بات بعضهم يلقبونه ب "بابلو إسكوبار". تسمية تحيل لأول وهلة على زعيم "كارتل ميدلين" الكولومبي. التشابه بين الاثنين يتعدى التسمية، بحكم أن ثمة أوجه شبه عديدة في ما بينهما، يمكن استخلاصها من سلوكات الزعيم المغربي الذي دوخ المصالح الأمنية والدركية، ونجح في الفرار من قبضتها. فهذا ال"narcotrafiquant" سجله القضائي حافل بالسوابق التي قضى من أجلها عقوبات سالبة للحرية، والتي لم تكن سوى لتزيده عزما وحزما في مواصلة مساره الإجرامي المتألق.
هذا، وقد سطع اسمه ونجمه كأخطر مجرم على الصعيد الوطني، ظل يدير أكبر شبكة في المغرب، تنشط في ترويج الأقراص المهلوسة، أو ما يعرف ب"القرقوبي". فقد تبث تورطه بعد أن أوقفت المصالح الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، السنة الجارية، 4 من شركائه، ضبطت بحوزتهم أزيد من 20000 قرص مهلوس. وقد ورد اسم الزعيم "بابلو إسكوبار"، وهو اللقب الذي أعطي حديثا عن جدارة واستحقاق لهذا العراب، في عدة مساطر قضائية تلبسية.
وبالمناسبة، فقد أدار من داخل زنزانته بالسجن شبكة "القرقوبي"، والذي أصبح ترويجه مسألة تهم أمن الدولة المغربية، بعد أن تبين أن الجارة الشرقية تصنع بالأطنان هذا النوع الفتاك من السموم، في مختبرات وصيدليات طبية معدة لهذه الغاية، وتكلف "مافيات" لتهريبها إلى المغرب، عبر الحدود البرية الشرقية للمملكة، وذلك في حرب غير معلنة على المغرب، غايتها تدمير الشباب، والرمي به في براثين الانحراف والإجرام. وهذا ما كان من تبعاته ظهور حركة "التشرميل".
وقد كان هذا الزعيم الخطير على علاقة مع شبكة إجرامية تنشط على الصعيد الوطني في ترويج "القرقوبي"، رغم كونه كان يقضي وقتها عقوبة سالبة للحرية خلف القضبان. حيث حلت سيارتان غير مميزتين تابعتين ل"BNPJ"، منذ أقل من 3 سنوات، من الدارالبيضاء إلى أزمور، في إطار تعقب أباطرة الشبكة الإجرامية التي كان يرتبط بها. ما مكن من إيقاف شخصين، ضمنهما فتاة، جراء ضبطهما من قبل عناصر ال"بي إن بي جي"، متلبسين بإجراء صفقة تسليم وتلسم حقيبة بداخلها 20000 "بولة حمرة".
وقد ظل زعيم ال"ِCartel" المغربي ينشط بأمن وأمان في معقله وقلعته الحصينة بتراب جماعة سيدي علي بنحمدوش، التي تفصلها شمالا عن مدينة أزمور، قنطرة أم الربيع.
وقد عملت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، على امتداد شهر، على استغلال معلومات، استجمعتها في إطار الأبحاث والتحريات الميدانية التي باشرتها. وبحلول ساعة "00"، واليوم"J"، نفذت الشرطة القضائية أكبر عملية نوعية، بغرض إيقاف أخطر مروج للسموم. وهي العملية التي عبأت لها الموارد البشرية والوسائل اللوجستية اللازمة. حيث انتقل في سرية تامة، مساء أمس الثلاثاء، حوالي 20 عنصر أمن بالزي المدني من فرقة مكافحة المخدرات، والفرق والأقسام الأمنية التابعة ل"إس بي بي جي"، على متن 4 سيارات غير مميزة. وضرب المتدخلون الأمنيون حراسة لصيقة على الهدف الذي تم تحديد موقع تواجده الجغرافي بأزمور، والذي كان يتنقل، على غرار عادته، على متن سيارته الخفيفة ذات المحرك المتطور ميكانيكيا، والسرعة الفائقة التي تتميز بها سيارات سباق ال"رالي". وما أن غادر قنطرة أم الربيع، وشارف على جماعة سيدي علي بنحمدوش، حتى حاصرته من جميع المنافذ، على طريقة ال"إإف بي آي"، سيارات الشرطة، التي مرت إلى السرعة القصوى لتنفيذ المخطط المحكم الذي وضعه رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية. وقد حاول الهدف الفرار، لكن متعقبيه الشرطيين لم يتركوا له مخرجا. إذ شلوا حركته، وعمدوا إلى تصفيده واقتياده إلى مقر أمن الجديدة، حيث أودعته فرقة مكافحة المخدرات تحت تدابير الحراسة النظرية، من أجل إخضاعه للبحث، وإحالته على النيابة العامة المختصة، بعد أن يحل من ولاية أمن الرباط فريق من المصلحة الولائية للشرطة القضائية، للبحث معه علاقة بالقضية التي تورط فيها، والتي اعتقلت في إطارها 4 أباطرة للسموم، ضبطت بحوزتهم حوالي 20000 "بولة حمرة".
وعلمت الجريدة أن حوالي 50 عنصرا من القوات العمومية، مكونة من المصالح الشرطية بأمن الجديدة، بالزي المدني والعسكري (فرقة ال"GIR")، وفرقة الكلاب المدربة، مؤازرين بعناصر من الدرك المكلي، أقلوا معهم على متن 15 دورية راكبة، المجرم الخطير، تحت حراسة أمنية مشددة، إلى جماعة سيدي علي علي بنحمدوش، حيث أجرت الضابطة تفتيشا، وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، داخل سكنه التي تعتبر قلعة حصينة كان يتحصن بداخلها، ويروج منها السموم. كما انتقلت القوات العمومية بقيادة رئيس الشرطة القضائية، إلى مدينة أزمور، حيث أجرت الضابطة القضائية تفتيشا هم منزلا آخر في ملكية "بابلو إسكوبار" المغربي.