يعيش التحالف الحكومي أزمة جديدة تهدد تماسكه الهش على بعد 3 سنوات من نهاية عمر الولاية الحكومة الحالية. وشكلت قضية التجار النقطة التي أفاضت الكأس، ففي الوقت الذي دعا فيه عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، الحكومة إلى تتحمل مسؤوليتها بخصوص الإجراءات الضريبية الجديدة، والتي تهم التجار، عدم تحميلها لوزير المالية. وواصل أخنوش توجيه مدفعيته الثقيلة نحو العدالة والتنية حلفيه الحكومي، معتبرا أن هذه الإجراءات تقررت دون استشارة التجار، والذين عبروا عن رفضهم لهذا القرار، وأن الحكومة عليها التراجع عنها وسجل أخنوش أن قانون المالية ليس قانون وزير المالية، بل هو قانون رئيس الحكومة، والذي وقعه بنفسه وذهب به إلى البرلمان، مستغربا تحميل حزب العدالة والتنمية مسؤولية الاحتجاجات لوزير المالية، وهو الذي (حزب العدالة والتنمية) يترأس لجنة المالية خلال الولاية السابقة والحالية. وهاجم مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، حزب التجمع اوطني للأحرار، مستغربا تحميل المسؤولية للحكومتين الحالية والسابقة في قضية موضوع التجار، دون الالتفات إلى المسؤولية المباشرة لوزراء الأحرار، والذين يتحملوا مسؤولية بعض القطاعات التي لها علاقة مباشرة بالتجار. وقال الرميد: » لقد جاءت صيغة البيان وكأن حزبكم يقع خارج الحكومة لا داخلها، حزبا أجنبيا عن التدبير الحكومي، وليس حزبا له وزراء يتحملون النواة الصلبة من المسؤوليات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالموضوع، (وزير الاقتصاد والمالية ووزير الصناعة والتجارة). وفي هذا الصدد قال عبد الإله سطي باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري كلية الحقوق أكدال الرباط « إذا تتبعنا بشكل متفحص السياق الذي ولد فيه التحالف الحكومي الحالي، سنجد الكثير من التفسيرات التي يمكن الرجوع إليها لاستقراء الوضعية التي تمر منها العلاقة بين الحزبين الرئيسيين اللذان إن شئنا أن نقول يشكلان قطبين مختلفين داخل الأغلبية الحكومية الحالية ». وسجل المتحدث ذاته في تصريح ل »فبراير » أن القطب الأول يقوده العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية والقطب الثاني بقيادة التجمع الوطني للأحرار يتبعه فيه كل من حزب الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي ثم الاتحاد الدستوري »، مضيفا أنه « يمكن القول أنه منذ البداية لم تقم الحكومة على قاعدة صلبة، بل على قاعدة هشة بأحزاب متعارضة في مرجعياتها ومنطلقاتها وحساباتها السياسية، وهو ما انعكس بشكل سلبي على منسوب ودرجة الثقة بين جل مكوناتها، الشيء الذي يفسر إلى حد كبير حالة التنافر التي تمر بها حاليا خصوصا بين البيجيدي وبين الأحرار. واعتبر سطي أن غياب اجتماع القيادات الحزبية المكونة للحكومة منذ أشهر عديدة، هو مؤشر على حالة النكوص الذي يعرفه الانسجام الحكومي، مشيرا إلى أن هناك معطى آخر يمكن أن يكون مساعدا في عملية التفسير، ويقضي بكون أن الأحزاب السياسية المكونة للحكومة، تشتغل على واجهتين، واجهة لتدبير المسؤوليات الوزارية وواجهة تنظر نحو الانتخابات التشريعية ل2021. وخلص سطي إلى أن الطموحات الانتخابية السابقة لآوانها، أدخلت مكونات الحكومة في صدامات داخلية وصلت لحد التراشق الإعلامي الذي شهده حزبي العدالة والتنمية مقابل حزب الأحرار، جراء مسلسل الإضرابات التي خاضها التجار في العديد من المدن المغربية، الناتج عن فرض نظام الفورتة الإلكتروني. وزاد قائلا « وبالتالي مربط الفرس في الخلاف القائم حاليا بين أطياف التحالف الحكومي، هو أن الكل وضع رهانه حول الانتخابات التشريعية المقبلة، لهذا تظل الخلافات والتناقضات داخل الحكومة مرشحة لمزيد من التصعيد، ما دام الأفق ليس تنزيل البرنامج الحكومي والبث في انتظارات شريحة واسعة .