منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الحراك بالريف في شمال المغرب، عقب مقتل السماك "محسن فكري" في الحسيمة طحنا في شاحنة لنقل النفايات، كانت الشابات جنبا إلى جنب مع الشبان في كل المحطات الاحتجاجية التي استمرت على مدى سبعة أشهر. ومع تصاعد الأحداث خلال الشهر الاخير كان واضحا دور المرأة الريفية في الحشد والاعلان لاستمرار الاحتجاج، حيث برزت أسماء تحولت مع الوقت إلى أيقونات يتوهج بهن الحراك ويتقد، ومع اشتداد سطوة القمع والحصار لم تتراجع الريفيات إلى الخلف، بل استمرّن متواجدات في قلب كل المعارك التي عرفتها مختلف مناطق الريف المغربي بل وتقدمن المظاهرات واعتلين المنصات للهتاف باسم الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. النساء الريفيات ومع انطلاق شرارة الاختطافات والاعتقالات لم يغادرن الميدان، بل صعدن إلى مقدمة المواجهة، فما إن اعتقل قائد الحراك والناطق باسمه "ناصر الزفزافي" حتى برزت "نوال بنعيسى"، الأم لأربعة أطفال، التي وصفتها وسائل الاعلام بخليفته كقائدة للحراك، وهي التي تحدت حملة التخويف واتجهت كصنديدة لا تهاب لتسلم نفسها إلى زوار الليل في تحد بطولي لإرهاب اسمه الاعتقال، ومعها صدحت رفيقتها "سيليا الزياني" بصوت الحرية مدوية منذ اللحظة الأولى لاعتقالها حيث أصبحت رمزا للمرأة الريفية التي يحق لوالدها أن يفخر بها، فخر جعل المخزن محاطا بقضبان شاهقة من العزة والكرامة. لم يتخيل عقل المخزن وهو يوجه الاستدعاءات لناشطات الحراك انه سيزيدهن إصرارا على التحدي والتشبث أكثر بحقهن وحق كل أبناء وبنات منطقتهن في الحياة الكريمة، صمود وتحدي رسمته في أجمل صورة "بشرى اليحياوي" وهي ترفع شارة النصر إلى جانب ثلاثة من إخوانها معلنة عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أنها متجهة لتسليم نفسها في مخفر الشرطة. في الريف لم تعد قيادة الحراك والحشد له حكرا على الرجال، فكما يذكر اسم "نبيل احمجيق" و"محمد جلول" و"محمد المجاوي" تذكر على قدر المساوات أسماء "وردة الاجوري" و"كريمة امحاولن" و"سارة خالي" و"سارة الزيتوني" وغيرهن من أيقونات الشعب المغربي المشرقات في الريف. نضال تقوده النساء جنبا الى جنب مع الرجال لا يمكن أن يهزم، هذه حقيقة تاريخية تؤكدها أمهات المعتقلين هذه الايام من خلال تواجدهن كل ليلة في مقدمة الاحتجاجات التي تخرج في أحياء الحسيمة وباقي البلدات، لتملأ الريف صراخا حفاضا على قسم الحراك وعهد الابناء المعتقلين.