تتطلع نساء السعودية الى ان يتأقلم رجال المملكة المحافظة سريعا مع فكرة السماح للمرأة بقيادة السيارة، قبل أشهر من جلوس ملايين النساء في مقعد السائق للمرة الاولى. حظر على المرأة السعودية قيادة السيارة لعقود استنادا الى فتاوى دينية أصدرها علماء وشيوخ، بينهم من اعتبر ان النساء يفتقدن الى الذكاء الكافي لقيادة السيارة، وان السماح لهن بذلك سيقود الى الاختلاط بين الجنسين. ورغم ان هذا الحظر انتهى الاسبوع الماضي بموجب قرار ملكي، على ان يدخل حيز التنفيذ بدءا من حزيران/يونيو المقبل، فان نساء المملكة لا زلن يخشين عوائق أخرى امام قيادتهن للسيارة بينها طبيعة العلاقة بين الجنسين القائمة على نظام ولاية الرجل على المرأة. وقال سائق سيارة أجرة يعمل في شركة نقل خاصة في الرياض « بالامكان رفع الحظر، لكن لا يمكن إجبار الرجال على السماح لاخواتهم وزوجاتهم بان يقودوا » السيارات، مضيفا « انا رب العائلة، وانا من يتخذ القرار ». وتنسحب وجهة النظر هذه على شريحة واسعة من السعوديين في المملكة التي تمنع بشكل عام الاختلاط بين الجنسين رغم بوادر الانفتاح الاخيرة التي يقف وراءها ولي العهد الشاب الامير محمد بن سلمان (32 عاما). على وسائل التواصل الاجتماعي، تنبأ مغرد في تويتر بوقوع حوادث كثيرة مع بدء جلوس المرأة خلف المقود، ما قاد الى سلسلة من الردود المؤيدة والمعارضة. كما نشر سعودي تسجيل فيديو تعهد فيه ب »حرق » اي امرأة تتعطل سيارتها. وتخشى نساء في السعودية من ان تؤدي هذه التصرفات الى عرقلة سعيهن للحصول على رخص قيادة السيارات، عبر منعهن من اجتياز اختبارات القيادة. الا ان السلطات اكدت على لسان وزارة الداخلية انها ستطبق القرار الملكي بشكل كامل. وقبل نحو تسعة أشهر من موعد تطبيق القرار، بدأت السعودية العمل على استقدام مدربات والتخطيط لاقامة مدارس لتعليم قيادة السيارات خاصة بالنساء. وشرعت وسائل الاعلام من جهتها الى إبراز منافع القرار اجتماعيا واقتصاديا. ونشرت صحيفة « اراب نيوز » الناطقة بالانكليزية رسما بيانيا قالت فيه ان الرجال يتسببون بحوادث سير أكثر من تلك التي تتسبب بها النساء، معتبرة ان السماح للمرأة بركوب الجمال في زمن النبي محمد يعني انه بامكانها قيادة « الجمال الحديثة »، اي السيارات، في الوقت الراهن. من جهتها، نشرت صحيفة « سبق » الالكترونية رسما كاريكاتوريا قارنت فيه بين السائق الاجنبي في السعودية، والسائقة السعودية. في خانة السائق، وضعت العديد من المصاريف والطباع، وبينها الراتب، وتذاكر السفر، والانفعال، واتلاف السيارة. اما خانة المراة، فاقتصرت على الحب والحرص والمراعاة والاهتمام والالتزام. رغم الحملة المؤيدة لقرار السماح للمراة بقيادة السيارة، فان السلطات السعودية تحاول تجنب استفزاز الجناح المتشدد في المؤسسة الدينية، حسب تقرير وكالة الانباء الفرنسية. وكانت هيئة كبار العلماء أعلنت فور صدور القرار عن تأييدها للخطوة التاريخية. وبرى خبراء ان موافقة الهيئة بعد عقود من الرفض تشير الى ان الحكومة بدأت تحد من نفوذ المؤسسة الدينية التي لطالما مارست التأثير الأكبر على الحياة السياسية والاجتماعية. ويقول جيمس دورسي من مدرسة راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة « من غير المعقول ان يكون العلماء قد أدركوا فجأة ان معتقداتهم » التي برروا من خلالها رفضهم للسماح للمرأة بقيادة السيارة « خاطئة ». وصدر القرار في خضم بوادر انفتاح اجتماعي مع السماح للنساء مؤخرا بدخول ملعب لكرة قدم لحضور احتفالات العيد الوطني، واقامة مجموعة من الفاعليات الموسيقية المختلطة وغير المسبوقة في احد شوارع الرياض. ورغم ذلك، فان النساء في السعودية لا يزلن يواجهن مجموعة من القيود الصارمة، وبينها نظام ولاية الرجل على المرأة الذي يعطي الذكور حق منح النساء الاذن بالسفر وغيرها من الامور. وقالت مؤسسة « ريسرتش ايكونوميكس » للابحاث مؤخرا « قد ننتظر سنوات قبل ان يسمح المجتمع السعودي بدور اكبر للنساء ».