تعكف العائلات الشلفية خلال عيد الأضحى المبارك على إحياء عادات وتقاليد تمت بصلة للموروث الثقافي والاجتماعي، وتعطي الأجواء نكهة خاصة تجمع ما بين الماضي والحاضر, على غرار عادة « عارفة » التي لا تزال إلى غاية اليوم تقاوم الاندثار. تتجول مجموعة من الفتيات صبيحة يومي العيد عبر الأحياء مرددات مجموعة من الكلمات عنوانها « عارفة، لتجمع ما جادت به ربات البيوت عليهن من دقيق وخضر ولحم، يتم طبخها بإحدى منازل الحي وتوزع على الفقراء والجيران, في مشهد ينم عن تضامن وتكافل اجتماعي ضارب في تاريخ المنطقة. وببلدية الأبيض مجاجة، تجهز الحاجة فاطمة (ربة بيت) الفتيات اللاتي يحملن سلالا لتتجولن بحي اليرمول وهن ينشدن كلمات من التراث، تحث على التضامن والصدقة, فيحيين بها عادات الأجداد ويصنعن مشاهد نادرة في زمننا هذا, تستوقف فضولك في الأخير للغوص والاستقصاء عن تاريخ « عارفة ». وتروي الحاجة فاطمة, كيف كانت ونظيراتها تجمعن خلال يومي كل عيد, الخضار والدقيق واللحم ليتم طهي وتحضير ما لذ من الأطباق التقليدية سيما طبق الكسكس, الذي يوزع على الفقراء وأبناء الحي, لافتة إلى « سعيها وجميع ربات البيوت من أبناء جيلها للمحافظة على هذه العادة ». وتضيف : « كنا نردد كلمات بسيطة في نطقها ولكنها عميقة في دلالتها (…) ننشدها بكل براءة ولكنها كانت تلقين وترسيخ لقيم التضامن والتكافل الاجتماعي لأبناء جيلنا (…) ونسعى اليوم للحفاظ على هذه العادة الحميدة, — عارفة — هي صلتنا مع أجدادنا وهويتنا وانتمائنا وتقاليدنا ». ورغم أن احياء « عارفة » قد تراجع مقارنة بما مضى, ترى رئيسة جمعية أحلام للتبادل الثقافي, خيرة بربري, أن هذه العادة لا تزال تحافظ على وجودها بعديد المناطق خاصة أن المجتمع الشلفي معروف عنه تمسكه بالعادات والتقاليد. وتضيف : » لا يمكن أن نحتفل بعيد الضحى المبارك دون عارفة, هي عادة الأجداد ومن واجبنا كأبناء المنطقة قبل أن نكون أعضاء في جمعية تسعى للحفاظ على الموروث الثقافي والاجتماعي المحلي, احياؤها وتلقينها للأجيال الجديدة ». واستقت وأج آراء مجموعة الفتيات اللاتي أحيت « عارفة » خلال اليوم الاثنين, فكانت الردود على براءتها تصب في خانة الوعي وإحياء سنة السابقين, سيما أنها تسعى (عارفة) إلى نشر قيم الصدقة والتضامن والتكافل فيما بين أبناء المنطقة. وثم ن السي د عبد القادر (والد إحدى الفتيات) إحياء عادة « عارفة » من طرف أبناء جيل اليوم في مشهد يقول عنه أنه عاد بذاكرته لزمن مضى, كانت فيه ظروفه صعبة لكن « عارفة » ضمنت له فرحة العيد وأجواء احتفالية خاصة في ذلك الوقت. وتبقى « عارفة », السنة الحميدة التي سن ها السابقون تقاوم الاندثار وتصنع الحدث في أيامنا هذه, على أمل أن تكون حلقة الوصل بين الأجيال والمنفذ إلى تاريخ الأجداد بما يحافظ في الأخير على عادات وتقاليد خاصة للاحتفال بعيد الأضحى المبارك.