مصير المتهمين بتمويل الالتحاق ب "داعش" من أكلات فاسدة تباع للمواطنين طوت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بمحكمة الإستئناف بملحقة سلا مساء أول الخميس 19 ماي 2016 المحطة الأولى ما أسمته النيابة العامة في مرافعتها خلية إرهابية ذات توجهات عقدية ينشط أفرادها في بيع اللحوم الفاسدة، التي تشكل خطراً على صحة المواطنين، وذلك بمدن سلاوطنجة والعرائش، مشيرة إلى أن بعض عناصرها خصصوا قسطا من مداخيلهم وأرباحهم لتمويل الالتحاق بداعش، ودعم عائلات المقاتلين هناك. وهكذا قضت المحكمة بعد مناقشات استغرقت وقتا طويلا ب 29 سنة حبسا نافذة في حق 10 أظناء، حيث برأت صاحب شركة متخصصة في ذبح وتقطيع الدواجن وتوزيعها وإنتاج اللحوم المفرومة ميكانيكيا « الكفتة »، يبلغ من العمر 75 سنة، من تهمة عدم التبليغ عن جريمة إرهابية، ومؤاخذته بسنة حبسا بتهم مرتبطة بمسك وبيع منتوجات معدة للتغذية البشرية وخطيرة على الصحة العمومية والغش في البضائع عن طريق التدليس والتزوير والتزييف، طبقا لصك الاتهام. كما حكمت الهيئة القضائية بسنتين حبسا في حق ابن صاحب الشركة، المتابع أيضا في قضية منفصلة رفقة طبيب بيطري، وتقنيين بيطريين يعملان بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط في ملف ترويج لحوم فاسدة وخطيرة على الصحة العمومية، في حين توزعت باقي الأحكام بين سنتين في مواجهة متابع واحد، وثلاث سنوات حبسا لكل واحد من أربعة متهمين، وأربع سنوات حبسا نافذة لكل واحد من ثلاثة أظناء، إضافة إلى مصادرة المحجوز لفائدة خزينة الدولة. وأوضح ممثل الحق العام، الأستاذ خالد الكردودي، في معرض مرافعته أن بعض المتهمين لهم ارتباطات بمغاربة ينشطون بتنظيمات متطرفة التحقوا ب »داعش » و »حركة الشام »، وآخرين ساهموا لتمويل الملتحقين، إضافة إلى محاضر التفتيش والحجز أثبتت بيع لحوم فاسدة تشكل خطرا على صحة المواطنين وأن الدجاج كان يتم صعقه بالكهرباء ويخزن في ظروف غير صحية… ملتمسا إدانة المتهمين، وجعل العقوبة في الأقصى، مع مصادرة المحجوزات. أما الدفاع فاعتبر، كل من موقع مؤازره، أن هناك تحاملا وتجاوزا لمقتضيات قانونية ملزمة، حيث لم يتم احترام الشكليات المنصوص عليها في قانون خاص يتعلق بزجر الغش، وتناقض وانحرافات على مستوى محضر اللجنة المختلطة ومحضر الشرطة القضائية، التي غابت عنها الدقة في المعالجة، وعدم اعتمادها وسائط الاتصال، كوسائل مادية من قبيل عمليات التنصت وإفراغ المكالمات الهاتفية، لكون الملف فارغ من الحجج، وأن شروط المتابعة غير قائمة، بل اعتُبر منهم سلفي جهادي في محضر ثاني لأن أخاه وأخته التحقا بسوريا، إضافة إلى عدم أخذ قاضي التحقيق بوثائق سلمت له، واعتماد حيثيات في قرار الإحالة تُخالف حتى المنطق السليم. كما أشار الدفاع إلى أنه تم خرق سرية البحث من خلال تسريب معطيات الملف إلى الإعلام بصورها، وكذا خرق مقتضيات دستورية بالحديث عن الالتزام الديني للمواطنين. وكان الدفاع قد أثار، في إطار بسط دفوعاته الشكلية، خروقات همت المواد 18 و 24 و 96 و 59 و 60 من مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، مطالبا ترتيب البطلان، في حين التمس ممثل النيابة العامة رد هذه الدفوع، لكونها لا ترتكز على أي أساس قانوني. وكانت مصالح الأمن المغربي قد أعلنت عن تفكيك خلية كانت تنشط لهذا الغرض بكل من مدن طنجة والعرائش وسلا، حسب البحث التمهيدي، والتي توبع فيها 10 أظناء، بتهم تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، وعدم التبليغ عن جريمة إرهابية، والإشادة بأفعال إرهابية، وتقديم مساعدات نقدية لمن يرتكب أفعالا إرهابية، وتدبير أموال بنية استخدامها لارتكاب أفعال إرهابية، ومسك وبيع منتوجات معدة للتغذية البشرية والخطيرة على الصحة العامة، وممارسة نشاط تسويق اللحوم الداجنة بدون ترخيص، والغش في البضائع عن طريق التدليس والتزوير والتزييف، وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها، كل حسب المنسوب إليه. ونسب تمهيديا لتاجر بالجملة في منتجات لحوم الدواجن المفرومة الفاسدة بمدينة سلا أنه تعاطى لهذا النشاط منذ 2004، ومع مرور الوقت طور من انتاجية لحوم الدواجن المفرومة من خلال اعتماده على بقايا الدواجن من اجنحة ومؤخرة وحوصلة وشحوم البقر، التي يضيف إليها ملون وتوابل لتغيير نكهتها ومذاقها حتى تكون لذيذة لمستهلكيها، وذلك بمقر سكناه بالعيايدة، والذي تنعدم فيه كليا شروط و السلامة الصحة. وفي إطار توسيع هذا النشاط الذي أدر دخلا مهما، عمل الظنين على استثمار أرباحه في اقتناء شاحنتين ومنزل استغل طابقه السفلي لتحضير وتخزين لحوم الدواجن الفاسدة بمساعدة أربعة عمال، حيث كان يبيع منتوجه للباعة بنصف الجملة بمدينة طنجة، ومحلات للجزارة بأصيلا، وأصحاب مطاعم والباعة المتجولين للأكلات الخفيفة بسلا، إضافة إلى اعتياده منذ 2006 . هذا وأن مؤسسات عمومية عدة وأسواق ممتازة كانت تزود بهذه اللحوم، تبعا للبحث التمهيدي. وأفضت التحريات المجراة مع بعض الباعة المتجولين للأكلات الخفيفة بمدن طنجة والعرائش وسلا وأصيلة والقنيطرة أنهم يعمدون بدورهم إلى المساهمة بشكل كبير في تعريض تلك اللحوم المفرومة للتعفن من خلال طريقة تخزينها، حيث يضيفون إليها مواد كيماوية عبارة عن « ملونات » وتوابل تستورد من مدينة سبتةالمحتلة. وكشفت التحريات الأمنية أن ثلاثة عناصر من الباعة بنصف الجملة بطنجة ينتمون لأتباع التيار السفلي الجهادي المتطرف، والذين يوجد منهم واحد سبق أن أحيل على القضاء في سياق قضايا مكافحة الإرهاب سنة 2007، والذين كانوا يعملون بدورهم على توزيع اللحوم الفاسدة على باعة متجولين يستعملونها في تحضير الأكلات الخفيفة وأوضح ذات المصدر الأمني أن أخ أحد المتهمين كان قد سافر إلى سوريا لكونه سلفيا جهاديا، وتبين أن أحد الموقوقين كان على صلة وطيدة مع الانتحاري المتوفى في أحداث الدارالبيضاء، المسمى عبد الفتاح الرايضي خلال فترة عمل هذا الأخير عنده، وأنهما كانا على صلة بتاجر الجملة المشار إليه آنفا، حيث كانوا قد خصصوا محل بيع المأكولات الخفيفة لعقد اجتماعات تتمحور حول مواضيع ذات طابع إرهابي بحضور متهم آخر، علما أن تاجر الجملة ومتهما آخر كانا موضوع بحث من طرف مصالح الأمن. وكشفت التحريات الأمنية عن أشخاص التحقوا ببؤر التوتر في سوريا والعراق، وآخرين كانوا يسعون للانضمام للتنظيمات الإرهابية هناك من خلال بيع الأكلات الخفيفة للحوم المفرومة الفاسدة، والذين يوجد منهم معتقلون سابقون في إطار قانون مكافحة الإرهاب، أو التحقوا بمقاتلي تنظيم « داعش » وينشطون في تمويل الجهاديين الراغبين في الالتحاق بهذا التنظيم، حسب المصدر الأمني دائما. وكانت هيئة الحكم تتكون من الأساتذة: عبداللطيف العمراني: رئيسا، والصغيور والمواق: عضوين، وخالد الكردودي: ممثلا للنيابة العامة، والسيد الجيلالي: كاتبا للضبط.