بعد الدعوة إلى تأسيس جمعية حماية المستهلك مختصون: تدهور الصناعات الوطنية إلى ضعف الدور الرقابي الحكومي - التجار العراقيون يبحثون عن البضائع الرخيصة رغم رداءتها أحمد عبد الكريم محسن الربيعي- العراق/الموصل شهد العراق في الآونة الأخيرة العديد من التغييرات الاقتصادية وتذبذباً كبيراً في الأسعار، سيما مع دخول أصناف عديدة ومتنوعة للمنتجات المستوردة والتي تباينت بين المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية والأثاث المنزلي والملابس وغيرها من المواد، ومن مناشئ عالمية مختلفة للسلعة الواحدة، حيث غزت تلك المناشئ السوق ودخلته من أوسع أبوابها، كان للصين وإيران وتركيا وسورية ودول شرق آسيا الحظ الأوفر في عملية تسويق منتجاتها للسوق العراقية، هذا بدوره أدى إلى وقوع المستهلك فريسة للكثير من البضائع الفاسدة، وقللت قدرته على كشف التلاعب سواء في جودة الصنف نفسه أو بأسعاره. أصحاب المحال التجارية الصغيرة عزوا سبب غزو البضائع الفاسدة والرديئة للسوق المحلية إلى ضعف الدور الرقابي، وهذا ما أكده (زين العابدين رمضان) حيث تحدث عن هذه القضية فقال :”إن غالبية البضائع المستوردة التي تدخل عبر المنافذ الحدودية سواء بشكل رسمي أو عن طريق تهريب البعض منها إلى داخل العراق غير خاضعة للرقابة الحكومية عن طريق الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وهذه العملية فيما أديت بالشكل الصحيح فأنها ستؤدي إلى حماية المستهلك المسكين والمنتج في نفس الوقت، لأن المتضرر الوحيد من هذه العملية هو المستهلك الذي قد يتم خداعه عبر الألوان الزاهية والكتابات المغشوشة على تلك البضائع، بينما المادة نفسها غير صالحة للاستعمال وغير مطابقة للمواصفات العالمية ونظام الجودة”. أما (محمد هاشم) صاحب محال لبيع الهواتف النقالة فقد حمل :”التاجر العراقي على الخصوص سبب رداءة المنتج المستورد، فالتجار لم يجدوا غير الصين مصدراً لجلب كافة البضائع و السلع، نظراً لأسعارها المنخفضة جداً جداً ورداءة نوعها، ناهيك عن أن الصين تملك ملايين المعامل والمصانع الأهلية والتي تصنع أي منتج ترغب به وبالمواصفات التي يطلبها التاجر، وهذا ما لمسناه من خلال عملنا في مجال الهواتف النقالة، ولا أخفيك سراً فأن أغلب الأجهزة التي نبيعها هي صنع في الصين ولا تستحق حتى المبالغ المدفوعة من قبل المواطن كثمن لها، رغم أن هناك شركات عالمية تنتج أجهزة محمولة عالية الجودة يمكن أن يستورد تجارنا منها هذه الأجهزة، مثل الشركات الفلندية والأميركية والألمانية وغيرها من الدول المصنعة”. بينما دعا العديد من المواطنين القائمين على منظمات المجتمع المدني إلى المطالبة باستحداث منظمات تعنى بهذا الشأن، حيث تحدث (أيمن عبد الحق) قائلاً :”نحن نتابع عبر الفضائيات وكل يوم أخبار العالم وأبرز تطورات المجتمعات العربية والأجنبية، وقد لاحظنا عبر التقارير أن هناك جمعيات تعنى بالدفاع عن حقوق المستهلك منتشرة في الكثير من البلدان العربية مثل (الأردن والبحرين وسلطنة عمان وليبيا والجزائر) وغيرها من الدول العربية، لكن لم نشاهد قيام مثل هكذا جمعيات في ى العراق، رغم أن المواطن –المستهلك- بأمس الحاجة إلى من يدافع عن حقوقه في اقتناءه بضائع وسلع جيدة”. مشيراً إلى :”إن دور هذه الجمعيات فيما شكلت سوف لن يقتصر على مراقبة البضائع الداخلة إلى البلد، بل يجب أن يكون لها دوراً ريادياً في إيصال صوت المواطن إلى المسؤولين الحكوميين، إذا عملت الحكومة على زيادة أسعار البضائع والمواد المستهلكة من قبل المواطن، مثل زيادة أسعار المشتقات النفطية أو زيادة أسعار مادة الطحين أو (الخبز أو الصمون) في الأفران، وغيرها من المواد التي تعمل الحكومة على رفع أسعارها بين الحين والأخر”. ومن جهته يرى الصحفي والإعلامي (نوزت شمدين) :”إن تأسيس مثل هكذا جمعيات سيرفع من سقف التفاؤل والثقة لدى المواطنين بالمنتج وخصوصاً المستورد منه، لأن لاشيء يحمي المواطن من مخاطر استهلاكه لهذه البضائع، سيما فيما يخص المواد الغذائية، كون هذه المواد تدخل في باب المحظورات الطبية وخطيرة على حياة الإنسان، إضافة إلى ابتلاء سوقنا المحلية بمختلف البضائع بأنواعها وألوانها والقادمة من كل مكان دون رقيب، وحتى بالنسبة للسلع الأخرى فقد تجد مادة واحدة ماركتها واحدة غير أن مصنعيها متعددون وتختلف جودتها من نوع إلى أخر”. مضيفاً :”أما بالنسبة إلى تأسيس جمعية حماية المستهلك وإدراجها ضمن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني فإن هذا الاسم جميل جداً، وسيزداد جمالاً وبريقاً فيما لو أصبح حقيقة فاعلة وليس حبراً على لافتة كما حدث وللأسف مع جمعيات كثيرة ظهرت بعد 2003، ونحن مع خلق مثل هذه المنظمات كي تخلق على الأقل توازناً على الساحة الاقتصادية، من خلال تفعيل الدور الرقابي الغير حكومي لها”. فيما نصح (سلام عقيل) أحد المتخصصين في مجال التسويق المواطنين باتخاذ إجراءات وقائية من خلال أتباع بعض التعليمات قبل شراء أي سلعة تلافياً للوقوع في شرك السلع الفاسدة والرديئة فقال:”لو رغب المواطن تجنب وقوعه في فخاخ الغش التجاري المستشري بعد انفتاح العراق على المستورد وبمنشئه الرديء أنصح المواطن بالتأكد من مصدر البضاعة التي يقوم بشرائها وطريقة الاستخدام والتخزين والصلاحية الخاصة بها، ويجب عليه الاطلاع على كتيبات الضمان والتحقق من شروط والتزامات وواجبات ما بعد البيع ولا يثق بالضمانات الشفهية خاصة بالسلع المعمرة أو ذات الاستعمال الطويل، والأهم عدم شراء سلع مجهولة المصدر الاحتفاظ بفاتورة البيع وشهادات الضمان، كما يجب على المواطن البحث عن السلع ذات المواصفات والجودة العالية، وفحصها فحصاً جيداً والتأكد من سلامتها قبل مغادرة المحل، ناهيك عن التدقيق في تاريخ الصلاحية قبل الشراء والتأكد منه خاصة السلع والمواد الغذائية”. مختصون في الشأن الاقتصادي أكدوا أن فتح الحدود أمام المستورد أدى إلى تدهور الصناعات الوطنية بشكل كبير، حيث أكد (محمد جمال) ماجستير إدارة واقتصاد :”إن عملية الاستيراد الغير مبرمجة للبضائع والسلع، ودخول بضائع بأسعار بخصة كونها جاءت من مناشئ غير معتمدة وفي البعض الأخر غير معروفة أصلاً، أدت إلى خلق منافسة شديدة مع المنتج المحلي الذي بات لا يمكنه سد تكلفة إنتاجه، ولذلك فإن الكثير من المصانع والمعامل الإنتاجية في العراق أصبحت عاجزة عن تسويق منتجها داخل السوق المحلية، بل أن الكثير منها أغلقت أبوابها وتوقفت عن الإنتاج، أو أكتفت بإنتاج كميات قليلة جداً بعد تسريح غالبية الأيادي العاملة فيها” مشيراً إلى “إن هذه العملية لها تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد العراقي بشكل عام، وعلى الصناعات الوطنية بشكل خاص”.