بدأ الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ليل السبت الاحد تنفيذ عقوبته القاسية بالسجن بتهمة الفساد بعد ايام من الاضطراب شهدت سقوط هذه الشخصية في حركة اليسار في العالم، حسب تقرير وكالة الأنباء الفرنسية. ووصل المرشح الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية في تشرين الاول/اكتوبر على متن مروحية الى سطح مقر الشرطة الفدرالية في كوريتيبا (جنوب) التي توصف بانها عاصمة مكافحة الفساد في البرازيل. وبينما كانت المروحية تهبط فوق سطح المبنى، أطلق معارضون للولا يرتدون قمصانا بلون علم بلدهم، العابا نارية وقاموا بقرع اوان للطبخ. وقد هتف بعضهم « يحيا سيرجيو مورو! » مشيرين بذلك إلى القاضي الذي أمر بسجن لولا. وفي الوقت نفسه، أطلقت الشرطة البرازيلية الغاز المسيل للدموع لتفريق هؤلاء المتظاهرين ما ادى الى سحابة من الدخان. وأصيب ثمانية أشخاص بجروح طفيفة أحدهم برصاصة مطاطية، وفق ما ذكر رجال الإطفاء. ولولا محكوم بالسجن بعد ادانته بتلقي شقة فخمة على شاطىء البحر من شركة للاشغال العامة، مقابل تسهيلات لحصولها على عقود عامة. واستقل لولا المروحية من ساو باولو الى كوريتيبا. وكان ناشطون منعوه اولا من مغادرة مقر نقابة عمال المعادن في ساو برناردو دو كامبو احدى ضواحي العاصمة الاقتصادية للبرازيل. وقد اضطر للعودة الى داخل المبنى حيث بقي لاكثر من ساعة. بعد ذلك قام رجال امن بفتح الطريق له بصعوبة ليتمكن من الرحيل على الرغم من تدفق المزيد من انصاره. وكان محاموه اجروا مفاوضات الجمعة مع السلطات حول شروط اعتقال ماسح الاحذية هذا شبه الامي الذي وصل الى رأس الدولة. وسيقيم في زنزانة تصل مساحتها بالكاد الى 15 مترا مربعا ومزودة بمرحاض وحمام خاصين، في مقر الشرطة الفدرالية في كوريتيبا، قبل نقله الى سجن آخر. وقال القاضي سيرجيو مورو ان الزنزانة جهزت خصيصا لتليق بلولا بصفته رئيسا سابقا للبلاد « بعيدا عن السجناء الآخرين وعن المخاطر على سلامته، الجسدية منها والنفسية » في بلد معروف باكتظاظ سجونه. وكان لولا أعلن في وقت سابق من السبت أمام آلاف من انصاره اليساريين انه سيسلم نفسه الى الشرطة. وقد بدا التأثر عليهم وهتفوا « لا تسل م نفسك » و »لولا حر! ». لم يعد ممكنا للرئيس الاسبق تجنب السجن بعد يومين على صدور مذكرة التوقيف عن القاضي سيرجيو مورو بعدما ثبتت محكمة الاستئناف الحكم بسجنه لفساد وغسل اموال. وقال رمز اليسار في اميركا اللاتينية « سأمتثل لمذكرة التوقيف ». واضاف « لكنني مواطن مستاء (…) ولا اقبل بان يقال في البلاد انني لص ». قال لولا « اريد مواجهتهم » في اشارة الى متهميه، متسبعدا كل اقتراحات الهرب او اللجوء الى الخارج. ووعد باثبات براءته. واضاف الرئيس الاسبق (2003-2010) ان « مورو كذب » في اشارة الى عدوه اللدود الذي يحقق في فضيحة « الغسل السريع » المرتبطة بمجموعة بتروبراس النفطية والتي يعد لولا ابرز شخصياتها. ويؤكد لولا انه ضحية تلاعب من قبل « النخب » بهدف منعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة. وقال ان « همهم هو ان يكون لديهم صورة للولا سجينا » وهو يخضع لتحقيقات في ست قضايا اخرى مرتبطة بالفساد المستشري في البرازيل. وقد القى خطابا امام مقر نقابة عمال المعادن حيث تحصن ليومين متحديا السلطات ولم يسلم نفسه في المهلة التي كانت محددة الجمعة. وقبل ان يسلم نفسه، طلب لولا ان يتمكن من حضور قداس عن روح زوجته ماريزا ليتيسيا التي توفيت العام الماضي وكانت ستبلغ الثامنة والستين من العمر السبت. وجرى القداس أمام مقر نقابة عمال قطاع المعادن التي قادها في سبعينات القرن الماضي في عهد الحكم العسكري الديكتاتوري. ومن هنا بدأ صعود الرجل الذي يلقى تأييدا ومعارضة متساويين في البرازيل واصبحت السياسة محور حياته. وحتى وهو في السجن يمكنه التسجل كمرشح للانتخابات الرئاسية وان كان يبدو بعيدا عن السابق قبل ستة اشهر من اقتراع تزداد نتائجه غموضا. وسيعود الى هيئة القضاء الانتخابي البت في نهاية المطاف في مسألة امكانية ترشحه بينما تشير استطلاعات الرأي الى انه يتقدم بفارق عشرين نقطة في نوايا التصويت على اقرب منافس له مرشح اليمين المتطرف جاير بولسونارو.