هيهات ! في بعض اللحظات وبعيدا عن أعين البصاصين والنمامين وذوي الإشاعات وصناعها ! هناك ذوي الإحساس المرهف والنفوس الأبية والنوايا الصادقة؛ تذرف دموعهم خلسة؛ أوبعْضهم يتفوه بكلام الحُرقة الممزوج ببكاء نابع من ثنايا الأسى والحسرة؛ على ضياع صرخ إبداعي/ فني/ فكري/ جمالي/ إنه : مسرح الهُواة ! ولكن هيهات أن يعود الفارس لصهوة جواده؛ بعْدما اندحر في دماء حربه ؛ وأطاع اللئام على مصارعة حقيقة وجوده. مما ساد صمت مطلق للمشهد المسرحي ؟ وربما صمت مدان ؟ من لدن من كانوا فوق صهوته وجوانية الصرخ أو من مكوناته الأساس؛ هذا ما لمسته من صرخات بعض المسرحيين في إحدى اللقاءات – بمؤسسة الشريف الإدريسي- بمراكش الحمراء. إذ فعلا هناك صمت مطلق؛ وعَدم اهتمام أولفت انتباه كتابة أو نقاشا حتى؛ جَوانية النسيج الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي حول ضياع [مسرح الهواة] ببلادنا؛ ضياع إرث لا يعَوض مهما اختلفنا حول معياره وتقييمه ؛ ضياع بالكاد يفرض علينا أن نتساءل بكل تلقائية وبصوت مرفوع : هل أمسى جُثة : فمن قتله ؟ هل أضحى مومياء: فمن حَنطه ؟ هل تحول لشبح: فمن ضيع ملامحه ؟ هل فقد معناه وذكراه: فمن نسف معنى المعنى وحنط ذكراه ؟ تساؤلات كثيرة ؛ وغائرة في جرح المسرح المغربي. ولكن حبذا لو تتعدد الإجابات وتم طرح جملة أو بعض من الرؤى والأفكار حول سبل مواجهة: من أهدر دم مسرح الهواة ؟ بدل ترك مياه المسرح الهاوي راكدة في بركة يعلوها الوحل والطين؛ ليبقى سجله ووضعه بعيدا عن المناولة والنقاش وينمحي السؤال الثابت والمطروح ؟ وكم من موضوع انمحى ليس بالتقادم بل بالنكران وعدم النبش فيه ؛وبالتالي ما أراه أصوب : فمسرح الهواة الذي (كان) لم يعد مومياء أو شبحا أو حتى جثة ؛ نتمسح بها أونشخص سقوطها في براثين دمها المسفوك ؟ الجل تبرأ منه كأنه لم يكن ذاك الكائن؛ الذي كوَّن وأنشأ ذاك الكائن الذي يتبرأ منه ( الآن ) كأنه لم يكن شيئا مذكورا ؟ أو كائن نجس ! أوبمثابة رجس ! ولاسيما أن مسرح الهواة في المغرب؛ كان يعد استثناء في بنيته ومنظومته وتنظيمه ؛ عن تجارب العالم ؟ بمعنى أن المفهوم الشائع بأن الممارسة الهواياتية، تكون أقل خبرة وكفاءة من الممارسة الاحترافية. وبالتالي فهو كان بمثابة مؤسسة يتخرج منها (المحترفون) وسيخرج مسرح المستقبل! مفارقة !! لكن في حالة – المغرب- فمسرح الهواة هو الاحتراف بشكل من الأشكال؛ ولكن من الناحية الإبداعية والجمالية كانت أغلب الجمعيات – محترفة – في صنعتها ؛ ولاسيما أن مفهوم الاحتراف ( المهنية/ الفرقة) لاوجود لها في بلادنا؛ فحتى مسرح الناس أو فرقة البدوي أوالقناع الصغير مسرح الحي أومسرح البرَّكة أوالوفاء المراكشية أومسرح اليوم أو مسرح الشمس… إن هاته أو تلك التجارب وغيرها تبقى تجارب ليست إلا ؛ ويمكن أن نطلق عليها ( تجارب تجَمُّعية) لأن الفرقة ( الاحترافية) لا تنهار و لا يتوقف عطاؤها بعد سنة أو سنتين؛ لأنها – مؤسسة فنية لها بُعْدها واستراتيجيتها ومنظورها تدبيري في الإنتاج وترويج منتوجها الإبداعي….: لأن تجربة الاحتراف المسرحي في المغرب لم تؤسس بعد، فقط يوجد متفرغون يشتغلون على هواهم، وان بطاقة الفنان مكسب للفنان المسرحي، وأن الهواة طبعوا البهاء على المسرح المغربي (1) والمفارقة أن تلك [ الفرق ]التي كانت ولازالت تؤطر انوجادها في صف ( الاحتراف) وفي واقع الأمر؛ هي جمعيات؛ خاضعة للظهير الشريف لتأسيس الجمعيات ؛ وليس لظهير قانون الشغل ! وبالتالي فهذا الشق لم يتأسس بعْد؛ بل فقط يوجد متفرغين يشتغلون على مزاجهم الفني ، وحتى تلك التجارب التي تصنف نفسها( احترافية) لم يتم قراءتها بشكل علمي ومعقلن في إطار دراسات جادة، لفهم أنساق اشتغالها وأسباب تعثرها أو فشلها ؟ ففي غياب ذلك لا يمكن تأطيره من خلال محموله ( الاحترافي) الذي يبقى مجرد توصيف بدون مدلول عملي/ قانوني/ تنظيمي/…/ والأنكى أن أصحابها لم تكن وليس لديهم الجرأة في كشف وتوضيح الأسباب الرئيسة في انتهاء مشروعهم؛ بحيث الغموض والضبابية في تفسير أسباب النهاية التي آلت إليها تلك التجارب ؟ وبناء عليه : فرواد تلك التجارب؛ لم يكونوا كما أشرنا [محترفين] بمعناه اللوجستيكي والإبستمولوجي؛ لأن [ المِهنية = الاحتراف] لا تموت ! ولا تندثر ! ولهذا فالمسرح يولد من رحم المجتمع ومؤسساته وكذا من حالاته الفنية ؛ التي تعتبر أيقونة لوجوده كوجود معقد ومملوء بالمتناقضات والانقلابات بالمشاكل التي حيرت حلولها عقول الفلاسفة والمفكرين؛ لكن عوالم المسرح تختزل كل هذا في حبكة درامية ؛ فعاليتها ومبدعوها هواة ببلادنا؛ لكن أهدر دمه و نحن أحياء. لكي يموت المقدس الذي كان يحتويه…نعَم والإنسان لازال موجودا ومسرح الهواة اغتيل ليعيش موتته الأبدية . التنظيم الخفي!!! وإذا كان المسرح من خلق الإنسان ؛ لكي يتبرأ من كل عنصرية كوجود مجرد ولإبراز صراعه ؛ مع القوى الطبيعة أو قوى الشر وقوى تخريب الإنسانية .فلقد انطفأ بريقه ولمعان تلك الإبداعية التي كانت روح عطائنا ووجودنا ! فبين أرواحنا وروح الفعل المسرحي تداخل مهيب؛ فالمسرح الهاوي؛ كان منزوع الذاتية؛ ليصبح نفسه موضوعا لأرواحنا؛ والعكس مثبوت كذلك؛ فبالرجوع بالذاكرة قليلا؛ وذلك لاختزال تاريخه؛ فالملاحظ أن ممارسوه وعشاقه كانوا أكثر اتزانا وتوازنا؛ في العطاء الفني والإبداعي ؛ وفي تحقيق عمق الممارسة خصوبة وثراء فنيا. وذلك إبان الحضور في الملتقيات والتظاهرات الإقليمية والوطنية. ولعل أبرزها وقتئذ[ المهرجان الوطني لمسرح الهواة] بغض النظر عَلى كَواليسه والمتلاعبين على احتكاره وتكريس مفاهيم مضللة؛ يبقى تظاهَرة وطنية ؛ مأسوف على اغتياله وسفك دمه بدون مشروعية ؛ وفي انعدام المشروعية؛ هل حقيقة المسرح هو جوهر عصره، لأنه يستمد وجوده من ذات الممارسة الاجتماعية ؟ بدهي أن المسرح كينونة كائنة ؛ رغم بعض التحفظات؛ التي كانت تتمظهر في بعض المحطات التاريخية ؛ والتي تتلاقى بنسق مجتمع محافظ/ منغلق؛ الغالب فيه هَيمنة مؤسسات التحريم، التي تمارس خطابها بأشكال مختلفة ومتعددة في مجتمعنا. ورغم ذلك ظل مسرح الهواة؛ صامدا في مشهده والمشهد الثقافي عموما؛ بحكم الحِسّ النضالي لفعالياته وشبابه؛ وكذا رافدا أساسيا للممارسة المسرحية؛ لأنه كان منجذبا لسيكولوجية ممارسيه ؛ ومنظوم مجتمعه . ومن ثمة فممارسوه كانوا يتحَدون النسق الاجتماعي ؛ للتعبير عما ينبغي أن يتجاوزه المجتمع للانتقال : كمطمح لعصر آخر. فمن هاته الزاوية ؛ استجلب أو تماهى مع العَديد من التجارب المسرحية عالميا؛ ذات منطلقات فلسفية وفكرية وسياسية ؛ بمعنى كان [مسرح الهواة] يعيش تطلعاته . ومن هذا التفاعل كان الإقصاء تارة واضحا وتارة أخرى ملتويا؛ زئبقيا ؛ وخاصة تجاه المسرح – الجاد والملتزم- مما ظلت لفظة / صفة ( الهواة) تقزيمية لكل ممارسيه ! فرغم الوعي الضمني لمفهوم (التقزيمية) أمست فعاليته في اتزان وتوازن ؛ نتيجة العِشق التوحدي الذي ساهَم في تداخل الذات بالموضوع الذى هو توأم الشرط الذاتى ؛ فبدونهما معا أوعَدم اندماجهما فى آن. لن يتحقق الفعل الإبداعي؛ ولكن وعي الهواة بذلك؛ أفرز تداخلا من الصعب تمييز بين الموضوعي/ الذاتي؛ في الممارسة المسرحية الهاوية؛ نتيجة الدمج وشحْذ جماع خبرتها وخيالها لخلق إبداع ؛ في بعْده الأعم (كان) يقف موقفا معارضا مغايرا. رغم التوجهات القبلية في تأطيرالممارسة المسرحية واحتوائها تحت يافطة سياسة ؛ تؤطر نفسها في [الثقافة الشعبية ] : وتنظيم خاص يجعل منها جزءا لا يتجزأ من التنشيط المهيأ والموجه لما كان يسمى في عهد الاستعمار((جمعيات الشباب الثقافية)) التي يؤخذ فيها بعين الاعتبار لا المقاصد الفكرية والفنية؛ ولكن حاجة المراهق الشاب إلى تحقيق وتأكيد ذاته في إطار تجمع يصرف فيه مقتضيات نموه النفسي والعقلي وأحلامه الطموحة(2) فهذا منظور؛ والتي عملت الشبيبة والرياضة كقطاع حكومي على الاهتمام بها؛ وذلك في ميدان سياستها المتبعة. ومحاولة تصريفها عبر مذكرات تنظيمية للمشاركة في المهرجان؛ وعبر تحريك وضبط – رواد- دور الشباب ولكنه عمليا لا يقاس على ممارسي مسرح الهواة( آنذاك) لأسباب تندرج في طبيعة المشتغلين في نسيجه ؛ بحيث أن أغلب ممارسيه وفعالياته ؛ كانوا خارج مرحلة ( المراهقة) علما أنه لم يكن امتدادا لمسرح الحركة الوطنية ؛ ورغم ذلك حاولت الأحزاب بشتى الطرق؛ استقطاب الجمعيات المسرحية ؛ كدرع ثقافي وفني لها ؛ مما كانت تنشط وتقوم بتداريبها المسرحية في بعض المقرات الحزبية أو المكراة أو هبة من لدن عشاق المسرح ؛ بمعنى أن أغلب الممارسين كانت تجمعهم بدور الشباب سوى التنظيم القانوني ( فقط). مما كان الوجه الحقيقي لفن الاحتراق المسرحي ، احتراق من أجل الآخرين ؛ وذلك من خلال تضحيات رجالاته وشبابه وارتباطهم بالقضايا الإنسانية والوطنية والقومية. والتزامهم الفعال بقضايا الإنسان والمواطن المسحوق ،عَبرالكَلمة الجادة والجمالية المدهشة، لذات المسرح ولروحه؛ وليس حُبا في الظهور والدعم المادي.. وبالتالي فالجمعيات المسرحية كانت ولا زالت في بعض المحطات؛ الرافد الأساس في الدفع بالحركة المسرحية لتطوير جديتها وعطاء إبداعيتها؛ مما كان رواد مسرح الهواة ، أكثر حماساً وإخلاصا ؛ للفن والإبداع . ويدفعون دم قلوبهم ! ومن صبيب عرقهم ! ليس من أجل هوايتهم؟ بل من أجل المسرح ككائن في كينونة فعله وتماهيه ؛ باعتباره من بين الوسائل التثقيفية والاعلامية ؛ ومساهم بفعالية في تفعيل الوعي السياسي والاجتماعي؛ وذلك من خلال الفرجة والمتعة؛ المبنية على فكر خالد وجمالية خلاقة . علما أن الجمعيات المسرحية ؛ استطاعت أن تنمو وتتقوى بذاتها وتدبير إنتاجها المسرحي / الفني من ذوات أعضائها؛ دونما الاعتماد على الدعم ؛ بل عَبرالتضحيات والاكتتاب والمساهمات من لدن أشخاص ذاتيين واعتباريين ، فتلك الحقائق عشناها؛ ولا يمكن للممارسين الذين تخلوا عن شقهم إنكارها؛ فمن خلال التآزر والتفاعل المادي والمعنوي ؛ أفرز مستويين من التحقق العياني وليس النظري: 1/ تحقق الاندماج الاجتماعي والتواصلي بين جل المسرحيين، فكان هنالك تعاون ومساندة؛ وتضحيات سيزيفية ؛ ربما سيزيف لن يستطيع لها صبرا ! إذ كيف نفسر تلاقي ومشاركة جمعيتين أو ثلاث في عمل واحد؛ علما أن كل جمعية من مدينة؟ فكيف نفسر أن: بعضا من المسرحيين ضحوا بوظيفتهم ومصدر عيشهم من أجل إتمام عمل مسرحي في مدينة أخرى؟ أو فنان يقدم عرضا مسرحيا؛ متزامنا ووفاة أحد أصوله أو أقاربه ؛ أو ازدان فراشه بمولود؛ تلك حقائق وليست مجرد توهُّمات أو حشو كلام … 2/ التحقق العملي في الإنتاجية؛ بحيث أغلب الجمعيات الهاوية ؛ أنتجت ممثلين لهم طاقات خارقة جدا ومؤلفين ومخرجين ؛ دونما إغفال أفراد أبدعوا و مارسوا التقنيات وإنجاز ديكورات؛ فكان بحَق أفراد كل جمعية لحمة واحدة؛ رغم بعض الاختلافات والمناوشات؛ وهذا طبيعي . ولكنهم أبدعوا وأنتجوا وأنجزوا أعمالا نوعية ، خالدة ؛ طبعت البهاء والرونق على المسرح المغربي، حيث كان للمسرح قدسيته و للركح هيبته وسحره الأخاذ؛ فرغم التغيرات والتوجهات السياسية وفق التحولات الداخلية والتي تفرض جَدلا تغيير وتغير التعبيرالفنى من واقعه الفكري والعملى الذى كان فيه؛ إلا واقعه الآني الذي أفرزته التقلبات الخارجية التي ثؤترعلى الوجهة الوطنية والقومية ؛ لكن المسرح الهاوي؛ لم يغير روح كلمته وعطائه وتوهجه؛ بل ازداد قوة بتعدد الجمعيات المسرحية حتى في المداشر والقرى؛ التي قدمت تجارب و أسماء رائدة . نقطة التحول ؟ لكن التحول المفصلي؛ تمظهر (1 في مئة) لخلق انتعاشة لشق المتفرغين؛ ومحاولة تذويب العطالة الموسمية للفن؛ لكن شق الهواة ؛ فعاليته وممارسوه، هرولوا نحوها بدون وعي متزن؛ ليتحول ذاك المسرح / الكائن المتمرد والمشاغِب والعَصي عن المطاوعة ؛والذي لعب دورا مهما في صناعة الأجيال وطارحا أسئلة مقلقة ؛ خارج عنق الزجاجة ، إلى كائن شبحي(جوانية الزجاجة) وتبعي :سياسيا واقتصاديا و ثقافيا؛ نحو( الدعم) فهل هذا المعطى سبب مباشرأومساهم في إهَدار دَم مسرح الهواة ؟ لتتكسر قلوب مريديه وممارسيه وعشاقه الكثر ؟ أم الإدارة أوالجهة الوصية ؛ هي التي أهْدرت دمه ؛ حتى لا يبقى متجذرا في تربته الأصيلة ومتطلعا إلى مستجدات مسارح العالم ؟ وما أعتقد أن يكون الأمر كذلك؛ لأن المشرف الرئيس عن مسرح الهواة( كان) هو مركز الأبحاث المسرحية؛ الذي من شأنه حماية الناشئة وتوجيهها تجاه (الثقافة الشعبية ) التي غرسها الفرنسيون آنذاك ؛ ومسرح الهواة فعاليته لم تكن من الناشئة ؛ بل من شباب ورجال لهم مسؤوليات أسرية ومهنية ( آنذاك) ؟ رغم أن المسؤولين على القطاع حاولوا بتوجيهات الأجانب الذين ظلوا في قطاع الشبيبة والرياضة بعيد الاستقلال؛ ممارسة توجيهه نحو شرنقة ( الثقافة الشعبية) كما أشرنا؛ ولكن هل مسرح الهواة ( وقتئذ) حقق استقلاله فعلا؟ لآن هناك صورة أخرى طرحت في أواسط السبعينيات من القرن الماضي ؛ من لدن من عاش معمعان الممارسة نقدا ومواكبة ولكن لم تناقش ؟ ومفادها: … ويوهمنا بأن مسرح الهواة حقق استقلاله الفكري والسياسي؛ قبل أن يتحقق ذلك على صعيد الأمة كلها، ولكنه في الحقيقة يعمق تورطه في لعبة تخديرية لحساب مجموعة من (( رجال أعمال المسرح)) الذين يتقنون تنظيم (( بورصاتهم الفنية)) ليكونوا على علم بأخبار السلع الفنية وحركاتها وقيمها وما في بطونها من إمكانيات الربح والحصول على الامتيازات والجوائز، وتلك أمور لا يتحكم في ناصيتها إلا الراسخون في الحبك المسرحي المخلوط بالإتجار غير البريء؛ كل ذلك باسم الفن وثورة الشباب(3) أكيد أن الطرح فيه نوع من الغموضية ولبس الفهم؛ لكن من عاش صراعه وإقصاءه وتهميشه في فضاء مسرح الهواة؛ يستنتج ما كان يقصده صاحب الطَّرح ؛ و في عمقه استخلاصا؛ بأن مسرح الهواة كانت بمثابة واجهة للمتاجرة سياسيا واقتصاديا ؛ عند بعض من هم محسوبين على القطاع تنظيميا وإداريا وحتى ممارسة؛ وبالتالي فهؤلاء ومن تربى في أحضانهم؛ ألم يكونوا سببا في إهدار دمه ؟ هل التنظير المسرحي ومحموله نحو وَهْم التأصيل؛ كان سببا في إستئصاله من الداخل؛ نتيجة صراعات جوفاء وهامشية ؛ تلك عصفت بكل أحلامه العتيدة، فتم إهدار دمه بالتدريج ؟ هل التحولات نحو العولمية ؛ والاحتكام لمنطق السوق؛ سبب من الأسباب الرئيسة في إهْدار دمه؛ لينحو المسرح نحو- الماركوتينك والاقتصاد بدل الضجيج والروح القتالية والنضالية المزعجة لرجال المال والأعمال ؟ هل هنالك أيادي خفية آثمة تكالبت عليه ، لإفراغه من محتواه واستنزاف طاقاته الإبداعية ؟ حتى يصبح المبدع المسرحي – سيكوباتيا- نرجسيا- انتهازيا – بدون روح إنسانية ؛ تضفي على القلوب روح الأمل المشرق والحب الصادق بين الإنسان والإنسان. أسئلة وتساؤلات متعَددة تتناسل؛ عمن أهدر دم مسرح الهواة (؟) وتوارى خلق قناع الحياة( ؟ ) وحول ممارسته وممارسيه إلى ذكرى بدون إحساس( ؟ ) لأن العديد ممن كانوا منتسبين إليه؛ بدورهم اغتالوا ذكرياتهم بصمت مريب؛ وعَدم تأطير وجودهم فيه؛ أثناء أحاديثهم ؛ لأنهم لم يقتلوا النوستالجية التي تسكنهم بل قتلوا روح الإحساس الفني من روحهم ؛ لينقطع خيط النور المسرحي الذي أضاءهم وأضاء عقودا من الزمن ! زمن رغم عدم تقادمه : أمسى غابرا في سجل المسرح المغربي !! الإحالات : 1-/ قول المسرحي: عبد المجيد فنيش في ندوة الرباط حول المسرح – انظر- التغطية – في موقع كلامكم أو في مطبوع صحيفة الحقيقة نيوز03/03/ 2016 2- / وجهات نظر حول واقع مسرح الهواة لمصطفى القباج مجلة الفنون س6 ع1 نونبر1979 ص5 3- / نفسه ص 5/6