لم تجد آلتنا البحثية التنقيبية عناء كبيرا ، لتعثر على دلائل الفقر المدقع و حالات الهشاشة البينة ، في جولتنا الأخير حول نماذج غير منتقاة من مداشر و قرى بأحواز تطوان ، حيث تفاجأنا بحالات خطيرة للغاية ، إذ وجدنا أسرا لازالت تستعمل الحطب للطهي و التدفئة بدلا من قنينات الغاز ، كما وجدنا بعض الأسر تفترش الحصير بدلا من الزرابي و غيرها من القماش ، و انتفاء ما يجب بالضرورة من مستلزمات الحياة الكريمة . و الذي لم نستسغه عثورنا على أطفال في عمر الزهور يلعبون بالتراب و الغيس و عجلات الدراجات و قارورات الزيت الفارغة ، غير آبهين بالحياة و ما حوت نهائيا ، و أما حالتهم على مستوى اللباس و التغذية ، فمتردية للغاية ، تختصر في صور الجوع و الأوساخ و الألبسة الوسخة المرقعة . اقتربنا من طفل عمره يناهز 13سنة لنسمع منه ، فقال لنا من بين ما قال أنه لا يأكل الفاكهة إلا يوما واحدا في الأسبوع ، و أنه لم يرتدي لبسة جديدة منذ 2 سنتين ، و أنه لم يغادر مدشره منذ أن خلق ، و أشار لنا إلى مسكن أسرته ، فوجداناه ملأ شؤما و خصاصا و فراغا ، إلا من بضع معزات ، و كثير كلاب محوقلين حول “براكة” قصدير . فقراء من هؤلاء ؟ و من أفقرهم لهذه الدرجة ؟