بعد خمسة أيام من التحقيقات في عملية تسريب 31 طنا من المخدرات نحو ميناء الجزيرة الخضراء، قررت الفرقة الوطنية اعتقال ثلاثة عناصر، أمني وجمركي ومستخدم في إحدى شركات الأمن الخاص، فيما تأكد فرار عنصرين آخرين كانا إلى جانب العناصر الثلاثة الذين ضبطتهم تسجيلات الكاميرا بمحاذاة مسار الشاحنة لحظة عبورها نحو الباخرة. مصادر قضائية أفادت لنا أن عنصرا جمركيا، يجري البحث عنه حاليا ، كان مفروضا أن ينتقل إلى العمل في موقع آخر، وقد تلقى أوامر بذلك، قبل أيام من وقوع فضيحة التهريب، لكنه مكث في موقعه أياما إضافية، وكان من بين العناصر الرئيسية الموجودة في المسار الذي اجتازته الشاحنة في طريقها نحو الباخرة. المعلومات التي توصلنا بها ، تفيد أن الجمركي قد يكون فرّ خارج المغرب، حينما كان البحث لازال في بداياته الأولى.
وليس فقط الجمركيُّ العنصرَ الوحيد المختفي، بل اختفى أيضا مستخدم آخر لدى إحدى شركات النقل الدولي. وقد ظهر هذا الشاب، حسب تسجيلات الكاميرا، وهو يلوح للشاحنة مفسحا لها الطريق، وكأنه قام بكل الإجراءات القانونية التي تسمح لها بصعود الباخرة. ولم يتسنّ معرفة طبيعة التصريحات التي أدلى بها الموقوفون، وما إذا كانوا قد اعترفوا بتواطئهم في هذه العملية، أم أنهم نفوا ذلك. بيد أن مصادر قضائية أكدت أن إيقاف هذه العناصر كان واردا لأن الشاحنة مرت أمامهم وفي طريق غير مسموح به سوى للشاحنات التي اجتازت «الساكنير» ولم يتخذوا أي إجراء في حقها. ومن المتوقع أن يكون التحقيق مع الموقوفين قد تركز حول ما إذا كانت لهم علاقة ما بشبكات المخدرات، وبمختلف العمليات التي قاموا بها. ذلك أنه من المستبعد وفق مصادر مهنية داخل الميناء، أن تكون هذه العملية هي الأولى لهم.
نفس المصادر توقعت أن يستمر التحقيق في تسريب هذه الأطنان الكبيرة من المخدرات نحو إسبانيا، ولن يتوقف عند اعتقال العنصرين أو الثلاثة المشتبه فيهم، حيث أوضحت المصادر أن التحقيق ربما سيشمل الرؤوس الكبيرة التي تعمل في مجال تهريب المخدرات، أو تلك التي تقدم مساعدة بحكم موقعها، في عملية عبور الشيرا نحو الضفة الأخرى. وكانت عناصر تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية توجهت نحو إحدى مناطق الشحن بأكادير، وبالضبط المنطقة التي تم فيها شحن 32 طنا من المخدرات وبضع صناديق من فاكهة البطيخ، من أجل البحث عن دلائل إضافية تساعد المحققين في مهمتهم.
بالمقابل، نظم مسؤولون أمنيون وحكوميون بإقليم الأندلس ندوة صحفية، مساء الجمعة الماضية، أعلنوا فيها عن الكمية الحقيقية التي جرى حجزها بميناء الجزيرة الخضراء.
وناهزت الكمية حسب المسؤولين الإسبان 32.3 طن من المخدرات، كانت داخل شاحنة مرقمة بالمغرب. وقالت مندوبة حكومة الأندلس، كارمن كاسييرو، إن نجاح هذه العملية كان بفضل التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية بإسبانيا والمغرب، بسبب وجود مفوضية مشتركة بين البلدين تعمل بكل من ميناء طنجة المتوسط، وميناء الجزيرة الخضراء. وكانت المسؤولة الإسبانية قد أعلنت أن القيمة المالية لهذه المخدرات قد تصل إلى 50 مليون «أورو»، وهي أضخم عملية قام بها الأمن الإسباني على مر العقود الأخيرة. وكشفت المسؤولة الإسبانية في سياق حديثها عن عمليات تهريب المخدرات بمضيق جبل طارق، بأن السلطات الأمنية الإسبانية حجزت خلال سنة 2012 ما يقارب 240 طنا من المخدرات، 210 منها ضبطت في الأندلس، معظمها حجز بميناء الجزيرة الخضراء، قادما من المغرب. هذه الأرقام، وفق مصادر مسؤولة داخل الميناء، تؤكد أن عمليات الحجز التي تقوم بها السلطات الإسبانية لا يتم الإعلان عنها كاملة، الأمر الذي يستحيل معه معرفة الكميات التي تتسرب يوميا عبر الميناء المغربي في اتجاه ميناء الجزيرة الخضراء.