لا أستطيع الخوض في أسباب موت سائق الدراجة بالدار البيضاء، الذي نتج عنه اعتقال شرطي المرور، ولا أعرف حيثيات القضية المحكومة بسرية التحقيق. وأتحفظ مثلما التزم باحترام ذلك، لتبقى المناقشة قانونية محضة تتناول ظاهر أمر الاعتقال الاحتياطي. وهو الثابت الذي تحكم في هذه المقالة من خلال الخوض في شرعية اعتقال الشرطي والحال انه بمناسبة مزاولته لاختصاصات واجراءات تدخل في نطاق عمله. والضحية حسب ووفقا للمتداول اعلاميا ارتكب مخالفات، انتهت بعدم الامتثال والمطاردة من طرف الشرطي الذي اوقع عليه تدبير الاعتقال الاحتياطي. وهي مناورة أي المطاردة تدخل في صميم الالتزام بالقيام بعمل الشرطي، الذي يسأل عنه بصرامة في حالة عدم القيام به، وعدم تحقيق النتيجة نظرا لما تشكله الجريمة من خطر داهم على النظام والأمن والسكينة العامة. والقانون المغربي ولئن أخد بنظرية السبب المباشر في الوفاة فانه فان حالة الاعفاء متوفرة في حالة الشرطي لأنه بمناسبة القيام بعمل يسمح به القانون. لأنه يدخل في اطار ممارسته لاختصاص في تسجيل المخالفات وتنظيم السير والمرور وواجب محاربة الجريمة وتعقب المخالفين في حالة التلبس. وقد يكون قرار متابعته في حالة اعتقال يتنافي مع الضمانات التي يتوفر عليها بحكم طبيعة عمله كموظف ينتمي الى اسلاك وظيفة قارة لا يخشى معه فراره لحضور جلسات التحقيق. وللاعتبارات القانونية الكثيرة المرتبطة بقرينة البراءة. وأعتقد أن المسؤولية ملقاة على غرفة المشورة أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لفحص وتقدير هذه الأمور المرتبطة بقرار الاعتقال الذي اتخذه قاضي التحقيق في اطار ولايته القانونية، واطلاق سراح الشرطي، امتثالا للشرعية القانونية وضمانا للأمن القانوني والضمانات التي يمنحها ويكفلها له القانوني بعيدا عن العواطف التي تتحكم في النقاش الدائر حاليا. فعندما نحتكم الى الشرعية القانونية تكون ضمانات المحاكمة العادلة متوفرة للشرطي كما لعامة المواطنين و المتقاضين رغم اختلاف صفاتهم ومهنهم وطبقاتهم الاجتماعية خلال طيلة اطوار المحاكمة بما فيه الاعتقال كتدبير استثنائي لا يتم اللجوء اليه الا وفق شروط خاصة. وقد حان الوقت لتشريع مسطرة خاصة لتوقيع الاعتقال قبل اتخاذه لأنه استثناء خارج قاعدة أن الأحكام الجنائية لا تنفذ الا بعد صيرورتها باته غير قابلة لأي طعن، والحرية عند سلبها فلا شيء يعوضها.