عزلة قاهرة تلك المفروضة على نحو 18 أسرة وسط دوار "تونف" بالجماعة الترابية إنشادن ضواحي اشتوكة آيت باها، حيث أن أسرا قادمة من مختلف مناطق المغرب استقر بهم المُقام بهذا المدشر للعيش في "أشباه أكواخ" تنعدم بها أبسط شروط العيش الكريم. فاطمة، ابنة منطقة آيت باعمران، تحكي للجريدة معاناتها المريرة مع غياب الربط بشبكة الماء الصالح للشرب والكهرباء،إذ شيدت جزء من "مسكنها" بعد اللجوء إلى الاقتراض من مؤسسة للسلفات الصغرى،واصفة العيش في ظل هذه الظروف ب"العذاب المُسلط منذ سنة 2004"،لتبقى في مواجهة هذه الأوضاع القاسية وهي معيلة أبنائها وزوجها الذي يرقد منذ مدة بمستشفى الحسن الثاني في أكادير. أما عائشة، وهي المنحدرة من ضواحي الصويرة، فقد كابدت ولازالت وسط قساوة ظروف العمل في الضيعات الفلاحية باشتوكة آيت باها من أجل توفير ما يكفي لاقتناء بقعة أرضية، رامية لتجاوز تراكم مستحقات الكراء، فكان لها ذلك سنة 2010 حين استطاعت، بعد جهد جهيد، تسييج بقعة بالآجور مع تسقيفها بغطاء بلاستيكي، وتقول وهي تبكي: "مُنعنا من الربط بالماء والكهرباء بذريعة كوننا غرباء عن المنطقة.. وهذه الظروف المزرية تؤثر سلبا على أبنائي المتمدرسين". العياشي هو شاب أصبح يعيش اضطرابات نفسية حادة، وظل طيلة تواجد الجريدة واقفا بمكان واحد، مكتفيا بإطلاق بعض الضحكات بين الفينة والأخرى.. وعنه يحكي جاره مولاي الحسين أنه كان يشتغل بإحدى محطات التلفيف باشتوكة قبل أن يقرر تكوين أسرة، ثم عمل على تشييد مسكن، قبل 3 سنوات، حتى يقي نواته الأسرية ارتفاع الحرارة الصيف وقرّ الشتاء.. ويضيف مولاي الحسن أن السلطات المحلية بقيادة بلفاع قد نزلت ذات صباح على لإزالة ما كان قد برز من بناء العياشي الذي تأثر نفسيا بما جرى، غير قادر على استيعاب تحطم كل آماله بعدما اجتهد وكابد لسنين، إذ تبخرت كل أمانيه في بضع دقائق، وبعدها تخلت عنه زوجته لوضعه العقلي المضطرب. التزود بالماء والكهرباء، والاستفادة من ظروف عيش كريمة، هي مطالب تتقاسمها كل الأسر المستقرة ب"تونفت"، مستنكرة غياب أي تجاوب لرفع الضرر الذي يطالها، ومعظم مقتسمي نفس فضاء العيش زادوا، في تصريحاتهم للجريدة، أنهم غير قادرين على أداء المستحقات المالية التي تطالب بها "جمعية تونفت" بغية الاستفادة من ربط بشباك التزويد التي لا تبعد عنهم غير أمتار قليلة، رافضين نعتهم ب"الوافدين" وإنتاج تعاط تمييزي عن ذلك. المحامي محمد ألحيان الفطواكي، من هيئة أكادير، قال ضمن تصريح للجريدة إن المادة 31 من الدستور كرست تعبئة كل الوسائل لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وتعليم عصري ذي جودة، إلى جوار السكن اللائق والتزود بالماء والكهرباء والعيش في بيئة سليمة، وكل ذلك في إطار التنمية المستدامة. ويضيف الفطواكي أن على الإدارات العمومية المعنية التحرك لرفع الحيف عن ساكنة دوار "تونف" المحرومة من أبسط الحقوق، والتعجيل بربط مساكنهم بالماء والكهرباء دون حيف أو تمييز، خاصة بعد الخطاب الملكي الأخير الداعي إلى النهوض بالأوساط المهمشة والفقيرة وتمتيع المواطن بحقوقه المشروعة التي لا محيد عنها.. وفق تعبيره. أما أحمد لامين، رئيس جمعية "تونف" التي توجه إليها اتهامات بكونها "مُمتنعة عن تزويد المشتكين بالماء الشروب"، فقد قال للجريدة إن المباني المعنية تنتمي للبناء العشوائي غير المنظم، حيث شيدت ضمن تجزئة سرية سبق أن تصدت لتواجدها الجمعية بكل الوسائل.. بينما رفض ذات المسؤول الجمعوي الإفصاح عن أي جدولة زمنية قد تفضي لربط المساكن المشار إليها بشبكة التزود بالماء الشروب، مكتفيا بالقول إن حلحلة هذه الوضعية ستتم في إطار تشاركي مع المجلس الجماعي والسلطات المحلية والإقليمية، وكل المتدخلين. وصلة بربط نفس الساكنة بشبكة التزود بالكهرباء قال حسن فتح الله، رئيس جماعة إنشادن الذي امتنع عن تسليم الترخيصات بالوصل، إنه يتطلب معالجة جماعية بجميع الأحياء التي تواجه المشكل ذاته، وذلك عبر إعداد ملفات ستُعرض على مصالح الONEE بغرض إعداد الدراسات اللازمة في أفق برمجة الاعتمادات المالية اللازمة، مشددا على أن الجماعة لن تتحمل المسؤولية في تفريخ البناء العشوائي والفوضوي.