مدينة تمودة، أسسها الملك الأمازيغي باكا سنة 200 قبل الميلاد، واكتشفت آثار المدينة قرب مدينة تطوان، وتشكل تمودة أول ظاهرة تمدن لعصور ما قبل الميلاد، ولا زالت آثارها ماثلة للعيان إلى اليوم رغم أنها عرفت استيطانا بشريا قديما يعود إلى عصور ما قبل التاريخ حيت عثر فيها على بقايا حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم وإلى العصر الحجري الحديث وهي محفوظة حاليا بالمتحف الأثري لمدينة تطوان، وتعرضت تمودة للتدمير سنة 40 ميلادية خلال الحرب الأمازيغية الرومانية أثناء ثورة "ايديمون" (من أبطال المقاومة الأمازيغية في شمال إفريقيا إبان الاحتلال الروماني) قبل أن يعاد بناؤها. هذا ويعتبر "التاريخ الطبيعي" لبلنيوس الشيخ الذي توفي سنة 79م أقدم نص ذكر المدينة، وقد تمكن علماء الآثار من توطينها بالموقع بعد أن عثروا بين أنقاضها على نقيشة لاتينية تحمل اسم تمودة. وتبرز البقايا الأثرية التي عثر عليها في هذا الموقع المستوى الحضاري الرفيع الذي بلغته هذه المدينة خلال القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، ويبدو ذلك جليا من خلال تصميم المدينة ما قبل الرومانية ذات الطابع الهلينستي الأمازيغي المنتظم وكذا من خلال الجودة التي طبعت بناياتها المتناسقة. وقد عرفت تمودة الأمازيغية تمدنا وازدهارا سريعين بحيث اتسعت شوارعها المتعامدة وتعددت المنازل المطلة عليها، وساهم موقعها الاستراتيجي في هذا النمو إذ مكن الأمازيغ من العمل على بناء وتطوير مدينتهم في مأمن من المخاطر الخارجية في النصف الأول من القرن الأول الميلادي، ونظرا للمزايا المتعددة لموقع تمودة، عمل الرومان على تشييد مدينة ثانية فوق أنقاض المدينة المهدمة. وأثبتت الحفريات الأثرية لموقع تمودة وجود آثار مدينتين متعاقبتين، تتشكل الأولى من المدينة الأمازيغية الموريطنية التي أسست حوالي 200 ق. م وهدمت خلال النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد، ليعاد بناؤها قبل أن تخرب مرة ثانية سنة 40 م على إثر أحداث ثورة إيديمون. أما تمودة الثانية فهي عبارة عن حصن روماني شيد وسط المدينة المهدمة، وهو معلمة مربعة الشكل، يصل ضلعها إلى 80 مترا، وتحيط بها أسوار ضخمة مبنية بالحجارة ومدعمة بعشرين برجا ومفتوحة بأربعة أبواب تحميها أبراج متينة. كما تم الكشف عن مذبح خاص بآلهة النصر الأغسطسية وعدد كبير من اللقى المتمثلة في تماثيل برونزية ونقود وأواني.