كشفت مصادر حكومية وجود حالة استنفار داخل الأغلبية لمواجهة ما أسمته مخططا لنسف المشاريع الإصلاحية، موضحة أن أصابع الاتهام تتجه صوب الأصالة والمعاصرة، الذي يريد استعمال صلاحيات رئاسة مجلس المستشارين في شخص رئيسه حكيم بنشماس لإحداث أزمة سياسية خدمة لأغراض انتخابية. وأوضحت المصادر ذاتها أن رئيس مجلس المستشارين أصبح يصر على التغيب بذريعة مهام خارج أرض الوطن حتى لا يتمكن مكتب الغرفة الثانية من برمجة مشاريع القوانين في موعدها، خاصة في ما يتعلق بإصلاح التقاعد، مسجلة أن بنشماس احتكر تمثيل مجلسه في الأنشطة الدبلوماسية، على اعتبار أنه زار، في الأسابيع القليلة الماضية، كل من جمهورية التشيك والمملكة المتحدة وزامبيا. من جهته يحذر حزب العدالة والتنمية من مخطط يحاول الضغط على الحكومة بورقة الانتخابات المقبلة، وعرقلة إصلاح نظام المعاشات المدنية، والدفع في اتجاه شل البرلمان خاصة أن الحكومة أكدت في عدة مناسبات أنها لن تتنازل عن هذا الإصلاح اعتبارا لاستعجاليته وأنها ماضية فيه، ولا يمكن أن تضحي بمصير الآلاف من أبناء الشعب من الموظفين «مهما كلف الثمن». وحمل عبد الحق العربي مستشار رئيس الحكومة في الشؤون الاجتماعية مجلس المستشارين مسؤولية «البلوكاج» الذي تعرفه مشاريع الحكومة وإدخالها في أزمة سياسية (لا قدر الله)، وأنه إذا عجزت الغرفة الثانية بمكتبها عن حل هذا الإشكال فإن ذلك سيكون له أثر بالغ على صورة المؤسسة التشريعية، إذ سيعد ذلك دليلا عن عدم قدرتها وعجزها عن تدبير الأمور، وفق ما هو منصوص عليه في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وفي سياق التصعيد الذي ينذر بالأسوأ، أكدت مركزيات الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية والاتحاد العام والفدرالية الديمقراطية، والنقابة الوطنية للتعليم العالي تشبثها بالملف المطلبي للطبقة العاملة المغربية في شموليته، وقررت استئناف برنامجها النضالي، محملة المسؤولية الكاملة للحكومة. واستغربت المركزيات في بلاغ مشترك توصلت «الصباح» بنسخة منه «قيام الحكومة بمحاولة تقديم مشاريع قوانين إصلاح نظام التقاعد، داخل لجنة المالية بمجلس المستشارين في خرق سافر للاتفاق المشترك بين الحكومة والحركة النقابية، والقاضي بالتفاوض حول الإصلاح الشمولي لصناديق التقاعد في إطار جولات الحوار الاجتماعي». وأعلنت التنسيقية النقابية، أمام عدم تجاوب رئيس الحكومة مع المذكرة المطلبية الأخيرة الموجهة إليه، التشبث بالتفاوض الثلاثي الأطراف المفضي إلى اتفاق منصف للطبقة العاملة المغربية، مستنكرة المناورات الحكومية في محاولة تمرير الإصلاح المزعوم لأنظمة التقاعد دون احترام التزامها القاضي بالتفاوض حول الإصلاح الشامل في إطار الحوار الاجتماعي. كما أعربت المركزيات عن رفضها «العرض الحكومي الهزيل رغم كل المقترحات العملية التي قدمتها الحركة النقابية خلال اجتماعات اللجنة الثلاثية للتفاوض»، شاجبة التعاطي السلبي مع الحوارات القطاعية، وتعمد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، تعطيل الحوار مع النقابة الوطنية للتعليم العالي، ومحملة إياه «المسؤولية الكاملة في ما ستؤول إليه الأوضاع الاجتماعية من ترد واحتقان نتيجة استهتارها بالمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة»، خاصة بعدما قررت استئناف البرنامج النضالي بكل أشكاله، ودعت الطبقة العاملة إلى «المزيد من التعبئة استعدادا لخوض كل الأشكال النضالية لمواجهة التعنت الحكومي وللدفاع عن حقوقها وصون مكتسباتها».