عادت ظاهرة التنقيب عن الكنوز مجددا إلى الواجهة بمجموعة من المناطق النائية بجهة سوس، تزامنا مع حلول فصل الشتاء، وبدأ معها انتشار أعمال الحفر والنتقيب وسط مجموعة من الدواوير والدور المهجورة بحثا عن كنز مدفون، وتشير إفادات بعض الفقهاء "للجريدة"أن الحفارة عادة ما يستأنفون أعمال الحفر مع بداية هذا الموسم بعد فترة استراحة قد تمتد لشهور عديدةّ، قبل أن يحل الشتاء ويحل معه موعد مطاردة الكنوز في أماكن مشهورة بتواجد الكنوز تعد قبلة مفضلة لدى الحفارة، كمناطق أيت عبد الله وإغرم وتيزنتاس في ضواحي تارودانت وإيموزار في ضواحي أكادير وبعض المناطق المحددة في أيت باها وكذا بضواحي الصويرة. وتشير مصادر أخرى "للجريدة"، إن موسم الشتاء، يعرف عادة انتعاشة لدى تجار وسماسرة الكنوز وذلك بالنظر الى طول ساعات الليل مقارنة مع فترة الزمنية بالنهار، حيث تبدأ أشغال الحفر مباشرة مع بداية الساعات الأولى من الليل، وتمتد إلى ما قبل أذان الفجر بساعة أو ساعتين في الأقصى، قبل أن تتم مغادرة موقع الحفر كيف كانت النتيجة. إذ أن الحفارون لا يمكنهم العودة إلى نفس المكان في اليوم الموالي، خشية الوقوع في أي مكروه من طرف أصحاب المكان من ساكنة الدوار أو ضبطهم من طرف السلطات العمومية متلبسين بالحفر، وبالتالي تفادي السقوط في يدي العدالة التي تجرم عملية التنقيب عن الكنوز. وكشفت ذات المصادر، أن عددا من ساكنة الدواوير النائية استفاقت على وقع أشغال حفر مورست بجوانب الأضرحة والقبور وبعض الأماكن الخالية، وذكرت المصادر ذاتها أن هؤلاء يعمدون أحيانا أخرى، إلى الاستعانة بخدمات بعض المقدمين والشيوخ بهدف ضمان صمتهم وعدم التبليغ عنهم لدى السلطات المحلية، مقابل منحهم بعضا من الأموال المستخلصة من أعمال النصب على الضحايا، حيث سجلت في هذا الإطار بعض الحالات التي تم فيها التبليغ عن أعوان سلطة متورطين في عصابات الكنوز، وغالبا ما يتخذ هؤلاء الفقهاء الدجالون جميع الاحتياطات لعدم إثارة ساكنة الدوار، من قبيل تفادي استعمال الأضواء الكاشفة والاكتفاء بإشارات ضوئية من الهواتف النقالة، فيما بات الاعتماد على آلة التنقيب عن الكنوز، وسيلة متطورة لتحديد مكان الكنز المدفون بدل تكرار عمليات الحفر التقليدية بدون جدوى، في حين تبقى الشكايات التي يوجهها بعض سكان القرى والمداشر إلى ممثلي السلطات المحلية أو القضاء، يكون مآلها الحفظ إذ لا يتم في الغالب فتح تحقيق وتتبع الشكايات، لصعوبة العثور على دليل مادي ملموس يقود إلى اعتقال المتورطين. وتؤكد المصادر ذاتها، إن عملية الحفر واستخراج الكنوز، تتم بسرية تامة،بين أفراد المجموعة التي تتكفل باستخراج الكنز، مكونة من خمسة إلى سبعة أفراد كحد أقصى، حيث يقتسم أفراد المجموعة الأدوار المنوطة بكل واحد على حدا، ما بين حفارين وتاجر كنوز ووسيط وصاحب الملك الذي يتواجد به الكنز المدفون، غير أن الذي يلعب دورا محوريا هو الفقيه المتخصص في استخراج الكنوز، حيث تبقى عيون الجميع شاخصة لساعات تجاه الفقيه الذي يتلو مختلف العزائم والأدعية وإطلاق البخور في انتظار أن تظهر الخيوط الأولى للعثور على الكنز المدفون، إنها لحظات وساعات انتظار، يبقى فيها الكل متشوقا للوصول إلى الكنز وتحقيق حلم الثراء.