في الوقت الذي نوّهت فيه بمصادقة الحكومة على ثلاث اتفاقيات دولية دفعة واحدة، تتعلق بالبروتوكول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، والبرتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان نقدا شديد اللهجة للحكومة، إذ تحدث رئيس المنظمة، محمد النشناش، عن ما وصفه ب»كسل حكومي» حال دون تفعيل الدستور وإخراج مجموعة من القوانين التنظيمية إلى حيّز الوجود، سواء تلك التي تتعلق بالأمازيغية أو المناصفة وغيرهما. النشناش، الذي كان يتحدث أمس بالرباط، احتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أضاف أن مناهضة التعذيب لا تكفي فيها المصادقة، بل أن تعمل الحكومة على إخراج الآلية الوطنية التي ينص عليها البروتوكول إلى حيّز الوجود، وأكد أن منظمته ستحرص على أن تكون الآلية مستقلة عن الجهاز الحكومي، وقال ل»فبراير.كوم» إن منظمته ستعارض أي توجه حكومي يقضي بأن تكون الآلية غير مستقلة عن الدولة، أو أن تتدخل الحكومة في تعيين مسؤوليها. وانتقدت المنظمة ظاهرة العنف، وقال النشناش في هذا الصدد إن تعنيف المتظاهرين أصبح «ظاهرة جد متفشية»، في الوقت الذي يكفل لهم الدستور والقانون الحق في التظاهر السلمي، وأضاف أن «الضرب أصبح مباحا وبشكل يخدش الحياء»، مشيرا إلى أن رجال الأمن «يقدمون أحيانا صورة متخلفة وبدائية عنهم وعن المغرب»، مستنكرا «أن يلاحق رجال الأمن مواطنين بهراوات يضربونهم بها كما لو كانوا كلابا وليسوا مواطنين لهم كرامة». في حين دعا مسعود بوعيش، الناشط في المنظمة، السلطات إلى تطوير عملها في تفريق المحتجين «بالتوقف عن استعمال الضرب بالهراوات واللجوء إلى التفريق بالمياه أو بالصباغة» كما هو معمول به في الدول المتقدمة. وبينما ثمّن النشناش تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول السجون لأنه «فضح وصوّر واقع السجون على حقيقتها»، لكنه استدرك قائلا إن منظمته لاحظت غياب ما يتعلق «بطب السجون في التقرير»، وأكد أن السجون تعاني من «نقص كبير في الأطباء، وخاصة الأطباء النفسانيين، وكذا النقص الحاد في الأدوية». أما الاكتظاظ في السجون فحمّلت المنظمة مسؤوليته للقضاء، إذ ذكرت أن 33 في المائة من المعتقلين في السجون أبرياء يتم اعتقالهم بناء على النيّة وليس بناء على أدلة دامغة، وفي إطار الاعتقال الاحتياطي رغم أنهم يتمتعون بكامل الضمانات للحضور إلى المحاكمة. وقالت إن «القضاء المغربي يصر على الاعتقال والإيداع في السجون بصفة منهجية»، الأمر الذي يتسبب في الاكتظاظ داخل السجون، وقدّم النشناش أرقاما دالة على ذلك، من قبيل أن نسبة المعتقلين احتياطيا في سجن وجدة مثلا تصل إلى 85 في المائة، كما تصل النسبة في سجن الناظور إلى 75 في المائة. وتفوق النسبة وطنيا 33 في المائة. العنف الذي يمس الصحافيين لقي إدانة من المنظمة التي دعت الحكومة إلى التسريع بإخراج قانون الصحافة «لأننا متأخرين»، وأكدت على أن يكون خاليا من العقوبات السالبة للحريات، كما حذرت من أن تُعوض العقوبات في قانون الصحافة المنتظر بالغرامات المرتفعة التي تهدف إلى تحطيم المقاولة الصحفية. ودعت كذلك إلى ضمان وتيسير الحق في الوصول إلى المعلومة. وتطرق النشناش في سياق عرضه لمواقف منظمته من الوضع العام لحقوق الإنسان خلال سنة 2012 كذلك إلى ما وصفه ب»تردد المغرب وغموض موقفه بخصوص إلغاء عقوبة الإعدام»، وقال إنه في الوقت الذي تؤكد فيه السلطات على أن عقوبة الإعدام لم تعد تنفذ منذ بداية التسعينيات «نراها مترددة عن أن تعلن وقف إصدار أحكام الإعدام على الأقل، وقال إن ذلك يحتاج إلى «جرأة وشجاعة»، وقال إن الحقوقيين ينتظرون من الحكومة أن تعلن وقف إصدار أحكام بالإعدام كخطوة أولى، قبل أن تمر إلى مرحلة المصادقة على الاتفاقيات الدولية. المنظمة تطرقت كذلك إلى وضعية المحتجزين المغاربة في تندوف، وقال النشناش إن الحكومة المغربية مطالبة بالتعامل الجدي مع مواطنين يعانون تدهورا مستمرا في حقوق الإنسان فوق التراب الجزائري، ودعا إلى أن يتم العمل على استرجاعهم «ولو بضمانة دولية كاملة إلى موطنهم الأصلي»، وأضاف أنه مادامت الجزائر عاجزة عن توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومادامت تمنع المفوضية السامية للاجئين من إحصائهم فإنه «لا يمكن أن نترك مواطنينا هناك يعانون، ويتعرض أطفالهم لضياع هويتهم ودينهم» في إشارة إلى عمليات تسليم الأطفال الصحراويين لأسر من دول أوروبية وأمريكية.