اختتمت الجاليات اليهودية في المغرب الكبير احتفالاتها على مدى ثمانية أيام بعيد الأنوار المعروف أيضا بحنوكة ، وهي طريقة للحفاظ على تراثها الثقافي والديني. العيد انتهى الأربعاء 8 ديسمبر، لكن سكان الدارالبيضاء اجتمعوا يوم 6 ديسمبر لإحياء العيد حسب قول جاكي كادوش رئيس الجالية اليهودية لمراكش-الصويرة. وجدير بالذكر أن التراث اليهودي المغربي كان بارزًا عندما اجتمع الناس في مدينة فاس التاريخية حسب رئيس الجاليات اليهودية لفاس ووجدة وصفرة أرمون غيغي. وعن هذه الاحتفالات، قال لمغاربية "نُشعل شمعدانًا يضم تسع شمعات. الشمعة الرئيسية التي نشعلها تسمى شماش. وفي كل ليلة نشعل شمعة واحدة إلى جانب الشمعة الرئيسية. نحتفل بهذه المناسبة مع العائلة، لكن الجالية اجتمعت أيضًا للاحتفال معًا. وتحدث هذه الاحتفالات في المغرب كما في مناطق أخرى من العالم". وأوضح أن الاحتفالات تسير بشكل عادي "رغم أننا في مجتمع ذو أغلبية مسلمة". وأضاف "على سبيل المثال، دعونا في السنة الماضية السفير الأمريكي ووالي فاس ورئيس البلدية الذي شارك معنا في هذا الاحتفال، خاصة وأنه يكتسي طابعًا دينيًا ولا يحمل أي مغزى سياسي". ويعتقد الباحث حسن مجدي الخبير في تقاليد الجالية اليهودية بالمغرب أن عيد الأنوار مرتبط بتحقيق معجزة. وقال "قارورة صغيرة من الزيت الصافي كانت كافية لإشعال الشمعدان المقدس خلال العيد الذي يتواصل ثمانية أيام ويتكاثر الزيت. هذا ما تقوله النصوص، وما تنقله التقاليد وما تحتفظ به الذاكرة اليهودية على مدى ألفي سنة". وأضاف مجدي "وعادة ما تتناول العائلات اليهودية "الشفنج" والعسل في مراكش. تحضير هذا الطبق الشهي بكميات كبيرة تكفي للعائلة كلها والوالدين والأصدقاء والفقراء أو ما يسمى "المعروف"، يعتبر أمرًا جللا . فحنوكة مناسبة أيضا للعب والترفيه بالنسبة للأطفال. ويقوم الحدادون بإعداد حنيكيوت وهي قناديل زيتية من تسعة مصابيح ويحضرون قناديل صغيرة للأطفال كطريقة لتوارث التقاليد. لكن في الجزائر قد لا يشعر المرء بوجود الجاليات اليهودية رغم أن وجودها في البلاد يعود لأزيد من ألفي سنة. وفي أحياء باب عزون القديمة بالجزائر العاصمة والتي كانت تقطنها العائلات اليهودية الجزائرية في السابق، فإن الاحتفالات بالطقوس اليهودية تحولت إلى مجرد ذكريات مشوشة. الحاجة خديجة، 84 سنة، قالت "كان جيراننا يحتفلون بحنوكة وأعياد أخرى. وخلال يوم السبت، كانوا يطلبون منا إشعال الضوء لهم لأن دينهم يحظر عليهم ذلك في هذا اليوم". وأضافت "غير ذلك كانوا جزائريين مائة بالمائة. فهم يرتدون ملابس مثل ملابسنا ويعيشون مثلنا". وبحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية ، لم يبق في الجزائر سوى مائة يهودي فيما كانت أعدادهم تفوق 140 ألف قبل استقلال البلاد. وفي واقع الأمر فقد منحت إدارة الاستعمار الجنسية الفرنسية لليهود واختار الكثير منهم مغادرة البلاد في 1962. وبالرغم من أن بعض العائلات خاصة تلك التي أيدت جبهة التحرير الوطنية اختارت البقاء، إلاّ أن معظمها فرّ من العنف الذي عصف بالبلاد في التسعينيات. ومع الهجرة الجماعية لليهود، حلّ الخراب في أماكن عبادتهم. وتحوّل كنيس سامويل لبار في حي باب الواد بالجزائر العاصمة إلى أنقاض مع أنه يمكن تمييز نجمة داوود على جدرانه المتداعية. مراد، 24 سنة، عاطل عن العمل قال "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو ما جعل نظرة الجزائريين بشكل خاص قاتمة لليهود. وبتخريب الكنيس، يعتقد البعض أنهم ينتقمون لإخوانهم في فلسطين لكنهم مخطئون". ورغم أن المسألة اليهودية أصبحت موضوعًا محرمًا، منحت وزارة الشؤون الدينية اعتمادات للمنظمات التي تمثل الديانة اليهودية بموجب قانون فبراير 2006 حول المنظمات التي تمثل الأقليات غير المسلمة. وفي هذا السياق أوضح عُدة فلاحي المستشار الإعلامي بوزارة الشؤون الدينية "رصدت البلاد 25 كنيسًا غير مستخدم، ذلك أن معظم اليهود الجزائريين كانوا يخشون تنظيم الاحتفالات الدينية في الظروف الراهنة". وأشار إلى أن الوزارة تحاول ترميم المقابر اليهودية في الجزائر. وفي موريتانيا، كانت الجاليات اليهودية حاضرة في البلاد قبل قدوم الإسلام خاصة في شمال البلاد، أدرار، حسب أستاذ التاريخ حامد ولد باه. ويُعتقد أن بعض المستوطنين الفرنسيين وجدوا قبائل من أصول يهودية. واعتنقت بعض العائلات الإسلام وأصبحت معروفة في البلاد. لكن وبعد استقلال موريتانيا، أصبحت البلاد جمهورية إسلامية مما يمنع على مواطنيها ممارسة أية ديانة أخرى. عبد الله ولد عبد الودود، باحث بجامعة نواكشوط، قال لمغاربية "بعد ذلك، ولّدت القضية الفلسطينية كراهية حقيقية في صفوف الموريتانيين ضد اليهود لأنهم يخلطون بينهم وبين الإسرائيليين". وأوضح أحمد ولد محمدو إمام مسجد توجونين "الإسرائيليون أو اليهود وجهان لعملة واحدة في نظر معظم الموريتانيين. لكنني أعتقد شخصيًا أن المشكل يكمن هنا ولهذا يرفض اليهود الاستقرار في موريتانيا"، مضيفًا أن موريتانيا بلد متسامح ولا شيء يعيق اليهود الذين يحترمون دين البلاد ويمارسون ديانتهم دون استفزاز لمشاعر الموريتانيين. الصراع العربي الإسرائيلي أثّر أيضًا على مواقف من اليهود التونسيين. مسعودة ماتيلد ميلان قالت لمغاربية "لقد كان الاحتفال بحنوكة أو أي عيد عندما كنت صغيرة أفصل بكثير من الآن فقد كنا نحتفل في الشارع ومع جيراننا المسلمين بكل محبة لكن الآن تغيرت الأمور خاصة بعد انتشار وسائل الإعلام التي تتحدث كثيرا على الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وبالتالي أصبح المسلمون أقل تعايشًا مع اليهود". واستدركت قولها "رغم كل هذا إلا إننا نحتفل بكل أعيادنا هنا في تونس دون أي مشاكل فالناس هنا متفهمون ومحبون". وفي الواقع تغتر جزيرة جربة التونسية بمدرسة يدرس فيها الطلبة اليهود والمسلمون جنبًا إلى جنبًا. واليوم يعيش اليهود في جزيرة جربة مع المسلمين في الحارة الصغيرة والكبيرة وهي عبارة عن حيين مفتوحين. ويحاول الآباء نقل التقاليد والمعرفة عن التاريخ الثقافي لأبنائهم لكن الاحتفالات عادة ما لا تتجاوز المحيط العائلي. يعقوب ابن مسعودة الأكبر قال "نعم أنا أعرف جيدًا معنى حنوكة وأنا احتفل مع عائلتي فقط بهذا العيد وخارج إطار العائلة لا أشعر بهذا الاحتفال خاصة أن أغلب أصدقائي في المدرسة ليسوا من اليهود ولا يحتفلون مثلنا لأنني أدرس بمدرسة فرنسية فحتى جيراننا لا يحتفلون مثلنا أيضًا ولا يعرفون هذا العيد". وتقول مسعودة "رغم تغير الأوضاع هنا فنحن نشعر بالأمن في تونس ونتعايش بسلام مع المسلمين وأنا شخصيًا لدي عديد الصداقات والأحباب، لكن ربما كثرة الحديث عن الحرب في وسائل الإعلام جعلت الأمور متوترة". وأضافت "إنني من أصول تونسية وفخورة بذلك. ولا أعتقد إنني أستطيع العيش في أي مكان آخر غير تونس".