أصبحت اليوم سعيدا كغيره من الأيام, ليس بقد وم مولود جديد بعائلتي و لا لترقيتي بعملي و لا بسبب خبر عاطفي يسرني. كانت فرحتي هذا الصباح بسبب حلم عشته الليلة بياليش و بالضبط بمخيمه كلايريس الضائع, المخيم الذي كان تنتعش منه ميزانية الجماعة و اقتصاد المنطقة في الفترة الصيفية من كل سنة خصوصا الدواوير المجاورة كطوريس, قوبيع و جنانات التابعة لمنطقة بني بوفراح الحسيمة. للتذكير فقط, قلت المخيم الضائع لأنه ضاع فور الإعلان عن تدشين المنتجع السياحي الضخم بكلايريس وتفويته لشركات عالمية متخصصة في الميدان السياحي, حيث قرروا بناء فنادق عالية الطراز إلى جانب ملاعب كولف, مسابح و غيرها من المنشآت المخصصة لطبقة الثراء, إذن حينها أسرع السيد الوالي السابق الرجل المجتهد و بكل ارتجالية إلى هدم المباني البسيطة بالمخيم التي كانت عبارة عن مقهى,مطعم و متجر إضافة إلى شقق للكراء كل هذا قصد منع التخييم انطلاقا من تلك السنة, أي صيف2007 , مع العلم أن الشروع بالعمل كان مقررا بعد العطلة الصيفية آنذاك. بعد طول انتظار و متابعة من طرف الساكنة المحلية ورواد المكان للإفراج عن المشروع الموعود, سنفاجئ مؤخرا مرة أخرى بعد مرور حوالي خمس سنوات بتصريح وزير السياحة الحالي بإلغاء المركب السياحي و ذلك إثر إجابته على الأسئلة البرلمانية في هذا النطاق, مبررا بذلك ظروف الأزمة العالمية وأنه سيتم التفكير في مشروع يلائم خصوصيات المنطقة و الساكنة. هذا بخلاصة سبب تنحية مخيم كلايريس من الوجود, بكل بساطة أسباب ارتجالية و هفوات من اللامسؤولين بالبلاد, و ما خفي كان أعظم. كلايريس المخيم, كان بمثابة فرصة لتعارف و التقاء عدة أسر من داخل المنطقة و خارجها, كان المخيم موسم صيفي للانفتاح على ثقافة الآخر حيث ترى المصطافين كأبناء أسرة واحدة بالرغم من اختلاف ثقافاتهم, لهجاتهم و أحيانا حتى لغاتهم, تراهم في زيارات و ضيافات متبادلة إلى حين انتهاء فترة التخييم. لا أخفيكم قولا فقد عشت الليلة حلما سارا, كأن كلايريس يعود من جديد بحلته المعتادة, عشت الأجواء الياليشية الأسرية, جلست وأصدقائي أمام خيمة شاطئية نحتسي كؤوس الشاي المنعنع, نرقب الغروب الساحر, نتأمل منظر الشمس البرتقالي وهي تنغمس بمياه البحر الدافئة, رأيت بحلمي أناس يكترون مركب الرجل الطيب با لعاربي للتنزه حول الجزيرة المخضرة بفاكهة الهندية, رأيت آخرين متجهين صوب البقال عبد السلام لاقتناء حاجياتهم الغذائية و آخرون عائدون من الميناء محملين بأنواع السمك الطري, و أسر أخرى حول طاولة عشاء بالمطعم التقليدي للسيد قدور. حلمت أني أتجول بأزقة المخيم وشوارعه, أستمع بين الفينة و الأخرى إلى لهجات مغربية مختلفة بل إلى لغات مختلفة من أمازيغية و فرنسية و هولندية و لغات أخرى. مرة ألتقي بشمالي و أخرى بمكناسي, مرة أتبادل التحية مع أوروبي و أخرى مع شاب لا أعرفه حتى, مرة أبتسم في وجه طفل ومرة ومرة...كلها لحظات عشتها في عالمي الروحي. بالمناسبة أقول لأحلامي شكرا ثم شكرللأنها أعادتني إلى الماضي الأفضل بدل التأسف و التسخط على ما آل به واقع كلايريس المؤلم. سأظل أنتظر حلمي هذا عساه أن يتحقق و العودة من جديد إلى الحياة الياليشية, حياة المخيم بكلايريس, و التقاء أسر و أصدقاء فقدناهم مع فقدان كلايريس.