اد قانون منع ارتداء الحجاب ليطفو مجددا على السطح في فرنسا بعد ظهور امرأة محجبة خلال اجتماع لأحد المجالس المحلية، وهو ما أثار جدلا واسعا وكشف اختلافا لدى الفرنسيين في تأويل القانون. فقد لاح الانقسام جليا داخل الحكومة نفسها، وتكشف خلاف بلغ حد التناقض في تأويل النص القانوني، بعد أن طالب البرلماني اليميني جوليان أودول بنزع حجاب مواطنة ترافق أطفالا -من بينهم ابنها- لاجتماع المجلس. ورغم إدانة الوزراء لتصرف البرلماني فإن الحادثة أعادت فعليا هذا القانون لدائرة الضوء، وبات التساؤل واضحا عما إذا خالفت المرأة القانون أم لا؟ كما اعترفت السلطات بوجود خلاف حقيقي بشأن فهم النص القانوني. ففي حين يرى بعض أعضاء الحكومة أن ارتداء الحجاب لمرافقات الرحلات المدرسية غير محبب، يعتبر البعض الآخر أن منع المرافقات من ارتداء الحجاب قد يضر الرحلات المدرسية ويؤثر سلبا عليها خاصة وأن النص القانوني لم يمنعهن صراحة من ارتدائه. ماذا يقول القانون؟ وانطلاقا من هذه الحادثة، أصبح السؤال الذي يطرحه الفرنسيون اليوم: أين يمكن ارتداء الحجاب بالضبط؟ وما هي الظروف التي تسمح بارتدائه؟ إدارات الدولة حتى الآن يتفق الفرنسيون على أن القانون ينص على منع موظفات الخدمة العامة من ارتداء الحجاب أيا كان موقعهن، على غرار العاملات في إدارات يرتادها المراجعون، وكذلك العاملات في مصالح وأقسام الخدمة المدنية اللاتي لا يستقبلن مراجعين بحكم وظائفهن، فهؤلاء يجبرهن القانون على التزام الحياد والامتناع عن « التعبير عن قناعاتهن الدينية » خلال العمل. في المقابل، لا يمنع القانون المراجعات لهذه المصالح من ارتداء الحجاب والتعبير عن معتقداتهن الدينية شرط احترام النظام العام وعدم الإخلال به، وهو ما يرى فيه البعض قصورا في هذا القانون وعدم تناسق بين بنوده. أما أعضاء الجماعات المنتخبة فلا ينص القانون على ضرورة الالتزام الحياد، وبإمكان المرأة المحجبة أن تقدم ترشحها على القائمات الانتخابية، لكن خلال ممارسة مهامها تختلف التفسيرات لهذا القانون إلى حد التناقض والتضارب. فمثلا بإمكان المرأة المنتخبة بالمجالس البلدية الاحتفاظ بحجابها خلال اجتماعات المجلس، لكن البعض يرى أن عليها نزعه خلال بعض المهام التي تندرج في إطار إسداء الخدمات العامة للمراجعين مثل إبرام عقود الزواج مثلا لأنها تصبح حينها خاضعة لقانون الحجاب المتعلق بالوظيفة العمومية. المؤسسات التعليمية أما في المؤسسات التعليمية فلا ينص القانون على منع الحجاب في الجامعات، لكنه يمنع ارتداءه في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية فقط على الطالبات والمدرسات، ولا يشمل الوليات المرافقات للتلاميذ باعتبار أنهن يقدمن فقط دعما لوجستيا للطلاب ولا يقدمن خدمات للعموم حتى يشملهن القانون. ورغم صدور مرسوم خلال عام 2012 يمنع الوليات المرافقات للتلاميذ من ارتداء الحجاب فإن مجلس الدولة قرر عام 2013 أن الوليات المرافقات لا يمكن اعتبارهن موظفات لدى الدولة، وبالتالي لا يخضعن لقانون منع الحجاب ليلغي بذلك المرسوم السابق.