الطفل الحزين قد تختلف أسبابه، ولكن تبقى علامات الحزن واحدة، و التي تتغير تبعاً لمراحله العمرية؛ قبل 5 سنوات، نجد حزن الطفل مؤقتاً، فترة ويزول! وبعد الخامسة يدرك الكثير فيترك الحزن أثره على مشاعره وانفعالاته وسلوكياته أيضاً، ولأن الطفل الحزين يجلب الحزن لوالديه، فعلى مسؤولياتهم يقع العلاج. عن أسباب الحزن ومعناه ومظاهره ودور الوالدين تحدثنا الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة الطب النفسي وخبيرة التنمية البشرية. الطفل والحزن والوراثة الحزن يظهر لدى الصغار لفترات قصيرة الحزن يظهر لدى الصغار من وقت لآخر ولفترات قصيرة؛ حيث إنهم لا يستطيعون العيش مع مشاعر قوية فترة طويلة من الزمن، كما أن أذهانهم تحميهم من الحزن الذي يفوق طاقتهم. أثبتت الأبحاث أن انتشار المزاج الاكتئابي عند الأطفال يشكل نسبة 1.5-2 وتصل إلى 10 - 20 في المائة عند الأطفال الذين يشكون من مرض عضوي ما، كما أن الوراثة تلعب دوراً في ظهور طابع الحزن. إن كان الحزن عند الكبار مرحلة يمكن التعامل معها بسهولة، فالحزن عند الأطفال يعد صدمة نفسية وفكرية ووجودية. بين الحزن، والقلق والاكتئاب فرق كبير؛ مشاعر الحزن تبدأ دائماً بحدث أو ظرف معين، ولا تستمر على نفس الشدة ولا تعطل حياة الطفل، عكس الإصابة بالقلق أو الاكتئاب، فهي حالة تستدعي علاجاً طبياً أحياناً. أسباب الحزن كثيرة الحزن بسبب غياب عزيز قد تكون بسبب غياب عزيز، نزلة برد، وربما بسبب إصابته بدرجة من الاكتئاب -وهو مجموعة من مشاعر الخوف والحزن والقلق والاضطراب- وأقواها: الحزن على وفاة قريب؛ والد، أو والدة. كما أن للتفكك الأسري أثراً كبيراً في شعور الطفل بالحزن وإحساسه باللوم والذنب تجاه نفسه على أنه هو السبب، مما يؤدي إلى اكتئاب وحزن ويأس شديد يظهر في سلوك الطفل وتفاعله مع الآخرين من حوله، مع فقدان للشهية وانطواء تدريجي واضطراب في النوم، وأحياناً يأخذ الحزن صورة تبول لا إرادي. مظاهر الحزن وعلاماته حزن الطفل يأخذ مظاهر مختلفة حزن الطفل يمر بعدة مراحل؛ مثل الشعور بالإحباط والاكتئاب وفقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية، مع قلق في النوم وإحساس بخوف مستمر من المجهول. وأحياناً يأخذ الحزن مظهر تصرف الطفل كما لو كان أصغر سناً مما هو عليه أي يحدث له انتكاسة. ومرات نجد الطفل يتجنب الأصدقاء مع تراجع في أدائه الدراسي وربما يرفض الدراسة كلية. حزن الطفل يكون مؤقتاً قبل بلوغه خمس سنوات؛ حيث لا يدرك معنى الوفاة والغياب. لكن بعد خمس سنوات يدرك الطفل سبب حزنه -إن كان الموت- وأنه غياب أبدي، ولكنه لا يتقبله ولا يتصور حدوثه لنفسه أو للمقربين منه مرة ثانية. مرات كثيرة يأخذ حزن الطفل شكل التعبير اللفظي عن رغبته في اللحاق بالمتوفى أو الذهاب إليه إن كان غائباً، وربما لجأ إلى تقليده. ويعد السلوك العدواني والميل للتخريب أحد مظاهر الحزن القوية لدى الطفل، إضافة إلى مبالغته في التعلق والارتباط ببعض الأشخاص، وقد يشكو أحياناً من أمراض وهمية يتخيلها. قدمي العون والدعم لطفلك حالة حزنه ولأن دور الأم كبير وعظيم فعليها تذكر، أنها لا تستطيع منع طيور الحزن من أن تحلق فوق رأس طفلها، لكنها تستطيع أن تمنعها من أن تعشش بداخله وتسكنه! لذا عليها ألا تجعل من حزن طفلها ما يمنعها من تقديم العون والدعم العاطفي له. هيا، تحدثي معه بصراحة فور مشاهدتك لعلامات الحزن على ملامحه، واستعدي للإجابة بوضوح ولغة يستطيع فهمها على كل سؤال يطرحه طفلك فيتأقلم مع مشاعره الحزينة. تفهمي حزن طفلك ولا تجعليه يخفي مشاعره، دعيه يعبر عن كل شيء يشعر به، وشجعيه ليتحدث ويحكي عما يضايقه ويحزنه، واتركيه يشاهد رد فعلك إن كان سبب الحزن مشتركاً. ابقي خطوط التواصل مستمرة تقبلي فكرة الموت ثم العودة للقاء بالجنة، إن كان طفلك يعتقد بها، ولا تحاوريه بشدة وضغط حتى لا يزداد حزنه، ويصاب بآلام نفسية توقف نمو شخصيته. أبقِي خطوط التواصل بينك وبين طفلك مستمرة وشاركيه مشاعره، واجعليه يطرح أفكاره وتصوراته التي تجعله سعيداً ويعود إلى حالته الطبيعية. اسأليه بصراحة عما يحزنه، ولا تخجلي من التحدث عن المواقف المثيرة للحزن؛ مثل الموت والطلاق أو الغياب؛ فهناك أطفال يصعب عليهم ترجمة مشاعرهم إلى كلمات، فكوني أماً صبورة واستمري في السؤال. الطفل كائن آدمي زاخر بالمشاعر ما رأيك في طرح أسئلة تحريضية عليه لتدفعيه للكلام؛ مثل: من ضايقك؟ من سبب لك كل هذا الحزن؟ هل هو صديقك؟ أم أنك تفتقد غياب صديقتك المريضة؟ وهكذا.. على الوالدين معاً أن يعرفا أن الطفل كيان آدمي زاخر بالمشاعر، وأن أي محاولة لتجريحه أو التهوين من شأنه سوف يكون لها أثرها الفادح واضطرابه فيما بعد. أكبر خطأ ترتكبه الأم في محاولتها لعلاج حزن طفلها هو أن تدخل معه في حرب لفرض إرادتها وتوجيهاتها؛ الانتصار في النهاية يكون حليفاً للطفل، فلا تدفعيه للقيام بشيء ضد إرادته ومشاعره حتى لا يتمادى. تفاهمي مع طفلك بصدق وصراحة لا تساعدي طفلك على نسيان حزنه؛ النسيان يدفن الحزن في النفس، بعدها يصبح مصدراً للقلق والاضطراب النفسي. تفاهمي مع طفلك بصدق وصراحة، وضحي له الأمور مما يجعله يهون على نفسه ولا يبالغ في حزنه، من دون خداع ودون تفاصيل أيضاً.