كثيرة هي الدروس التي يجب على طلاب التغيير الجذري أن يدركوها بخصوص مجريات الأحداث التي تفرزها وقائع الصراع في مصر، و لا نقصد بطلاب التغيير الجذري هنا ما قد ينصرف الفهم إلى تلك الحركات اليسارية المعروفة بمشاكساتها للحركات الإسلامية و معاداتها للمشروع الإسلامي لأنها كيانات لا تؤمن بالاستقلال الحضاري و لا تمثل مشروعا اعتراضيا على القيم الغربية كما أنها و إن ادعت مخاصمتها للايديولوجيات الرأسمالية فإنها في العمق لا تمثل إلا وجها آخرا من وجوه التبعية للمعسكر الاشتراكي الاستعماري، و نحن نرى أن حمَلَة التغيير الحقيقي لا يجب أن ينفصلوا عن مسار التاريخ الذي يمثل "المخزون التراثي" لحركية البناء السليم لمؤسسات الدولة و المجتمع إذ لا يكفي إعلان المفاصلة و الندية مع الغرب في مشروعه الاستعماري الرأسمالي إذا لم يتم التحرر فعلا من منظومته الحضارية التي تستعبد العقول و المجتمعات و تستبعد القيم الإسلامية العليا ، و ما يحدث الآن في مصر بالخصوص يقدم صورة واضحة و دقيقة لأطراف الصراع و خلفياتهم و ايديولوجياتهم و ولاءاتهم بحيث صارَت الاصطفافات الآن تُعبِّرُ عن طبيعة الانتماءات الحضارية و أشكال التفكير الوجودي ، و في مقالتنا البسيطة هاته محاولة لاستخراج بعض الدروس من قلب الأحداث في مصر كما تكشفها تقلبات الأيام : أولا : تكشف الأوضاع حقيقة تمثل في الأصل أم البلاوا في العالم العربي و الإسلامي و تُعَدّ من الموبقات التي ابتليت بها أمتنا الإسلامية منذ أن دخل بونابارت مصر بخيله الأزهر، و هي تغيير الهوية ،هوية الدولة و المجتمع، و تحويلها إلى مُقاطعة تحت الوصاية الأجنبية تسوس بها الشعب سياسة تغريب و تدجين في الانتماء و المرجعية، فبعدما تجلت النزعة العَلمانية في الممارسة التطبيقية و توارت في الدساتير الرسمية راحَ الآن المُغرَّبون يدفعون بالدولة إلى أجْهَرة العَلمنة لكي يستكمل العَلمانيون وظيفتهم في هدم الدين و تحجيم نفوذه بحد القانون و المؤسسات، و قد شاء الله أن يفضح هؤلاء في غرفهم المغلقة بعدما سلكوا مسلك التغطية السرية على النقاشات الجارية بين القوى "المدنية" على الدستور . إن الصراع بين الإسلام و العَلمانية هو أس الحقيقة التي تفرز لنا أطرافا تنتمي إلى عالمين متناقضين : عالم يدفع بقوة لزرع تغريب سرطاني يفكك المجتمع أخلاقيا و يفسح مجالا للأهواء و عالم يدفع إلى استكمال مسيرة بناء المستقبل انطلاقا من الهوية الإسلامية التي تمثل المرجعية الكلية بتنوع أطراف أطيافه و تعدد مشارب تفكير أبناءه . لذلك وجب التنبيه بأن الصراع في العالم الإسلامي والعربي يدور أساسا حول هوية الدولة و ليس حول خيارات سياسية فرعية و أن الصراع الايديولوجي ما هو إلا تمظهر خارجي له و أن كل المحاولات العَلمانية في سبيل إسقاط نظام ديموقراطي من الشعب ما هي إلا افتضاحات لعقل يحمل كرها قديما للإسلام راكمَ عقودا من العقد التاريخية و تبنى لأجل ذلك كل الأشكال و الأدوات (إعلام فاسد،قضاء عميل،عصابات أمن دولة،صعاليك البلطجة..) الموصلة لتحقيق هدفها الأسمى المتمثل في إبقاء الهيمنة الغربية و تحييد موجبات الثورة على أنظمة العُهر السياسي . إن التناد حاصل بين منظومتين : إسلام أو عَلمانية، حق أو باطل، تبعية أو تحرر،تنمية أو تخلف،استقرار أو خراب..
ثانيا : تكشف الأوضاع حقيقة أن تحقيق النهضة لن يمر قطعا دون تكالبات و وضع مؤامرات و خطط خارجية و داخلية ، و لن يتحقق ما لم يتم دحر فلول و بقايا الأنظمة الرجعية العميلة للغرب التي تسعى لعرقلة مسار التغيير و توظف في سبيل ذلك كل إمكانياتها المادية للعودة من جديد إلى مؤسسات الدولة، ففي مصر مثلا لاحظنا أن صناعة العراقيل تمت منذ الأسبوع الأول من تولي محمد مرسي للحكم و أعقبتهُ حملات مسعورة تستقوي بالمال و بالإعلام الدجال و بفلول نادي القضاة و بمراكز النفوذ التابعة للحزب الوطني المنحل، و اعتمدت في هجماتها المغرضة على الغطاء الأمريكي و الصهيوني و الاتحاد الأوروبي فمارست العنف منذ وقت مبكر و انتهجوا سياسة حرب الكل ضد الكل، و خلقوا أزمات اجتماعية لها ارتباط مباشر بحياة المواطنين كأزمة السولار و الخبز و الكهربة و غيرها لكي يدفعوا الموجة الشعبية للثورة ضد النظام الوليد ، و لم يكتفوا بذلك بل وجدوا في صعاليك وزارة الداخلية – محضن النظام القديم- الحصن المنيع للحيلولة دون الإمساك بالمجرمين و البلاطجة و حماية المقرات و المؤسسات ،بل وجدوا فيهم كأشخاص السند القوي للتغطية على الجرائم التي يرتكبها المشاغبون المأجورون و الملاذ الوحيد لدعمهم في حشد رجال الشرطة بأزياء مدنية لتكثير الاعتصامات و الايحاء بشعبية المطالب الفلولية . و الآن صار واضحا لكل متتبع خيوط اللعبة من أصولها و فروعها بعدما انفضحت "المليونيات" المزيفة و تواطؤ أجهزة الدولة العميقة في تمويل حملات إسقاط الدولة الشرعية بتنسيق كامل مع قيادات و ضباط المؤسسة العسكرية ، انكشفت الخطة و استُبلِدَ بعض الأحزاب كحزب "مصر القوية" و "حزب النور" و أدركوا ما جنت عليهم أطماعهم الشخصية و أحقادهم الطائفية و صاروا الآن قطعَ شطرنج منبوذين يُسخَرُ منهم في الاجتماعات الفلولية و تُداسُ كرامتهم بوقاحة و عجرفة و تُقدمُ في أحزابهم استقالات توالى يوما بعد يوم . هذا الدرس البليغ يجب أن ندركهُ تماما لأن العَلماني بطبعه لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يقبل من يخاصمه في الانتماء و لا يمكن له إطلاقا أن تحكمه منظومة الإسلام ، و قد يحدث من طرفه أن يمارس سياسة التضليل بإخراج قاموس التضليل حول الكلام عن التعددية و قبول الآخر المختلف معه ، إلا أن أنيابه سرعان ما تخرج عندما يجد نفسه متمكنا في مؤسسة ما أو جهة ما ، و قد صارَ الآن هذا معلوما بحكم استحالة الجمع بين أصول تفكيرية متناقضة من حيث المرجعية و بحكم الثقافة الاستئصالية التي تربى عليها العَلماني في تكوينه،و نتذكر هنا بعض مواقف الكيانات اليسارية العَلمانية بالمغرب تجاه الحركات الإسلامية خصوصا العدل و الإحسان أثناء الحراك الشعبي لحركة 20 فبراير حيث لم يمنعها تواجدها النضالي معها جنب لجنب من أن ترسل شواظا من السباب القبيح في اجتماعاتها و لقاءاتها المغلقة تجاه العدل و الإحسان رغم ما كان منها من حسن نية تجاه اليسار الراديكالي ، و نتذكر الحساسيات البالغة لبعض إطارات اليسار( الجمعية الوطنية لحملة الشهادات بالمغرب مثلا) لكل ما هو إسلامي بحيث غالبا ما تتحكم الانتماءات الايديولوجية بالمصالح المجتمعية و الآفاق المستقبلية ...
ثالثا : ما يحدث في رابعة العدوية و النهضة و غيرها من اعتصامات وثبات في الموقف يدل على أن أصحابها الصامدين في معظمهم هم من أبناء الحركة الإسلامية الذين تربوا على قيم التضامن و الولاء الأخوي للإسلام ، رجال و نساء و شباب من التيار الإسلامي و الوطني أثبتوا قدرتهم على تحدي الصعوبات و البقاء في الميادين رغم الشروط الموضوعية الصعبة ( الرهان على الجوع و العطش و الوقت و حملات البلطجة التي تقتل بالرصاص الحي و التهديدات المتكررة بفض الاعتصامات بالقوة ...) و هو ما يحتاج استعدادا للتضحية في سبيل استعادة الحق المسلوب بالمكر و المكيدة ، و هذا يجعلنا نعتبر الانتماء التنظيمي و الاصطفاف وراء القيادة الواعية هي إحدى أسباب نجاح هذا الصمود و أن الانخراط في الجماعات الهادفة إنما يوثق عرى التعاون و التضامن في أيام المحن و يُجنب أسباب الهزائم عند الشدائد و أنّ الانتماء التنظيمي المنضبط يساهم في الثبات على الموقف ، و هذا عكس "الإسلام الفرداني" الذي ينحصر تأثيره في الشخص دون الجماعة ،في الفرد دون الوطن . إن الانتماء التنظيمي يعزز في كيان المؤمن قيم الإيثار و الثبات و الشجاعة و يقضي على أسباب التخوفات و يقود إلى استمرار التحدي و قلب المعادلة عكس الشعور الفردي الذي قد يهتز بمجرد صدمة هنا أوهناك فتخلو الساحة للظلمة لابتلاعها و التحكم فيها ، طبعا هذا لا يلغي إطلاقا ما للإسلام "الفرداني" من دور في مناهضة الباطل و لا يعطي الأهمية البالغة للانتماء التنظيمي على مستوى الإيمان بالقضية و إنما القصد في مستوى الصمود و درجة مواجهة التحديات أيام المحن التي تحتاج فيها الأمة الرجالَ لاسترداد الحق المهضوم .
رابعا : نستنتج من حركية الصراع في مصر ما أثبتهُ التاريخ الإسلامي من وجود أصناف من العلماء ، و في حالتنا هاته اتضح لنا وجوها ثلاثة من العلماء :
- علماء الميدان الذين انحازوا للحق منذ أول وهلة و صاروا فرسانا في المنصات يخطبون و يصبِّرون و يثبتون و يتقدمون المسيرات بالهتاف و الصدح بالحق دونما تذبذب أو دوران، علماء أخذوا على عاتقهم الوقوف في وجه الباطل فتحدوا القتل و التهديد و السجون و طافوا بأبواقهم دروب المدن يحشدون و يدفعون، علماء في الداخل أمثال أبطال الأزهر و صفوت حجازي و عاصم عبد الماجد و حازم أبو إسماعيل و القرضاوي و حسن الشافعي و محمد عمارة و عبد الرحمان البر و مصطفى العدوي و فوزي السعيد و محمد عبد المقصود (أن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ) و طارق البشري و الشيخ عاطف الفاروقي و طلعت عفيفي وزير الأوقاف المستقيل و وجدي غنيم ...و علماء في الخارج أمثال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعدي من كبار مشايخ السعودية و الشيخ الزنداني رئيس هيئة علماء اليمن ورئيس جامعة الإيمان و العريفي و سلمان العودة و طارق السويدان و رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية الشمالية في داخل الخط الأخضر في فلسطينالمحتلة و راشد الغنوشي و الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق و عائض القرني ... - علماء البلاط الذين آثروا القعود في صفوف أهل الباطل يمدونهم بالغي و الضلال ، علماء حركتهم أحقاد و أطماع، أحقاد للتنظيمات الإسلامية الذين يهددون حصونهم و قلاعهم المهترئة و أطماع تسيل من لعابهم عسى أن يحضوا بشرف الزعامة الوهمية من العَلمانيين بشقيهم العسكريين و المدنيين ، علماء سوء قلة و لله الحمد مرغوا عقولهم في تراب الذل يفتون للسلاطين و يفصلون لهم فتاوى القتل والإبادة الجماعية أمثال مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم و علي جمعة و شيخ الأزهر أحمد الطيب ومحمود مهنا.. - علماء بينيون (أي بين بينَ ) لازالوا يحاولون مسك القضية من الوسط رغم كل هذا الالتفاف الشعبي الهائل ضد الانقلاب، و يسعون -إلى حدود كتابة هاته السطور- إلى وضع قدم هنا و قدم هناك تحسبا لميلان الكفة في أي وقت لهذا الطرف أو ذاك، علماء دخلوا في صمت قاتل رغم كل هذا القمع الدموي و الهجوم الفاضح على الإسلام و المؤامرات المكشوفة و الاعتقالات الدائمة من طرف حكومة الانقلاب و ميليشيات السيسي في وزارة الداخلية و أمن الدولة، و يمثل الشيوخ السلفيون المعروفون (محمد حسام،حسين يعقوب،الحويني،محمود المصري) أعمدة الموقف "الحيادي" في التعامل مع الأحداث الجارية رغم كل الدعوات التي وجهوها علماء من منصة رابعة العدوية بضرورة الإفصاح عن الموقف الصريح مما يجري على الأرض ( عاصم عبد الماجد، صفوت حجازي،الأمين الأنصاري..)، و الغريب حقا في هذا الصمت العجيب أن تجدَ أعداء الإسلام ينسجون مؤامرات تغيير هوية الدولة بكاملها في دهاليز الغرف المظلمة و يسقطون ولي أمر شرعي بتحالف مع الأمريكان و الصهاينة و أموال سحت الخليج و يسفكون الدماء تحت أنظار الجميع و يقدمون الآن مشاريعا لعلمنة الدستور و أصْلَبَتِه لتتحكم القلة بالأكثرية و يُساقُ البلد إلى ليكون مُلحقة بالبنتاغون و توجيهات بني صهيون ، و مع كل هذا لازالَ هؤلاء يترددون في حسم رأيهم و يكتفون بإرسال بيانات خجولة تزيد الموقف ضبابا في ضباب و لا زالوا يتحدثون عن "المصالحة الوطنية" و "حقن الدماء" في ظل غياب الحديث عن شرعية الدستور و مجلس الشورى و في ظل مسك الكلام عن إدانة حكم العسكر الذي خرب الحياة المدنية و حول الدولة إلى ديكتاتورية فاشية قضت على هيبتها و شرف جندها . الغريب أن هاته المنزلة بين المنزلتين لا يمكن لها إطلاقا أن تنسجم مع الموقف التاريخي لعلماء أهل السنة و الجماعة، فإذا كان الفقه السياسي التراثي دارَ في معظمه حول ضرورة "الصبر" و عدم الخروج على الحاكم و إن جارَ حفظا لبيضة الإسلام من الفتن فيُتَحمَّلُ بذلك الضرر الخاص لدفع الضرر العام فإن القضية هنا لا يمكن لها أن تأخذ هذا البعد إطلاقا لسببين : الأول: أن ما حدث من انقلاب هو انتزاء و اغتصاب حقيقي لسلطة مدنية اختارهُ الشعب بإرادته الحرة فكان ذلك دليلا على شرعيته و أن ولاية المتغلب ليست محل إجماع العلماء على شرعيته ، و الثانية : أننا اليوم أمام مس فاضح بالشريعة الإسلامية و تخريب لمنظومتها في الحكم فسقط مبرر الصبر على المظالم بسقوط حفظ الدولة لكلية الدين ، و كأن علماءنا الأفاضل أرادوا أن يضيفوا لنا قاعدة أخرى تقرر بلا جواز الخروج على الدولة و إنْ تعَلمنت ! ، و هو أمر خطير يعبر عن المستوى السياسي الذي وصلَ إليه البعض في التعامل مع متغيرات العصر . إن الصمت و الهروب من الواقع ليس حتى حيادا بل ميلا على سبيل المراجحة و مساهمة في التغطية على الأحداث الجارية و إعطاء للآخر الضوء الأخضر للنيل من المرابطين في الميادين،فالصمت تعبير عن الرضى و في حالات محن الأمة و تميز الحق من الباطل يعدُّ هذا خطأ قاتلا لن تنساهُ الشعوب أبدا ، بل و عندما يرافق الصمت تصريحا هنا و هناك فيزيد الوضع التباسا تفقد الأمة تدريجيا ثقتها بالعلماء من قبيل ما صرح به الشيخ أبو اسحاق الحويني في محاضرة و في أول خروج له عندما قال " كأن الله أراد أن يقول للمتشوقين و الذين يحلمون بإقامة الإسلام "إدَّهلنكم سنة(أي أعطيناها لكم سنة )،منفعتوش(أي لم تقدموا شيئا ) نسلبها منكم لتتربوا و ترجعوا و تعرفوا أن التمكين لا يكون إلا بالعبودية، لو صِرتم عبادا لله لمكنكم بكم حتى بلا أسباب أو بما جرت عليه السنن يعطيكم الأسباب و يهيأكم لها فإن حكم العالم أمر كبير ،إرجعوا إلى أنفسكم مرة أخرى و ليسأل امرئ نفسه :هل أنا عبد لربي فيما بيني و بينه..هل أنأ عبد لربي في حياتي مع الناس..إذا كان الجواب لا عرفنا من أين أوتينا و عرفنا أين الخلل"، الكلام واضح لا يحتاج تأويلا من أحد و إن كان الإبن الفاضل للحويني(الشيخ حاتم) أراد أن يصرفَ معناهُ إلى غير ما قصد . إن الصدح بالحق رسالة العلماء في وقت كل وقت و حين و في تاريخنا من المواقف ما يثبت هذا الأمر، فنحن نريد من أفاضلنا أن يكونوا بمستوى ما كان عليه حطيط الزيات مع الحجاج و ابن تيمية مع غازان التتري و ابن طاووس مع المنصور و سفيان الثوري مع المنصور و سعيد ابن المسيب مع عبد الملك بن مروان و سعيد ابن جبير مع الحجاج و عمرو بن عبيد مع المنصور و عبد القادر الكيلاني مع المقتفى لأمر الله و العز ابن عبد السلام مع الملك الصالح إسماعيل ... - خامسا : تكشف الأوضاع أن الإسلاميين هم الأكثر تعبيرا عن السلمية و الأشد حفظا لقيم الديموقراطية و احتراما لصناديق الاقتراع، و هذا جواب عملي و واقعي على كل الاتهامات المغرضة لهم باستغلالهم للديموقراطية للإجهاز عليها ،فقد كشفت الأيام أن الإسلاميين مارسوا التدافع السلمي و احترام حقوق الآخرين في الاعتراض و التجمهر بل و بالغوا في السماح للإعلام بنشر سموماته و مؤامراته فلم يغلقوا صحيفة و لا اعتقلوا معارضا و لا أحرقوا منشأة و لا زوروا انتخابا و لا هاجموا الأقليات وظلت سلوكاتهم في مصر أكثر إخلاصا للوطن ، و عندما نزلوا للميادين نزلوا بسلمية تامة يضعون بأجسامهم سلاسل بشرية أمام المقرات و الكنائس و مؤسسات الدولة حفاظا لها و صونا لها من أي شيء طارئ ، و في المقابل تجدُ العَلمانيون الفوضويون جُبِلوا على العنف فقاموا بشتى ألوان التخريب و إحراق المؤسسات و قتل المعتصمين و رفع الأسلحة جهارا يهاجمون المقرات و يستخدمون المولوتوف بمساعدة ميليشيات الشرطة المأجورة و عصابات البلاك بوك الإرهابية تحت أنظار وزارة الداخلية و تحت حمايتها، و عندما انقلبوا على الشرعية انقلبوا عليها بالدبابة و ديكتاتورية العسكر و حولوا الدولة إلى ثكنة عسكرية تحكم باسم الحديد و النار و باشروا بحملات قتل الإعلام الحر و مصادرة الحقوق و حجز الأموال و اعتقال المئات من الأقلام الحرة و لفقوا التهم و زوروا صور الإعلام و فبركوا الفيديوهات و أرسلوا ميليشيات البلاطجة تستكمل أدوارها في قنص الضحايا و تحوّل الإعلام العَلماني إلى مؤسسة في خدمة الديكتاتورية تكذب و تلفق بلا قيم و لا إنسانية . كفى بالمرابطين شرفا أنهم أصحاب حق لم تتلوث أياديهم بالدماء و لم يستغلوا الإعلام للكذب، كفى بهم شرفا حماة للقيم بصدور عارية و حناجر مدوية و لله الأمر من قبل و من بعد .