وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الذكرى الثامنة عشرة لجلوسه على العرش، عدة رسائل للمسؤولين بالإدارة العمومية المغربية، أكد خلالها عدم رضاه عن تماطل رد المسؤولين عن طلبات المواطنين ومعالجة ملفاتهم، وشدد على ضرورة تطبيق الدستور ومحاسبة المسؤولين مهما كان موقعهم وصفتهم، فضلاً عن عدم التهرب من المسؤولية والإفلات من العقاب. وانتقد العاهل المغربي في خطابه، السبت 29 يوليوز 2017، أداء الإدارة العمومية، والخطاب الملكي هذا العام يتزامن مع اضطرابات كبيرة في منطقة الحسيمة وجاراتها منذ أكتوبر 2016، ومن ثم فقد جاء محملاً برسائل للوزراء والمسؤولين على حد سواء. وأشار العاهل الملكي إلى أن "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر؛ لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين"، موضحاً: "أنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول؛ لأنه نابع من تفكير عميق". وشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. إن الملك "ألح على إعادة الاعتبار لنص الدستور وسيادة القانون، ووجه رسالة قوية إلى الوزراء والمسؤولين الذين يقدمون تبريرات للشعب بكونهم يخضعون للضغوط، وطلب منهم تفعيل اختصاصاتهم الدستورية والقانونية. الخطاب الأخير أعاد المغاربة إلى لحظة خطاب 9 مارس 2011، ومن المنتظر ان يذكي نفسا جديدا ومرجعية ملكية إصلاحية جديدة في كثير من القطاعات الحكومية من بينها قطاع التربية الوطنية، القضية الوطنية الثانية، وعليه فالرأي العام بصفة عامة والتربويون بصفة خاصة سينتظرون حملات تمشيطية إصلاحية ملموسة ومساءلة لناهبي المال العام والمسؤولين على سوء التسيير واستغلال النفوذ والاختلالات الكبيرة التي عرفها القطاع من سنة 2009 إلى سنة 2016. وفي هذا الصدد، يقول أحد رؤساء الأقسام بقطاع التعليم أن خطاب الملك كان صريحا ولا غبار على مضامينه، واستجابة لهذا الخطاب، على حصاد أن يباشر عمله بدءا بالمصالح المركزية للوزارة، فلا يعقل أن تكون لهذه الوزارة هيكلة إدارية غير منصوص عليها قانونيا والملك يلح على تطبيق القانون، حيث تعتبر الوزارة الوحيدة التي تعرف مفتشين عامين خلافا لباقي الوزارات الأخرى، ومجموعة من الوحدات الإدارية المركزية خارج الهيكلة الرسمية، لا لشيء إلا للاستفادة من التعويضات وباقي الامتيازات، وأن أكاديمية جهة سوس ماسة تبقى الوحيدة كذلك بدون مدير، حيث اكتفت الوزارة لما يفوق السنة على تكليف بتسيير شؤونها وتمديد هذا التكليف كم من مرة في خرق سافر للقانون، كأنه انعدمت الكفاءات والقدرات بالمملكة المغربية لشغل هذا المنصب، وأنه لا مجال للالتفاف على مرسوم المناصب العليا، أو قراءته وتأويل مضامينه لغاية في نفس "آل يعقوب"، يقول رئيس القسم. وتابع القول بأن 90 رئيس قسم ورئيس المصلحة من القطاع لم يتلقون أي قرار أو وثيقة معللة ومبررة بسند قانوني تعفيهم أو تنهي مهامهم من المسؤولية في آجال معقولة، مع سلك المساطر المعمول بها في هذا الصدد، كما حث على ذلك ملك البلاد في خطابه هذا، مضيفا أنه بعد الخطاب الملكي لا بد من محاسبة وإقالة مسؤولين كثر بالمصالح المركزية متهمين بالتقصير والإخلال في النهوض بمهامهم، والذين سبق الإشارة إليهم في وسائل الإعلام الوطنية، وفي قبة البرلمان، عملا بخطاب الذكرى 18 لعيد العرش حيث قال الملك" القانون يطبق على مسؤول بدون استثناء أو تمييز". وصرح رئيس مصلحة بالقطاع أن مجموع من 90رئيس قسم ورئيس مصلحة على كامل الاستعداد وعلى أحر من الجمر للمساءلة والمحاسبة، وأنه من الداخلة إلى طنجة من بين هؤلاء من له ملفات تستدعي الكشف عنها، ليتم البحث والتحقيق فيها لارتباطها بمسؤولين مركزيين بوزارة التعليم. و يضيف المتحدث أنه عندما قام بعض المسؤولين المركزيين بادعاءات وأكاذيب وافتراءات في حق هؤلاء الرؤساء فانه ليس إخلال بالواجب، وإنما هو خيانة، يضر بمصالح هؤلاء الأطر، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة، مما يستدعي من حصاد الامتثال لمضامين الخطاب الملكي، وتطبيق مقتضيات القانون في حق الجميع. وأوضح أن هناك شكايات تقدم بها رؤساء أقسام ورؤساء مصالح إلى الوزير حصاد وإلى رئيس الحكومة، وإلى الديوان الملكي، وينتظر أصحابها ردا مقنعا بمرجعية قانونية، إجابة تتماشى مع النص الصريح والواضح لخطاب عاهل البلاد، كما أن من بين هؤلاء من الداخلة واكادير وتارودانت ومراكش من قضت المحكمة الإدارية بإلغاء القرار الإداري بشغور مناصبهم. وأردف قائلا إن خطاب الملك جاء لنصرتهم، وأن الوزير ينبغي أن يمارس وظيفته الإدارية في الإطار القانوني لها، وأن لا يتنكر لمرسومي المناصب العليا و إسناد مناصب المسؤولية، أو يعمل على إهمال مقتضياتها أو يتخذ موقفا سلبيا منها فيترك معاونيه ومساعديه يخالفون أحكام القانون دون جزاء، وأن يتحقق من صحة الادعاءات والافتراءات والتقارير المطبوخة والمحبوكة التي تدخل أصحابها على أساس إبعاد وإسكات من وقفوا سدا منيعا أمام أشكال من الريع الوظيفي، وأن يتأكد من الروايات السخيفة التي أشاعها ويشيعها مساعدوه ومعاونوه، وأن عليه أن يكون من بين المتفاعلين الأوائل مع خطاب المربي الأول، وأنه في اختبار تطبيقي للتوجيهات الملكية الواردة في خطاب الذكرى 18 لعيد العرش، إما أن يطبق القانون وينجح، إما أن يتغاضى عليه ويسقط هو والمنظومة التربوية سقوطا ليس بعده سقوط!