عبد الإله أبعصيص هي تمرين رائع على تعبئة الموارد من اجل مواجهة مشكل/ضرر مشترك بين عناصر مختلفة. وبغض النظر عن كل الأسئلة التي صاحبت ميلادها فالأمر الأكيد الذي لا غبار عليه هو أنها أحدثت رجة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام. بل حركت حتى الباحثين والأكاديمين لمنابعتها ورصدها. من منا لم يرجع لمكتبته للبحث عن مفهوم المقاطعة من منا لم يحرك جهاز حاسوبه للبحث في المواقع الالكترونية للتنقيب تاريخ المقاطعات الناجحة. فعلا لقد حركت مياها راكدة. لقد شغَلت النظام وشغَّلته. لقد اسقطت ورقة التوت عن عورات وعورات. لقد فضحت تناقضات النظام الداخلية. وبرهنت بما لا يدع مجالا للشك ان الاقتصاد هو من يصنع السياسة. وان سياسيينا الذين من المفروض فيهم ان يكونوا جيدي الانصات وقادرين على التفاعل بايجابية مع كل ما يعتمل داخل المجتمع بعيدون كل البعد عن ذلك. لقد أثبتت هذه التجربة الفريدة في المغرب ان مسؤولينا وصناع القرار يعانون فقرا مدقعا في آليات التواصل ولا يجيدون الا لغة واحدة “الترهيب” والتخوين والتهديد والوعيد. لقد فضحت كل من هو مستعد لبيع ما خلفه وما امامه فقط لنيل الرضا. فضحت هواة الانبطاح والصياح. وايضا محترفي ركوب الامواج. لقد كانت ضربة قاسية لمن صدعوا رؤوسنا بما قال الله وما قال الرسول وعند اول اختبار مباشر مع مواطنين عزل الا من حواسيبهم وهواتفهم وبعض كرامتهم اختاروا جهة المال على جهة القيم. فتخلوا عن الله وعباده وارتموا في احضان المال وسلطانه. كثيرون ترددوا في البداية. وأنا واحد منهم. ليس من باب الخوف أو من باب الشك ولكن فقط حتى يتبين الخيط الأخضر من الخيط الأزرق. لكن لما تبين ان الأمر يعني كل المواطنين والمواطنات بغض الطرف عن وضعيتهم الاجتماعية. انخرط الجميع وأنا منهم طبعا. وقد زاد من وتيرة السرعة الردود البلهاء لبعض المسؤولين. ممن خون ودوخ وجوع…فارتفع منسوب الحماس لدى كل المشككين. وانضاف لجموع المقاطعين جمهور غفير ممن أحسوا بالمهانة من عبط الردود.. لقد دلت هذه المقاطعة على القدرة الذاتية للمجتمع لأخذ زمام المبادرة بل استعادتها لو اعتبرنا المقاطعة قرار شعبي لزرع الروح في ملاك التغيير الوسنان كي ينهض ليتمم رسالة الوحي بمكارم النضال وعدم ترك حبل الرأي العام على غارب جهات معينة محدودة.