خرج القاضي حكيم الوردي، عضو نادي القضاة بالمغرب، ونائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، منتقدا موقف مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وبلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، حول موضوع إحالة عبد العالي حامي الدين على المحاكمة بتهمة « المشاركة في قتل الطالب اليساري أيت الجيد بنعيسى، واصفا هذا الموقف ب »الخطاب العنيف ». واعتبر الوردي هذا الأمر « على درجة كبيرة من الخطورة، ليس فقط لكونه يشكل تدخلا في قضية معروضة على القضاء وخرقا للمادة 109 من الدستور، ولكن لمساسه بسمعة واستقلالية القضاء، من أعضاء في السلطة التنفيذية والتشريعية، وقد يستشهد به مستقبلا من طرف منظمات حقوقية دولية ». ولفت عضو نادي قضاة المغرب، في تصريح صحافي، إلى أن هذا الأمر « يشكل انتهاكا جسيما لكرامة ونزاهة القضاء، فضلا عن أجواء الشحن التي خلقتها الهبة والنفير الحزبي في مواجهة قرار قضائي ». وشدد المسؤول القضائي على أنه مهما كان الموقف من القرار الصادر عن قاضي التحقيق في حق القيادي في حزب العدالة والتنمية في قضية مقتل آيت الجيد « لا يمكن مواجهته إلا بالطرق المحددة في قانون الإجراءات الجنائية »، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه « لا يجوز التعليق على قضية معروضة على القضاء ». وأكد عضو نادي قضاة المغرب نائب الوكيل العام للملك أن « الدفع بسبق البت دفع موضوعي يستقل بتقديره قضاء الحكم وليس قاضي التحقيق، ويستلزم وحدة في الوقائع »، مضيفا أنه « لا يتصور أن يصدر عن قاضي التحقيق الطويلب، المعروف بتجربته وكفاءته ونزاهته، أمر بالإحالة عن وقائع سبقت المحاكمة عنها، علما أن المساهمة في مشاجرة نتجت عنها وفاة ليست هي المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد »، وزاد: « المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية واضحة مادامت تمنع المتابعة من جديد عند البراءة أو الإعفاء ». وتساءل الوردي « هل أثناء المحاكمة سنة 1993 كان هناك شاهد أدى اليمين وصرح تحت مسؤوليته بأن المتهم ساهم في قتل الضحية؟ لو كان لما أدين من أجل مجرد جنحة »، لافتا إلى أن « تصريحات الشاهد المعتمدة في المتابعة التي أدلي بها فقط في 26/12/2016 أظهرت وقائع لم يسبق أن حوكم أو أدين من أجلها المتهم، لذلك كان مفهوما قرار الحفظ المتخذ من طرف الوكيل العام للملك لدى استئنافية فاس سنة 2012، وكذا قرار قاضي التحقيق بعدم فتح تحقيق سنة 2013 لأن الوقائع الجديدة التي نسبت للمتهم بينت أنه وضع رجليه على رأس الضحية وساهم في قتله عن إصرار وترصد، ولم تظهر إلا بمناسبة أداء شهادة في دجنبر2016، في القضية التي لازالت معروضة على غرفة الجنايات بفاس ». وشدد نائب الوكيل العام للملك على أن إحالة الملف على غرفة الجنايات « يرفع السرية، ولا شك أنه بإمكان الجميع تتبع المحاكمة التي يعتبر المتهم في ظلها بريئا إلى حين إدانته بقرار مكتسب لقوة الشيء المقضي ومستنفد لجميع طرق الطعن ». ودعا المسؤول القضائي الجميع إلى « احترام أحكام القضاء ترسيخا لاستقلاليته في مرحلة انتقالية مهمة لا يمكن التشويش عليها بمنطق فئوي »، وزاد: « على جميع الفرقاء السياسيين النأي بالقضاء عن التجاذبات ومحاولة إقحامه في كل مناسبة في التراشقات السياسوية، فالقضاء لا شأن له بالسياسة ». كما دعا الجمعيات المهنية للقضاة إلى « مواجهة حملة التشكيك والترهيب بالدعوة إلى اجتماع استثنائي لأجهزتها التقريرية لاتخاذ ما يلزم لإيقاف نزيف الكرامة وفرملة محاولة التأثير، لاسيما وأن بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية يخبرنا عن تشكيل لجنة برئاسة شخصية حكومية لتتبع ملف معروض على السلطة الفضائية ». جدير بالذكر أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس قرر متابعة المستشار البرلماني عبد العالي حامي الدين بتهمة المشاركة في القتل العمد في قضية آيت الجيد بنعيسى، وإحالته على غرفة الجنايات.