محمد الهيني لن يصبح محاميا.. هذا هو القرار الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتطوان يوم الأربعاء 23 نونبر 2016 والذي ألغي بموجبه مقرر هيئة المحامين بذات المدينة المتعلق بقبوله ضمن منتسبيها، والذي فتح نقاشا قانونيا وحقوقيا وسياسيا شارك في صياغة عناوينه مجموعة من الأطراف والأساتذة بتطوان وعلى صعيد الوطن. فمنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن موافقة مجلس هيئة المحامين بتطوان مساء الأربعاء 12 أكتوبر 2016، على قبول القاضي المعزول محمد الهيني، ضمن منتسبي الهيأة، انطلقت شرارة النقاش حول قانونية هذا القرار من عدمه. النقيب نور الدين الموساوي فحسب نقيب هيأة المحامين بتطوان الأستاذ نور الدين الموساوي فإن "الهيني" تم عزله من مهنة القضاء بناء على إخلاله بالضوابط المنظمة لمهنة القضاء من حيث خوضه في الإشكالات التي لها طابع سياسي، وعدم إبداء واجب التحفظ إزاءها، وبالتالي فالأسباب التي عزل من أجلها ليست ماسة بالشرف والمروءة، ومن ثم فإنه وتطبيقا للمادة 5 من القانون التنظيمي لمهنة المحاماة تم إصدار القرار القاضي بقبوله للعمل ضمن هيئة المحامين بتطوان بالرغم من موضوعية القرار الذي اتخذه المجلس الأعلى للقضاء بعدما أخل الأخير بواجب التحفظ الذي يجب أن يتحلى به الممارس لمهنة القضاء، مؤكدا في نفس الوقت بأن نقابة هيئة المحامين بتطوان قد تدارست هذا الطلب بتجرد واستقلالية، واتجهت فيه إلى التطبيق الحرفي للقانون، منوها في نفس الوقت بعدم تعرض النقابة خلال مدة دراستها لهذا الملف لضغوطات من أية جهة كانت، سواء لقبوله أو لرفض قبوله ممارسة مهنة المحاماة داخل هيئة المحامين بتطوان. رأي النقيب "الموساوي " جاء واضحا في جزء كبير من قرار تقييد الهيني في جدول المحامين الذي تضمن ايضا حيثيات تجاوزت سقف ما سبق وصرح به النقيب إذ إعتبر المقرر المذكور أن المجلس الدستوري وفي اطار اختصاصه وهو يبت في مدى مطابقة القانون التنظيمي 13.106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة مع الدستور، قد اعتبر بأن عبارة "أو الادلاء بتصريح يكتسي صبغة سياسية" موجبا لتوقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه غير مطابق للدستور، مستشهدين بنص المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وبالتالي فإن الرأي السياسي مكفول لكل انسان و العقاب لأجله مرفوض بل ومحرم. تجاوز سقف تصريحات النقيب "الموساوي" الموضوعية، ربما أغضب أعضاءا بالمجلس الدستوري الذين اعتبروا الامر تدخلا قي شؤونهم وقرارهم، وهو الأمر الذي عجل بقرار الطعن وجعل ملف الهيني يدخل فصلا آخر من مراحل الصراع. وزير العدل مصطفى الرميد يتوسط الوكيل العام باستئنافية تطوان والرئيس الأول للمحكمة ذاتها الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمدينة تطوان برر قرار الطعن الذي تقدم به في حق " الهيني"، بعد قبوله محامياً في صفوف هيئة المحامين بالمدينة نفسها، بكون الهيني سبق أن صدرت في حقه عقوبة العزل من طرف المجلس الأعلى للقضاء وهي عقوبة تأديبية بحسبه. واستدل الوكيل العام للملك في تبريراته على المادة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة، ذلك أن المرشح لمهنة المحاماة يجب أن تتوفر فيه عدة شروط، من بينهما ألا يكون محكوماً عليه بعقوبة قضائية أو تأديبية أو إدارية، بسبب ارتكابه لأفعالٍ منافية للشرف أو المروءة أو حسن السلوك، مؤكداً أن عقوبة العزل في حق الهيني "وحدها تغني عن اجراء أي بحث بسلوك وأخلاق المحكوم عليه، وحيث أنه لما كانت مقتضيات الفصل 18 من القانون المنظم لمهنة المحاماة لا تخرج عن السياق المنصوص عليه في المادة 5، إلا أنه، أي الفصل 18، يعني القضاة المحالين على التقاعد، سواء كان تقاعدهم نسبياً أو تقاعداً كاملاً لبلوغهم السن القانوني، وليس القضاة الصادر في حقهم عقوبة العزل كعقوبة تأديبية المنصوص عليها في الفصل 59 من النظام الأساس لرجال القضاء، فضلا عن كون الطرف المعني بالطعن قضى فقط زهاء 17 سنة في مهنة القضاء، وبالتالي لا يدخل في الصنف الذي تطبق عليه المادة 18 المذكورة، ويعتبر منعدم الأهلية أو المستقبل قبل حصوله على الأهلية التي تخول له الحق المنصوص عليه في المادة 5 من القانون المنظم لمهنة المحاماة"، وبالتالي، يضيف الوكيل العام، "فإنه يدخل في الفئة التي يجب عليها اجتياز المباراة للالتحاق بسلك المحاماة طبقا المادة الخامسة المذكورة. واعتبر الوكيل العام أن ما اعتمده مقرر مجلس الهيئة المطعون فيه، من مزج بين المادتين 5و 18من القانون المنظم لمهنة المحاماة، غير مرتكز على أساس قانوني، لأن كل مادة مستقلة بذاتها، ولا تحيل إحداهما عن الأخرى، وحيث أنه استناداً الى ما ذكر أعلاه، يكون المقرر المطعون فيه لم يصادف الصواب، و منعدم الاساس القانوني، و يتعين لذلك التصريح بإلغائه. دفاع الهيني، نقض قرار استئنافية تطوان مستندا على أن المادة 18 من قانون المحاماة التي لم يرد بها ما يحمل على الحصر من صيغ من قبيل العبارات التي يستعملها المشرع للدلالة على ذلك ،إلا ،فقط "مما يجعل المقترب اللغوي أو الدلالي القانوني لا يساير توجه المحكمة ،فضلا عن أنه حتى الغاية من الحصر منتفية لأن هناك حالات كثيرة لانتهاء مهام القاضي غير مذكورة في النص ويستحيل القول بعدم شمولها أو اندراجها في حكمه ومن بينها : المغادرة الطوعية –ترك الوظيفة –حالة الإعفاء للمرض. كما لم يفت دفاع الهيني في مذكرته التشديد على أن التقييد الوحيد الذي وضعه المشرع لمختلف حالات إنهاء الوظيفة هو أن لا يكون سبب العزل ارتكاب أفعال خادشة للشرف والمروءة وحسن السلوك، كما فسرت ذلك الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون مهنة المحاماة، قائلة في الشرط الخامس الواجب توافره لدى المرشح لممارسة مهنة المحاماة على أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره، وبالتالي فإن حكم إعفاء قدماء القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، هو نفسه ينطبق على قدماء القضاة المعزولين شريطة أن لا يكون سبب العزل، هو ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة، أو حسن السلوك، مما يكون معه تفسير المحكمة للمادة 18 غير ذي مرجعية قانونية أو قضائية أو فقهية ولذلك منح المشرع المغربي لقدماء القضاة الذين مارسوا لمدة ثمان سنوات حق الولوج الى مهنة المحاماة دونما حاجة لإجراء أي امتحان أو تمرين، بالنظر للتجربة القانونية والقضائية التي راكموها خلال هذه المدة، غير أن الرغبة في تحصين المهنة من العناصر المسيئة لها، جعلت نفس المشرّع ينص في المادة 5 على التحقق من عدم وجود السبب الشائن. وزير العدل والحريات مصطفى الرميد صرح بعد قرار النيابة العامة بتطوان الطعن في قبول الهيني بجدول المحامين، أن لا علم له بالموضوع أو بوجود طعن أو إستئناف في قرار قبول محمد الهيني من طرف الوكيل العام للملك"، مؤكدا أن الوكيل العام له الحق في الطعن بدون قرار من وزير العدل بصفته رئيس النيابة العامة. من جانبه كرر مرارا القاضي المعزول والمحامي المطعون في قرار قبوله "محمد الهيني" ان ملف عزله من القضاء والطعن في أهليته لمزاولة مهنة محمد الهيني المحاماة يقف خلفهم وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، وصرح قائلا في هذا الصدد أنه "من عزل غير دستوري بسبب إبداء الرأي إلى اعتراض همجي آخر على حقي في الولوج لمهنة المحاماة من خلال أمر وزير العدل للنيابة العامة بمحكمة الاستئناف بتطوان للطعن في قرار هيئة المحامين بتسجيلي في جداولها وما تبعه من ضغوط للإدارة القضائية من شأنها المس باستقلال القضاء والتدخل في سير الملف والطعن". وقال أيضا أنه يكفي أن يترأس جلسة البث في قرار الطعن في قبولي بهيأة المحامين، الرئيس الأول للمحكمة، توضيح هذا الأمر، وهو الذي جرت العادة أن لا يكون حاضرا.