بدأت السلطات الإسبانية رفض منح الجنسية لافراد بعض الجمعيات الإسلامية المتواجدة فوق أراضيها والمتعاطفة مع جماعة العدل والإحسان المغربية بزعامة عبد السلام ياسين بحجة راديكاليتها وإعاقة الاندماج، ويرى البعض أن هذا المنعطف يعتبر نهاية ما كان يوصف بشهر العسل أو الهدنة بين حكومة مدريد وهذه الجمعيات. في هذا الصدد، تلقى رئيس الفيدرالية الإسلامية لإقليم مورسيا، منير بنجلون، خلال الأيام الماضية رسالة تتضمن رفض طلب الجنسية الإسبانية الذي تقدم به بحكم إقامته الطويلة في هذا البلد. والمثير كان هو التعليل الذي لجأت إليه السلطات ويتجلى في نقطتين أساسيتين: الأول، ارتباط فيدرالية مورسيا بجماعة العدل والإحسان المغربية المعروفة براديكاليتها وسعيها نحو إقامة نظام إسلامي في المغرب علاوة على عدم قانونيتها. وفي الثاني، دور الجمعيات الاسلامية التي تدور في فلك العدل والإحسان في عرقلة اندماج المهاجرين المسلمين في المجتمع الإسباني. وخلف الرفض الكثير من التساؤلات في صفوف المهتمين بالشأن الإسلامي في اسبانيا وكذلك في صفوف الجمعيات الإسلامية المتعاطفة مع العدل والإحسان. وعلاقة بالنقطة الأولى، فالتساؤل ناتج عن ارتياح حكومة مدريد لهذه الجمعيات في الماضي لأنها كانت تعمل على تأسيس ما يعرف ب'الإسلام الإسباني' أي اسلام مرتبط بمؤسسات إسبانية. ومن جهة أخرى كانت تقف سدا أمام محاولات سيطرة المغرب على الشأن الديني في هذا البلد الأوروبي، ذلك أن مدريد لا ترغب في تحكم الرباط في الجمعيات الإسلامية، وهي سياسة تسير في الاتجاه المعاكس لفرنسا التي ترى ضرورة إشراك المغرب في تسيير الشأن الإسلامي في دول الاتحاد الأوروبي بحكم أن الجالية المغربية هي الأكبر في القارة العجوز وكذلك بسبب تبني المغرب المذهب المالكي المعتدل. ويسود نوع من الامتعاض صفوف المتعاطفين مع العدل والإحسان في اسبانيا إذ يتخوف الكثير من عدم الحصول على الجنسية لمجرد شبهة الانتماء أو التعاطف مع هذه الجماعة. وترى مصادر مقربة من العدل والإحسان في تصريحات ل 'القدس العربي': 'فوجئنا برفض طلب الجنسية ليس فقط فيما يخص حالة منير بل حالات أشخاص آخرين محسوبين نظريا على العدل والإحسان، وفوجئنا أكثر بسبب أسباب التعليل'. وتضيف هذه المصادر 'التعليل هو الراديكالية ومنع الاندماج وعدم قانونية العدل والإحسان، وهي كلها تبريرات واهية، فجمعياتنا هي التي تحارب التطرف الديني واللغو في اسبانيا، وهناك قرابة عشرة أحكام صادرة عن القضاء المغربي تؤكد قانونية جماعة العدل والإحسان رغم الملاحقة في بعض المناسبات، ولم يسبق أن تمت محاكمة أي عضو من جمعياتنا أو من جماعة العدل والإحسان بتهمة الإرهاب رغم أن الجماعة تتوفر على مئات الآلاف من الأعضاء'. وقالت المصادر 'ليس لدينا ارتباط عضوي وتنظيمي بجماعة العدل والإحسان ولكن لدينا ارتباط روحي بزعيم هذه الجماعة، الشيخ عبد السلام ياسين'. وكانت السلطات الإسبانية قد رفضت لأحد أعضاء 'جماعية الدعوة والتبليغ' منح الجنسية بتهمة التطرف، ولكنه لجأ إلى القضاء وأنصفه، ومن المحتمل أن يسلك المتضررون من الجمعيات المسلك نفسه، أي القضاء للطعن في القرار الإداري.