قد يبدو من الوهلة الأولى أن عنوان المقال فيه الكثير من الإرتجالية، إن لم نقل الكثير من الديماغوجية، ولكن الحقيقة غير ذلك إذا ماحولنا النقاش مع بعضنا البعض في جو هادئ وبكثير من المسؤولية. فلا يختلف إثنان حول ما خلفته الثورتين التونسية والمصرية من ردود أفعال قوية، وعلى مختلف الأصعدة إذ أصبحتا مواضيع الساعة بإمتياز، إن لم نقل أبرز الأحداث التي ستشهدها سنة 2011 وإن كانت ما تزال في شهورها الأولى، بين من يتنبأ بتنقل عدوى الثورة إلى جميع الأنظمة العربية بدون إستثناء، وبين من قصر العدوى على البعض منها من غير تعميم، وهو موقف على ما يبدو مصادف للصواب. فالمغرب وإن كان ينتمي بحكم لغته العربية- كلغة رسمية للمملكة المغربية- إلى الأنظمة العربية، إلا أنه من الناحية السياسية يختلف عن تلك الأنظمة بكثير، إن لم نقل بعدم جدوى مقارنته بالأنظمة العربية التي إرتبط إسمها بالإستبداد والحزب الوحيد المهيمن وبالأنظمة البوليسية...إلخ، لأنه يعيش هامشا مقدرا من حرية تبني المواقف والأفكار وحرية التعبير عنها، والجهات التي تحاول الركوب على الأحداث الإقليمية هدفها الضرب في الاصلاحات التي دشنها العهد الجديد والعودة بكل المؤشرات إلى نقطة الصفر والتي لن تفلح معها حينها مطالب الإصلاح ولا دعوات التغيير. فالمغرب مغرب الإنصاف والمصالحة والتنمية البشرية والوضع المتقدم مع الإتحاد الأوربي لا مغرب الأفكار الفيسبوكية التي نسمع عنها هذه الأيام، لماذا الإحتجاج في يوم 20 فبراير؟ أمن أجل الإصلاح، فهذا موجود مند مدة ولم يمنع أحد من المطالبة به. إن الإحتجاج في المغرب لم يكن يوما بدعة ولا شكلا جديدا في التعبير، لأن المغاربة تعودا عليه بفضل الإنتقال الديقراطي الذي تشهده بلادنا، والوضع الحقوقي الإيجابي على الأقل إذا قورن بغيره عند غيرنا من الأنظمة العربية. إن ما يهمنا في هذه الورقة هو التأكيد أن ما سيشكل الاستثناء الفعلي للنظام السياسي المغربي هو استباقه مسببات الأزمة بغير قليل من الذكاء والعزم، وكثير من السرعة والانفتاح، وأن من يملك أجندة سياسية ما ويحاول بكل ما أوتي من قوة الركوب على ما يجري من أحداث أن يكشف القناع ويشهر عن برنامجه السياسي، ويأخد في الحسبان صعوبة التحايل على ذكاء المغاربة الوطنيين الأحرار. نتمنى أن يفهم المغاربة الدرس ويتوحّدوا من أجل هدف واضح هو الديمقراطية، التي ستمكنهم لوحدها من احترام بعضهم البعض وبناء مستقبل أفضل، لا الإنصياع للأفكار الإفتراضية البعيدة عن الواقع. محمد مسعودي : نائب الكاتب العام لمجموعة المستقبل للأطر العليا المعطلة