للبوليفونية ( تعدد الأصوات) في الخطاب السردي. · (1) البيت(بكسر الباء) : يعني في اللسان الدارج المغربي الغرفة الواحدة . · (2) الموقف (بضم الميم) : مكان يجلس فيه العاطلون و العاطلات عن العمل في انتظار من يطلبهم كيَد عاملة، دون أي ضمانات قانونية .