وجه الكاتب الأول للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر،في كلمة مؤثرة ألقاها في المجلس الجهوي للحزب بجهة سوس ماسة درعة المنعقد بمدينة أكَادير،يوم الأحد 19ماي2013،انتقادات لاذعة للحكومة لكونها فشلت في تدبيرالشأن العام وعجزت عن معالجة الملفات الكبرى وإيجاد حل للمشاكل والأزمات الإقتصادية والإجتماعية،وتحقيق انتظارات الشعب المغربي الذي بوأها مرتبة متقدمة في الإنتخابات التشريعية الأخيرة. وذكرلشكر،أن الحكومة الحالية رغم أن الدستورالجديد منحها كل الصلاحيات لتحمل مسؤوليتها في تدبيرأمورالحكومة غيرأنها لاتمتلك الإرادة القوية لمباشرة الإصلاح ومحاربة الفساد واقتصاد الريع وإيجاد حلول لمعضلة البطالة في صفوف حاملي الشواهد العليا وإعطاء دينامية للإستثمارات،ونهج سياسة التدبيرالتشاركي لهذه الملفات من خلال الإنصات إلى اقتراحات المعارضة التي منحها الدستورهذا الحق،وهذا راجع طبعا إلى الطريقة السيئة التي يدير بها رئيس الحكومة الملفات الكبرى. فالحكومة ورغم تحذيرات وتنبيهات المعارضة لها استمرت في هذا التسييرالسيئ ونهجت سياسة الطرشان والعميان وتجاهلت هذه الأدوارالمنوطة بها وصارت هذه الأيام تتلكأ وتتلهى عندما تأتي إلى البرلمان وتصرّف كلمات سطحية وعبثية وهي تستهزئ في كل هذا وذاك بالشعب الذي قادها إلى الحكم،وتحتقرملاحظات المعارضة البرلمانية عبر أسلوب الإستخفاف والسخرية التي يقوم بها رئيسها في الجلسات الشهرية بالغرفتين معا والذي أعطئ صورة قبيحة لرئيس حكومة ينشغل فقط بالكلام المعسول والرنان. فالحزب المهيمن على الأغلبية الحكومية(العدالة والتنمية)،يضيف الكاتب الأول،أراد أن يجهزعلى كل رأي مخالف،وعلى كل اقتراح يأتي من المعارضة ولوكان على صواب،وهذا عكس ما كانت تفعله الحكومات السابقة حتى في سنوات القمع والإستبداد،حين كان الإتحاد الإشتراكي يمثل المعارضة لكن ورغم محدودية مقاعده كان له دور أساسي وكبير في تسييرالبرلمان عبر إبداء النصح للحكومة وترؤس اللجن القطاعية،بل وفرت له الحكومات السابقة كل الإمكانيات لكي يلعب دورالمراقبة داخل البرلمان. واستدل لشكرعلى هذه الهيمنة والإجهازعلى الرأي الذي تعتمده الحكومة الحالية من خلال مواجهتها للمعارضة في البرلمان وتكذيبها بعدم وجود أزمة اقتصادية،كما صرح بذلك وزيرها المنتدب في المالية،مع أن الكل خبراء وسياسيونواقتصاديون يجمعون على وجود أزمة خانقة في مجالات اقتصادية عديدة. من أبرزها التراجع عن الإستثمارات العمومية في ميزانية 2013،والزيادة الصاروخية في المحروقات والأسعار،والإقتطاعات غيرالقانونية من أجورالموظفين عن أيام الإضراب ،والتلويح بالإقتطاع والتخفيض من أجورالموظفين تحت مبررسد العجزالمالي الذي تعاني منه الحكومة... وأرجع الكاتب الأول للإتحاد الإشتراكي أسباب ذلك إلى وجود أزمة داخلية لدى الحكومة غيرالمنسجمة بتاتا بين مكوناتها،وأزمة أخلاقية وأزمة الغروروالأنانية التي يتبجح بها رئيس الحكومة في كل المناسبات،وبسبب أزمة تحقيرالآخرين(المعارضة)والإستخفاف بمقترحاتهم وملاحظاتهم وهذا كله إلا نهج يسلكه رئيس الحكومة من إذلال وتقزيم واستصغاردورمؤسسة البرلمان بغرفتيه في التشريع والمصادقة على القوانين بهدف جعله أداة طيعة وخدومة للحكومة. وقال لشكر،فلم يسبق للمغرب أن عرف وزيرا أول يسخر ويستهزئ من المؤسسات مثل الذي يفعله رئيس الحكومة الحالي،بدليل أن الجلسات العمومية بالبرلمان المغربي تحولت إلى مهزلة حقيقية ينعدم فيها الإحترام الذي من المفروض أن يتحلى به الوزير الأول ليجيب ممثلي الأمة بشجاعة دون لف أو دوران. وبوضوح وصراحة في احترام تام للبرلمانيين والمستشارين،والتعامل معهم بنوع من الرزانة واللباقة المعهودة في رؤساء الحكومات،غيرأن رئيس الحكومة بنكيران أصرفي كل جلسات البرلمان بغرفتيه على تكريس ثقافة السخرية والإستهزاء الحكَرة التي مل ّمنها الجميع. فعلى الحكومة إذن أن تتوجه إلى العمل الحقيقي،وتكف عن الخطابات الرنانة التي تدغدغ العواطف،وأن تتهيأ لأسئلة المعارضة للإجابة عليها وأن تترك ممثلي المعارضة يقومون بدورها المنصوص عليه في الدستور،إذ لا يعقل أن يهيمن الحزب الذي يقود الحكومة على السلطة التنظيمية والتنفيذية والتشريعية وسلطة الرئاسة إلى درجة أن جميع السلط الآن أصبحت بيد الحكومة،إلى درجة أنها صارت تقررلوحدها دون استشارة المعارضة،بحيث تنفذ وتراقب في آن بدليل أنها تسأل وتجيب في على سؤالها داخل البرلمان بغرفتيه. واستدل الكاتب الأول على فشل رئيس الحكومة في تدبيرالأمور،بكون الجلسات العمومية حولها في كل شهرإلى جلسات للتناظربينه وبين المعارضة عوض الإجابة عن الأسئلة الحقيقية الموجهة إليه،لذلك انتقد الإتحاد الإشتراكي أكثرمن مرة هذا الأسلوب وطالب بحوارحقيقي بين الحكومة والمعارضة،لأن ما يفعله بنكيران لن يطورأبدا الديمقراطية ببلادنا،بل يجهزعلى كل مكتسباتها وقيمها التي حققناها منذ سنوات،وهذا يشكل خطرا على استقرارالبلاد لأن بهذا الأسلوب السياسي الإستبدادي الذي سيدخل المغرب في نفق مظلم. وأضاف أن الديمقراطية لن تمشي برجل واحدة بل لابد لها من أغلبية مسيرة ومعارضة مراقبة للعمل الحكومي،فهي تضمن حق الأغلبية في التسيير وتضمن أيضا حق المعارضة في المراقبة والمساءلة والمكاشفة،لكن ما يقع اليوم في بلدنا مع حكومة بنكيران نعتبره ردة وتراجعا عن هذه الديمقراطية بل أكثرمن ذلك عن مقتضيات الدستورالجديد بالإجهاز على المعارضة حين طالبت رئيس الحكومة بإخراج القانون التنظيمي للحكومة الذي نص عليه الدستورالجديد،لكنه تعمدعدم الإتيان به إلى حد الآن لمناقشته والمصادقة عليه في البرلمان. وإذا كنا في المعارضة قد رفضنا سياسة رئيس الحكومة،يضيف لشكَر،فذلك راجع إلى أنها تجاوزت الفصل العاشرمن الدستورالذي نص على حقوق المعارضة البرلمانية، وأجهزت عن حقها في الإعلام العمومي وفي التمويل والبحث عن الخبرة لمواجهة البنية التقنية التي تتوفرعليها الإدارة والوزارة لكن هذه الأشياء سكتت عنها الحكومة. فكل ما قامت به الحكومة منذ تعيينها إلى اليوم،يؤكد الكاتب الأول،هوأنها سهرت فقط على إخراج قانون التعيينات في المناصب السامية حتى تتمكن في نوع من الهيمنة من تعيين المنتمين إلى حزب رئيس الحكومة في هذه المناصب على حساب الكفاءات الأخرى ،وهذا فيه تجاوز خطير ينم عن محسوبية وزبونية. ولهذا نتحدى أعضاء الحكومة المنتمين للعدالة والتنمية أن ينشروا للمغاربة نتائج اللجن العلمية وأسماء المتبارين على هذه المناصب حتى يعرف الجميع كيف تمت عملية الفرز والإنتقاء وكيف تم تعيين هؤلاء المنتمين لحزبهم في هذه المناصب حسب معيارالولاء والإنتماءالحزبي وليس الكفاءة والإستحقاق وتكافؤ الفرص. إن رئيس الحكومة،يقول لشكَر،يقود السفينة إلى المجهول،يقودها بدون خريطة وبوصلة ويقدم نموذجا سيئا للتسييرالذي تعيش اليوم بلدان عربية بجوارنا وبالمشرق العربي بعد وصول أحزاب محافظة لها مرجعية تقليدانية إلى الحكم. وأكد الكاتب الأول للحزب ،أن الإتحاد الإشتراكي وأمام ما تعرفه الحياة السياسية من تمييع ويعرفه التدبيرالحكومي من أزمة حقيقية في التسيير،لن يبق مكتوف الأيدي ويتفرج،بل سيدافع عن المؤسسات التي ساهم في إحداثها وتأسيسها وسيحميها ضد ما يحاك اليوم ضدها من هذا التنميط والتدجين الذي يقوم به الحزب المهيمن المحافظ ،كما أنه لن يقبل أن يُجهزبجميع الوسائل على هذه المؤسسات وما حققته منذ سنوات من مكتسبات وحقوق. وحذرلشكرهؤلاء من مغبة المس بهذه المؤسسات لأن مصيرهم سيكون أشبه بمصيركل الذين حاولوا عبرحقب تاريخية المس بالإتحاد الإشتراكي الذي اختاراليوم المعارضة انسجاما مع قناعته ومرجعيته واحتراما لصناديق الإقتراع التي بوأته الرتبة التي احتلها في الإنتخابات الأخيرة. هذا ومن جانب آخرتحدث الكاتب عن آليتين لتقوية الحزب:آلية التنظيم الحزبي من أجل تقويته واستعادة إشعاعه وقوته من خلال توحيد الحركة الإتحادية والعائلة الإتحادية ثم اليسارية،وفتح الأبواب في وجه كل الإتحاديين والإتحاديات والمتعاطفين الشرفاء لتحمل المسؤولية بعد تجاوزالخلافات الهامشية،مؤكدا أن الحزب بعد مؤتمره التاسع سيفاجئ الذين راهنوا على تشتيته وموته وانتهائه،وأقرّأن الوحدة الإتحادية آتية لاريب فيها. وآلية العمل الميداني لكن بدينامية استثنائية جديدة سواء داخل الحركة الجماهيرية المتمثلة في النقابات والجمعيات من أجل ترسيخ ثقافة القرب وتحصين المجتمع المدني من ثقافة التدجين العقيمة أومن خلال العمل على الوحدة النقابية لرص صفوفها وجعلها ذراعا متينا للحزب في كل معاركه القادمة،لذلك توجه الكاتب الأول إلى إخواننا في النقابات لتكوين جبهة نقابية موحدة وصلبة. ودعا الكاتب الأول أعضاء المجلس الجهوي إلى فتح المقرات الحزبية بكل الفروع والكتابات الإقليمية بشكل يومي ليس لعقد الإجتماعات الحزبية الأسبوعية أوالشهرية بل لتكون هذه المقرات فضاءات مفتوحة في وجه الشباب والنساء والطلبة والتلاميذ وفي وجه كافة المواطنات والمواطنين المظلومين.وجعل القطاعات الموازية:قطاع الأطباء والمحامين وقطاع التعليم في خدمة الفئات الفقيرة والمسحوقة. وختم عرضه القيم بقوله:"إن كسب رهان 2015،يبدأ من اليوم ومن العمل التنظيمي المحكم والعمل السياسي الجاد والمستمر والمتواصل وسياسة القرب من المواطنين،بشرط أن يحمل كل واحد منا المسؤولية في التأطيروالتكوين والعمل خدمة لمصلحة الحزب،وأن يسائل كل واحد منا نفسه ما ذا قدم اليوم للإتحاد الإشتراكي حتى يسترجع وهجه وإشعاعه ويرد الإعتبارلشهدائه الذين قررالحزب بشأنهم جعل يوم 29 أكتوبرمن كل سنة،ذكرى واحتفال لهؤلاء الشهداء تكريما وتعظيما واعترافا لما أسدوه لبلدهم أولا ولحزبهم ثانيا . أما الكلمات الأخرى الملقاة في المجلس الجهوي،فقد ذكرت الكاتب الجهوي عبد الكريم مدون السياق الوطني والجهوي الذي ينعقد فيه هذا المجلس،وأهميته التنظيمية والسياسية بعد انتخاب الكاتب الأول والقيادة الوطنية(المكتب السياسي واللجنة الإدارية)،وكذا الظروف الإقتصادية العصيبة التي يمرمنها المغرب وتقاعس الحكومة في مجابهتها بكل الإجتهادات والإمكانيات المتوفرة لديها. في حين انصبت كلمة الكتابة الجهوية للحزب بجهة سوس ماسة درعة التي تلاها نائب الكاتب الجهوي خنفرالبشير،على دعوة كل الإتحاديين والإتحاديات بأقاليم الجهة على الإنخراط في العمل من أجل إعادة بناء هياكل الحزب التنظيمية المحلية والإقليمية والجهوية،بحيث طرحت الكتابة الجهوية على المجلس الجهوي باعتباره هيئة تقريرية برنامجا مرحليا يرتكزعلى ما يلي: 1- تجديد الهياكل الحزبية فروعا وكتابات إقليمية وكتابة جهوية،مع إعادة الإعتبارلمجلس الفرع والمجلس الإقليمي والمجلس الجهوي. 2- إعادة العمل بالمؤتمرات الإقليمية التي تحوّل لحظة تجديد أو إحداث الكتابة الإقليمية إلى حدث سياسي وازن بالإقليم يترك صدى أكثرنجاعة من الإعتماد على المجالس الإقليمية التنظيمية حيث يظل الحدث داخليا معزولا عن المحيط. 3- سلاسة ضبط العضوية حيث ستصبح لوائح الحزب ثابتة لا خلاف فيها وتصبح شفافة وخاضعة لتدبيرعقلاني يكون بعيدا عن التجاذبات المرتبطة بكل استحقاق. 4- الإعداد للمؤتمرات الإقليمية من أجل هيكلة المناضلين في إطار قطاعات منظمة(الطلاب ،التلاميذ،القطاع النسائي والعمالي والمهني،المحاماة،الصحة،الصيادلة،التعليم،التعليم العالي،الصيد البحري...) واقترحت الكتابة الجهوية جدولة زمنية على المجلس الجهوي تحدد سقفا زمنيا لإعادة البناء التنظيمي،بحيث تضع تاريخ نهاية شهريوليوز المقبل كآخرأجل لتجديد الفروع، ونهاية شهرأكتوبركآخرأجل لعقد المؤتمرات الإقليمية ونهاية شهردجنبر2013،لتجديد الكتابة الجهوية. وحثت المجلس الجهوي على جعل سنة 2013،إلى جانب كونها سنة لبناء التنظيم،سنة أيضا لبناء مقرحزبي يشرف الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بعاصمة سوس بأكَادير ،خاصة أن الحزب يتوفرعلى بقعة أرضية أمام سوق الأحد بأكَادير،أدى ثمنها المكتب السياسي للحزب وهي الآن بإسمه،لكن إجراءات البناء اقتضت تقليص المساحة المبنية بمترونصف للإبتعاد عن الضغط العالي للكهرباء. وذكرت الكتابة الجهوية المجلس الجهوي أن المكتب السياسي ملتزم بتقديم دعم لبنائها في حدود 70في المائة،ولذلك اقترحت على المجلس الجهوي اكتتابا على قدرالمستطاع حتى يساهم جميع الإتحاديين والإتحاديات بالجهة بمشاركتهم المادية في بناء المقرالحزبي بمواصفات عالية الجودة. هذا وتجدرالإشارة إلى أن العرض السياسي القيم الذي قدمه أمام المجلس الجهوي الموسع الذي ضم أعضاء الكتابات الإقليمية والفروع الحزبية بالجهة والمنتخبين بالجماعات المحلية والغرف المهنية والفعاليات الحزبية في جميع القطاعات،وممثلي القطاعات الموازية النسائية والشبيبية،كما حضرته وسائل الإعلام المختلفة...عرف مناقشة غنية وبناءة وهادفة من قبل أعضاء المجلس الجهوي. وقد بلغت هذه التدخلات في مجملها أزيد من 25 تدخلا استغرقت مدة زمنية لأزيد من ثلاث ساعات كانت كلها إضافات نوعية وانتقادات بناءة واستفسارات عميقة وجهت كلها إلى الكاتب الأول من توضيح معالم وملامح المرحلة السياسية المقبلة والسيناريوهات المحتملة في ظل ما تعيشه الحكومة الحالية من أزمة سياسية بين مكوناتها. وعجزها عن تدبيرها للملفات الكبرى التي ينتظرالشعب المغربي إيجاد حلول لها كالتشغيل وامتصاص بطالة خريجي الجامعات والمعاهد العليا والرفع من الأجور،والتخفيض من الأسعار،وتعزيزالحريات النقابية.