توفي قبل قليل الدكتور ميلود الحمدوشي، بدار بوعزة بمدينة الدارالبيضاء، الروائي المغربي ميلودي حمدوشي، أو « المفتش كولومبو » كما يحلو للكثيرين تسميته، وذلك بعد سنوات من البحث والإبداع في مجال الرواية البوليسية التي ظلت عنوانا بارزا لمساره الأدبي الذي لم يضاهيه فيه كاتب آخر . وسجل الحمدوشي في هيئة المحامين بالدارالبيضاء في يوليوز 2016، بعد أن مارس المحاماة بهيئة باريس وكان قبل ذلك عميد شرطة، ومدير بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة. واشتغل الراحل كأستاذ للقانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة الحسن الثاني، بالبيضاء، وهو إلى جانب ذلك أديب وصاحب العديد من الروايات البوليسية، وألف في مجال القانون الجنائي وقوانين الحريات العامة. فالراحل ابن مدينة سيدي بنور، الذي باغته المرض ولم يترك له مجالا للمزيد من الكتابة والعطاء في مجال أحبه حد الهوس حتى لقبه الجمهور المغربي ب « المفتش كولومبو » أو « بيتر فالك المغرب »، نسبة للسلسلة الأمريكية التي كان بطلها فالك، حيث أغنى الخزانة المغربية بإصدار عدد من الروايات البوليسية باللغتين العربية والفرنسية، تحول بعضها إلى أعمال درامية لقيت نجاحا كبيرا كرواية « الحوت الأعمى » التي تحولت إلى شريط تلفزيوني. وعمل الراحل قبل احترافه للكتابة الروائية في سلك الشرطة لعدة سنوات، وطموحه جعله يوازي بين العمل والدراسة، إذ استكمل دراساته العليا في علم الإجرام وحصل على الدكتوراه، مما أهله إلى الانتقال إلى الجامعة كأستاذ للتعليم العالي في القانون الجنائي، لكن غواية الكتابة ظلت ترافقه فاستقام له ذلك عبر بوابة جنس الرواية البوليسية. وقد سبق للراحل حمدوشي أن صرح بأن المغرب يتميز عن دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بتطور جنس الرواية البوليسية التي تظل صنفا نادرا في معظم بلدان المنطقة برأيه، واعتبر أن هذا الجنس وخلافا للأجناس الروائية الأخرى التي يلجأ فيها الروائيون إلى الرمزية وإعمال الخيال، تستند إلى أحداث واقعية، تحلل أسبابها الموضوعية والنفسية والاجتماعية. ولم يكن هذا الارتباط بالروايات البوليسية أمرا اعتباطيا، بل قادته إليها طبيعة اشتغاله ومراحل سجل فيها العديد من القضايا التي عمل على فك خيوطها، وزاد من تعمقه في هذا الجنس الأدبي دراساته الأكاديمية في القانون الجنائي وعلم الإجرام، إذ شكلت إضافة نوعية لمساره وتميزه وتطويعه لسرد الوقائع بشكل جذاب ومثير. تجربة حمدوشي الأدبية التي اختار منها كتابة الرواية البوليسية، باللغتين بالعربية والفرنسية، لم تكن وفق النقاد، تقريرية، إذ تقاطعت فيها اللغة الشعرية، والفكرية الغنية بالدلالات وبالخصائص الكتابية التثقيفية، لتجعل منه اسما ضمن ألمع الأسماء العالمية التي اهتمت بهذا النوع من الكتابة. وقد خلف الراحل، بالإضافة إلى عدد من الروايات، من ضمنها « الحياة الخاصة » و »مخالب الموت » و »حلم جميل » و »ضحايا الفجر » و »أم طارق »، عددا من الدراسات والمؤلفات القانونية.