بالتزامن مع الدخول المدرسي برسم الموسم الدراسي 2018-2019، دخلت مديرية الحسيمة لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، في دوامة من العشوائية والتخبط لاسيما على مستوى تدبير الموارد البشرية التابعة للمديرية، الذي يُشكل فيض من غيض الفوضى والإرتجالية التي تعرفها مديرية الحسيمة، منذ أن وُضع محمد الشنتوف على رأسها بشكل مؤقت. أولى بوادر الخبط العشواء للمديرية، برز مع تكليف الأساتذة المتعاقدين خريجي مركز التكوين بالحسيمة فوج 2018، حيث تم نشرهم على تخوم جبال المنطقة، التي عرفت مدارسها تخمة في هيئة التدريس مما أفرز فائض كبير في هذه المناطق الجبلية، في مقابل خصاص كبير في المدارس المتواجدة بالمناطق الحضرية، حيث فضل القائمون على شؤون مديرية الحسيمة، "إخفاء" مناصب مناطق الجذب، وعدم الكشف عنها في بطاقة الرغبات التي وضعتها رهن إشارة الأساتذة المتعاقدين سواء أثناء عملية إعادة الإنتشار بالنسبة لفوج 2017 أو إبان عملية تكليف الأساتدة الجدد (فوج 2018). وحول هذا الموضوع قال أحد الأساتذة المتعاقدين أو الذين فرض عليهم التعاقد حسب تعبيرهم، في تصريح ل'دليل الريف' أن ما حدث كانت "طبخة" شارك في إعدادها المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية و بعض ممثلي النقابات التعليمية بالمنطقة، وكان الهدف وراءها يُضيف المتحدث "حرمان الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد من العمل بهده المناطق الحضرية، لكي تبقى هده المناصب شاغرة، على أن يستفيد منها خلال الحركة الانتقالية القادمة الأساتذة الرسميين، لاسيما منهم المنتمين للنقابات الموالية للمديرية". دليل الريف حاولت الإتصال بالمدير الاقليمي ليدلو بدلوه في الموضوع، إلا أن هاتفه رن دون إجابة، وفي إتصال مع مسؤول آخر بالمديرية رفض الإدلاء بتصريح رسمي بإسمه وصفته، مكتفياً بالدفاع عن هذا التوجه الذي صارت عليه المديرية في عمليتي إعادة إنتشار وتكليف الأساتدة المتعاقدين، مشيراً إلى أنه لا يُعقل أن تُمنح مناصب في مناطق حضرية لأساتذة جدد ليس لديهم إلمام كافي بمهمة التدريس. وفي كلا الحالتين فإن الأمر يُشكل طامة في تدبير المديرية لشؤونها، فإذا تواطئت المديرية مع بعض النقابات ضد فئة من الأساتدة، فهي طامة، وإن كان هذا التدبير حدث وفق منطق المسؤول الذي صرح بعدم إمكانية منح المناصب في المناطق الحضرية لأساتذة جدد فإنها طامة كبرى، يجعل من المديرية الإقليمية للحسيمة في موقف مُعاكس لتوجه دستور المملكة، الذي نص على عدم التمييز بين المواطنين، في الوقت الذي تُميز فيه المديرية بين المتعلمين في المجال الحضري وزملائهم في المجال القروي، الذين لا يُشكلون في منطق مديرية الحسيمة سوى فئران تجارب لإختبار الأساتذة الجدد. وعودة إلى موضوع التكليفات، وجدت المديرية الإقليمية نفسها أمام موقف محرج، عندما إنطلق الموسم الدراسي، وسط خصاص كبير في هيأة التدريس بالمناطق الحضرية وفائض في المناطق القروية، ولتجاوز هذا الإختلال استنجد المدير الإقليمي بالنيابة والمرشح لمنصب المدير الإقليمي، مرة أخرى ببعض النقابيين، من أجل الوصول إلى "خلطة سحرية" للخروج من هذا المأزق، حيث تفتقت عبقرية هذا المسؤول الذي يسعى إلى تثبيت نفسه على رأس المديرية، ليجد مخرجاً للأمر عبر تكليفات لمدة سنة لسد الخصاص. ولأن هده التكليفات يشوبها الغموض والضبابية، لم تتجرأ المديرية الإقليمية على الإعلان عنها بشكل رسمي عبر وثيقة إعلان رسمية، تتضمن الخطوط العريضة لهذه التكليفات من حيث شروطها ومعاييرها و آجالها ... كما هو معمول به وفق ما تقتضيه أدبيات العمل الإدراي، و إلتجأت مرة أخرى إلى ممثلي النقابات للإعلان عن ذلك عبر تدوينات في موقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك"، لتنطلق العملية في إطار من الكولسة، إنتهت بإعلان تكليف العديد من الأساتذة لسد الخصاص بالمناطق الحضرية لمدة سنة، عبر لوائح نُشرت على صفحات الفايسبوك دون أن تحمل أي توقيع أو خاتم، بل الأكثر من ذلك صدرت إحدى هذه اللوائح في شكل ورقة مكتوبة بخط اليد، ومصورة بالهاتف النقال، بشكل يُكرس العبث والتخبط في أبهى تجلياته. وفي السياق ذاته تم بموجب هده التكليفات، إسناد مهمة التدبير والتسيير المالي في بعض الإعداديات، لأطر هيئة التدريس دون توضيح المعايير المعتمدة في ذلك، وفي تحدي صارخ لمذكرة وزارية صدرت تحت عدد 18/0999، قضت فيها وزارة التعليم العالي بالمنع النهائي لتكليف أطر هيأة التدريس للقيام بمهام إدارية أو مهام التسيير المادي أو المالي، تنفيداً لتوصيات المجلس الأعلى للحسابات.