"حرصا من جلالته الكريمة على توطيد الأمن لرعاياه الأوفياء، وتوفير المناخ المهني المندمج لمنتسبي المديرية العامة للأمن الوطني، تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، وأعطى تعليماته السامية لتشييد منشأة متكاملة تقدم خدمات أمنية متطورة، تتمثل في تدبير عمل مصالح الأمن الوطني في مجال السلامة الطرقية، وشرطة النجدة، وتدبير نظام كاميرات المراقبة الحضرية بمدينة الدارالبيضاء". وبعد سنوات من الأشغال المتواصلة وعمليات تطوير وتأهيل هذا المشروع النوعي والطموح، تشرع المديرية العامة للأمن الوطني، يوم الخميس 7 أبريل 2022، في العمل بهذه البنية الشرطية المهيكلة التي تعتبر من الجيل الجديد للمنشآت الأمنية العملياتية، والتي تحمل اسم: "المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق بالدارالبيضاء" Poste Central de Commandement et de Coordination de Casablanca. ويهدف هذا الصرح الخدماتي إلى احتضان مجموعة من العمليات الأمنية الأساسية والحيوية ضمن بناية واحدة، تجمع بين الهندسة المعمارية الحديثة وبين المعايير التقنية والوظيفية التي تواكب المستوى المتقدم لعمل مصالح الشرطة، خصوصا تلك المتعلقة بتدبير نظام كاميرات المراقبة بحاضرة الدارالبيضاء، ثم مواكبة حركية النقل والتنقل داخل هذا القطب الاقتصادي والحضري، وأخيرا الجمع بين الاستجابة لنداءات النجدة الصادرة عبر خط الهاتف 19 وتدبير التداخلات الشرطية بالشارع العام ضمن فضاء معلوماتي وعملياتي موحد ومندمج. وهذا المركز هو عبارة عن بناية مكونة من طابق أرضي وأربعة طوابق تم تشييدها على بقعة أرضية تتجاوز مساحتها 500 متر مربع، متصلة خارجيا بشبكة تتكون من 210 كاميرا عالية الجودة تتحرك وفق زاوية 360 درجة، مرتبطة بنظام معلوماتي من الألياف البصرية يغطي مساحة العشرات من الكيلومترات من المدار الحضري للقطب الحضري بالدارالبيضاء ويحتوي الطابق الأرضي من هذه البناية على قاعة متعددة الاستعمالات (salle polyvalente)، يمكن استخدامها في تنظيم دورات التكوين المستمر والتخصصي، وعقد مختلف اللقاءات المتعلقة بالشأن الأمني بالمدينة. كما يضم هذا المركز قاعة للقيادة والتنسيق (قاعة متطورة للمواصلات) تمتد على طابقين، يشمل الأول منه قاعة متعددة المهام، يعمل بها مجموعة من مناولي الخدمات (Opérateurs) على تلقي نداءات النجدة الصادرة عن المواطنين عبر الخط الهاتفي 19 بنظام 7/7 و24/24، وذلك عبر أرضية تقنية تم تطويرها خصيصا من أجل تلقي ومعالجة أكبر عدد ممكن من الاتصالات بشكل متزامن، كما يتم تدوين المعطيات الأولية لاتصالات النجدة بشكل فوري ضمن قاعدة معطيات معلوماتية، قبل أن يتم توجيهها بشكل آني وفوري إلى قاعة تدبير المواصلات المكلفة بتوزيع المهام على فرق شرطة النجدة العاملة بالشارع العام. كما يشمل طابق آخر من هذا المركز على قاعة مواصلات عصرية ومتكاملة، وهي عبارة عن منظومة متكاملة تعمل على متابعة التدخلات الميدانية لمختلف فرق الشرطة العاملة بالمناطق الأمنية الإحدى عشرة التابعة لولاية أمن الدارالبيضاء، ينهض فيها 20 موظفا للشرطة بدور موزعي مهام، يتلقون نداءات النجدة ويسهرون على تنفيذ المستوى الثاني من مسار معالجتها، وذلك بتوجيه الدوريات الميدانية الأقرب جغرافيا إليها، ومتابعة نتيجة هذه التدخلات وتوثيقها ضمن قاعدة معطيات معلوماتية ذات تحيين آني، مع التزامهم بقواعد صارمة من النجاعة والاستجابة الفورية والإيجابية لنداءات المواطنين وفق مدد زمنية مدروسة بشكل مسبق حسب المسافة الجغرافية. وتحتوي هذه المنشأة أيضا على مركز متكامل لتجميع المعطيات وتخزينها وفق أحدث ضوابط الأمن السبراني (Data Center)، مزود بأنظمة قادرة على تخزين محتوى رقمي واستخراجه بشكل آني واستغلاله ضمن العمليات الأمنية وباقي المهام الخدماتية الموكولة لمصالح الأمن الوطني. كما تشمل باقي مستويات هذا المركز قاعة أخرى مخصصة لتدبير نظام المراقبة الحضرية (système de vidéo protection)لمدينة الدارالبيضاء الكبرى، مكونة من حائط شاشات متصل بمنظومة مكونة من 210 كاميرا مراقبة، تغطي معظم المحاور الطرقية والنقاط والمنشآت الحساسة بالقطب الحضري للعاصمة الاقتصادية للمملكة، وهي المنظومة المتصلة بشكل دائم مع قاعة القيادة والتنسيق، بحيث تبقى على استعداد دائم لتزويد عناصر الشرطة برؤية آنية ومحيطية على المناطق التي تغطيها كاميرات المراقبة، فضلا عن إمكانية استغلال تسجيلات هذه الكاميرات في الأبحاث والتحقيقات الأمنية داخل قاعات معدة خصيصا لهذا الغرض. ومن بين باقي البنيات التي يتوفر عليها المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق بالدارالبيضاء، هناك قاعات إضافية مخصصة لتجهيز الكاميرات المحمولة الخاصة بعناصر الشرطة، بحيث يتم في هذه القاعات شحن هذه الكاميرات وتوزيعها على عناصر الشرطة خلال بداية كل حصة عمل، على أن يتم تجميعها وتفريغ محتواها وتخزينه ضمن دعامات رقمية خاصة، مع توفير إمكانية تفريغ المحتوى الرقمي لهذه الكاميرات واستغلاله في الأبحاث الأمنية، وذلك ضمانا للشفافية في التدخلات الشرطية. وفي حالة الطوارئ، يحتوي المركز الجديد على مركز قيادة تدبير الأزمات، قادر على التعامل الفوري مع مختلف الحالات الاستثنائية، وهو مرتبط بكافة قواعد المعطيات الأمنية وموصول بمجموعة من أنظمة الاتصالات السلكية والمحمولة، مع توفره على استقلالية تامة وقدرة على اتخاذ القرار وتدبير حالات الطوارئ الأمنية بشكل دائم. وإلى جانب هذه التجهيزات الوظيفية، يتوفر المركز على جميع وسائل الراحة وبنيات الاستقبال الضرورية لموظفي الشرطة العاملين بنظام التناوب على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع، بحيث روعيت في تشييده وتجهيزه كافة المعايير الأمنية والهندسية المطلوبة في البنايات الأمنية عالية الحساسية والموجهة للتدبير العملياتي لتدخلات الشرطة، خصوصا تزويده بأبواب مؤمنة تفتح باستعمال المعطيات البيومترية والبطائق الإلكترونية، وأنظمة كشف الحرائق والتعامل معها، وكذا نظام داخلي للمراقبة بالكاميرات الحرارية. وتعتبر هذه المنشأة الأمنية المندمجة تجسيدا متقدما للمفهوم المشترك للأمن، بعدما ساهمت في تنزيل وتنفيذ هذا المشروع الهيئات المحلية المنتخبة ممثلة في مجلس جهة الدارالبيضاءسطات ومجلس مدينة الدارالبيضاء وشركة الدارالبيضاء للنقلCASA Transport بينما ستتولى مصالح الأمن الوطني بمدينة الدارالبيضاء مهمة استغلال هذه المنشأة لتقديم خدمات أمنية متطورة تكون في مستوى انتظارات المواطنين، وقادرة على مواكبة التطورات الأمنية المتسارعة والتحديات الإجرامية المستجدة.