زرتها في بيتها. عفوا في غرفتها المجاورة لأكثر من غرفة مكتراة حيت يرقد قاطنوها في ظروف بئيسة. بالكاد يمكن أن تتنفس هي ومولودها الاكسجين في حي فقير بمدينة سلا، أما الحميمية فشيء مستحيل في غرفة لابد وأن تسمع أزيز الأبواب المجاورة لها، وخطوات وهمسات الجيران حيث تتكدس كل أسرة هناك بمعدل أربع أفراد في الغرفة الواحدة. سرير، تلفاز صغير، دولاب، ومطبخ عبارة عن قطعة بلاستيكية تضم كل شيء: الملعقة والطنجرة والكوب.. الوصول إلى بائعة مناديل الورق أو "كلينكس" يمر بالضرورة عبر عصير الواد الحار الذي يؤثت الزقاق العشوائي، والأكياس البلاستيكية المملوءة ببقايا الواد الحار غذت تقليدا روتينيا لإزاحة الرائحة.. "شعرت بالحكرة لأنني أنجبت في الشارع.." هكذا قالت ل"فبراير.كوم" والدموع تغالبها. "عبرْنا زوج صباع وربطنا المصيرينة من التحت وقطعناه بالمقص.." بهذه العبارات تختزل فترة المخاض شابة وضعت مولودها غير بعيد عن مقر إقامة رئيس الحكومة، حيث تروي لنا كيف تطوعت وصديقتها لإخراج ابنها إلى الوجود، بعد أن نهرتها الممرضة حينما علمت أنها مجرد حامل بدون رقم، بدون حساب بنكي، وبلا هوية اجتماعية، لا رقم في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أو مبلغ مالي تدسه تحت الطاولة.. نهرها الشرطي وتفرج عليها المارة وبعض الأطفال رموها بالحجارة وهي تلد! إنها حكاية تختزل معاناة مغربيات ولدن في العراء، سواء في الشارع أو في حديقة المصحة التي رفضتهن، أو في الطاكسي، وتسائل الحكومة التي تعهد رئيسها بأن لا يتكرر هذا مادام في منصبه، وها قد تكرر وسيتكرر! ولدت محاورتنا في واحدة من البوادي المعزولة في المغرب المنسي، ولم يتسن لها أن تتابع دراستها وهي ابنة الدوار المهمش والمعزول، وقدرها أن تهاجر إلى العاصمة الرباط لتتحول إلى بائعة المناديل الورقية وهي تلهث تحت أشعة الشمس وراء دريهمات تدفع بها مصاريف الكراء وتربية ابنتها الكبرى ومولودها الذي انجبته في العراء! قالت لنا:"المخزن كيحيح عليا في الزنقة في العشية، لأنني أبيع المناديل الورقية في الشارع، ماذا يريدونني أن أفعل أنا لم أدرس..هل يريدونني أن أرتمي في أحضان الفساد..لن أفعل ومن حقي أن أبيع المناديل الورقية..لماذا يسحبونني بالقوة إلى مركز عين عتيق؟ لماذا يذيقونني العذاب هناك؟.." لديها أكثر من حكاية مع دوريات الأمن التي تطاردها وهي تبيع المناديل الورقية في الأحياء الراقية، فأكثر من مرة تزج بها الدوريات إلى مركز عين عتيق، حيث يصفونها بالمتشردة أو "الشمكارة".. فضلنا أن لا نحاورها بوجه مكشوف، لأن محيطها لم يرحمها قبل وبعد الولادة في الشارع، ولأن ظروفها العائلية معقدة، وإليكم تفاصيل قصة إمرأة أنجبت مولودها في العراء بالصوت والصورة. يصفونني ب"الشمكارة" أنا لست كذلك المخزن يطاردني وأنا أبيع كلينكس رفضوا توليدي لأنني بدون مال! شعرت بالحكرة