18 هيئة نقابية وسياسية وحقوقية تعلن تأسيس "جبهة للدفاع عن حق الإضراب"    مقترح مغربي بتأسيس منتدى برلماني مع دول أمريكا الوسطى والكاريبي    مجلس الأمن الإفريقي.. المغرب يدين بشدة أي دعم للحركات الانفصالية والإرهابية    موقع "لكم" ينشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل    تدريب مشترك بين القوات الجوية المغربية والأمريكية في إفريقيا.. لمحاكاة سيناريوهات واقعية    درك الحسيمة يضبط شحنة ضخمة من الحشيش بضواحي كتامة    المحمدي يدعو جمهور بركان لتشجيع الفريق في مواجهة كأس "الكاف"    هنغاريا تعتبر مخطط الحكم الذاتي "الأساس الأكثر مصداقية"    إدانة الفتاة قاتلة الشاب أنور العثماني والحكم عليها ب15 سنة سجنا نافذا    المغرب وهنغاريا عازمان على تعزيز تعاونهما لمواجهة التحديات المرتبطة بتدبير المياه (وزير الخارجية الهنغاري)    عثمان كاير ل"برلمان.كوم": الاتفاق مع البنك الدولي يتتبع مختلف برامج الورش الملكي الكبير للدولة الاجتماعية (فيديو)    250 مليون دولار من البنك الدولي للمغرب لإدارة النفايات الصلبة    حجز أزيد من 19 ألف قرص طبي مخدر في ميناء طنجة المتوسط    بوريطة أمام منتدى تحالف الحضارات: الملك محمد السادس يقولها لكل من يسمع: "المستقبل يبنى بأيادٍ ممدودة وليس بقبضات مشدودة"        اتحاد العمل النسائي يسائل قانون 103.11 لمناهضة العنف ضد النساء        لعلج رئيس "الباطرونا" يتغيب عن المشاركة في مهمة رسمية لمتابعة ملف إبنه المعتقل بتهمة اغتصاب محامية فرنسية    خارجية فرنسا: نتنياهو يتمتع بالحصانة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    كريمة أولحوس وفريد مالكي: تعاون فني عابر للحدود يحيي التراث الفلسطيني    تنسيق أمني يحبط محاولة بيع مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف بشكل غير مشروع    احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا        فريق دونالد ترامب يوقّع اتفاقا مع البيت الأبيض لمباشرة عملية انتقال السلطة    بدء سريان وقف إطلاق النار بين "حزب الله" اللبناني واسرائيل    من أطلق الشرعي؟    الذهب يصعد مع تراجع الدولار قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية    المغرب واليابان يوقعان مذكرة تعاون في مجال تعزيز الاستثمار    أداء إيجابي في تداولات بورصة الببضاء    السجن يستقبل رئيس الرجاء السابق    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان    نتائج مباريات الجولة الأولى من مجموعات دوري أبطال أفريقيا    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    صاحب الجلالة يؤكد على ضرورة التوصل إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف    تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين        في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    حوار مع جني : لقاء !    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرفة النفس ومعرفة المخالف

المخالف هو أصناف المخلوقات، من جماد ونبات وحيوان؛ وهو داخل الجنس البشري، الكافر والعاصي. سبق أن ذكرنا أن الإنسان جامع لحقيقة العالم بكل تفاصيله. وهذا يعني أن من عرف نفسه، لا بد أن يعرف أجزاء العالم ومراتبها، وما يليق بها من معاملة. وبالنظر إلى إخوانه في البشرية، فإنه يعلم حقيقة الكفر، وحقيقة المعصية، وجودا وشريعة. ونذكر المعرفة الوجودية، حتى لا يسقط المرء في تعميم الحكم الشرعي من غير علم، فيظهر حمقه؛ كما هو شأن من يروم القضاء على الكفر ومحوه من الوجود عبر الأزمان.

إن الكفر مقام من مقامات الوجود، لا بد أن يظهر في كل زمان؛ ولا بد أن تكون له مظاهر في كل زمان. وإن الله تعالى لما قال: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7]، فإنما يريد إبراز الحكم الشرعي لا الوجودي؛ لأن الوجود يستوي فيه الكفر والإيمان. فلم يبق إلا أن يحرص العبد، على أن يكون من أهل الإيمان لا من أهل الكفران. وكل مجاوزة لهذا الأمر إلى محاربةٍ للكفر بغير علم ولا بيّنة؛ فإنما هي دخول فيما لا يضمن العبد عواقبه. وكل من سيقيس نفسه على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدون بعده، في مواجهة المعتدين من الكافرين، فإنه سيكون واهما؛ لأن الرباني من نبي وخليفة، يكون على علم وبصيرة؛ يعلم منهما المصدر والموْرد. وإن أردنا أن نوقف العبد على شرط واحد من شروط هذا الأمر، فلنسأله عن الأسماء المتولية للكافرين، وكيف سيعاملها؟.. فإن لم يكن له علم بهذا، فليشتغل بشأنه الخاص، وليكفّ أذاه، يكن على خير.

أما معاملة العصاة، فإنها تتطلب أن يعلم العبد حقيقة المعصية وإلى أي شيء تعود. وكل من يرى نفسه مطيعا، وينسب الطاعة إلى نفسه علما وشهودا، فليعلم أنه لا يصلح لنصيحة غيره؛ لأن مثل هذا -وإن كان يبدو مطيعا- فالعاصي أفضل منه حالا؛ لأن العاصي عالم بمعصيته بخلافه هو المحجوب عنها. وأما من يقيس المعاصي بعضها إلى بعض، ويرتب على ذلك تفضيله لعبد على عبد، فإنه يكون جاهلا جهلا عظيما؛ لأن الترتيب بين المعاصي والطاعات، وترتيب المعاصي فيما بينها، هو غير ترتيب العصاة والمطيعين؛ لأن النفس البشرية وأحوالها الباطنية، تؤثر في الأحكام، حتى لقد تنقلب المعصية معها طاعة، كما هو حال النادمين المنكسرين، وتنقلب الطاعة معصية، كما هو حال المتكبرين المترببين.

إن أغلب ما تعانيه الأمة اليوم من خلط واضطراب، هو من تقدم الجاهلين الصفوف، والحكم على الناس بحسب جهلهم، ونسبة كل ذلك إلى الدين. وهذا أمر حرام عليهم، ليس لهم فيه حجة ولا دليل. وحملة العلم من غير فقه، الذين يزينون لهم ذلك، ويتوهمون أنهم بهذا العمل ناصرون للدين، هم من أئمة الفتنة المنادين على أبواب جهنم. لا يتبعهم أحد إلا دلَّوه فيها. ولا فرق هنا بين الفقيه الفرد، وبين الاتحادات والمؤسسات. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ؛ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»[1]. إن العلم المفارق، الذي لا يكون نورا عند صاحبه، لا يكون إلا كالكتب التي يحملها حمار؛ كما في المثل الذي ضربه الله تعالى لهذا الصنف من العلماء: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5]. هذا يعني أن الحمار يبقى حمارا، وإن حمل جميع كتب العلم. وقد توهم الناس مرة أخرى، أن هذه الصفة محصورة في بني إسرائيل؛ والحقيقة أنها تنطبق على كثير من "علمائنا". ولولا هذا، ما كان الله ذكرها لنا في قرآننا!.. تعالى الله عن العبث!..

إن معرفة الوجود وتفاصيله، لا بد أن تكون مشروطة فيمن يؤم الأمة من جهة الدين؛ وهي الإمامة العظمى عندنا، التي لا تكون إلا لورثة النبوة فينا، والذين يقابلون بحقائقهم الأنبياء من الأمم السالفة كلها.

إن معاملة الكافر والعاصي على أنهما خاليان من نور الله، هو عمى بصيرة، وضعف إيمان. وهل هناك شيء مما هو مشهود في العالم يخلو من النور، والله تعالى يقول: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]؛ يعني سبحانه: أنه ما ظهر شيء في السماء والأرض إلا وهو نور الله. علم ذلك من علمه من أهل النور، وجهله من جهله من أهل الظلمة.

إن ما نقوله هنا ليس تسوية بين النور والظلمة، الذي أشار إليه قول الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16]؛ وإنما هو عودة إلى النور الأصلي في العلم، ليكون خلفية للنور الفرعي الذي دلت عليه الشريعة؛ حتى يكونا نورا على نور، كما قال الله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: 35].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.