أشاد السفير الأمريكي المتجول للحريات الدينية الدولية السيد صامويل براونباك، اليوم الخميس بالرباط، برؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال ضمان التعددية الدينية. وقال براونباك، في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر الإقليمي الأول للمحافظة على الموروث الثقافي للمجموعات الدينية الذي تنظمه وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بدعم من وزارة الخارجية الأمريكية وبشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء، إن صاحب الجلالة يسير في هذا المجال على نهج أسلافه، مذكرا بموقف جلالة المغفور له الملك محمد الخامس الذي رفض تسليم اليهود المغاربة إلى النازيين بالتأكيد على أنه "ليس هناك مواطنون يهود، أو مواطنون مسلمون. بل هم مغاربة فقط".
وسجل الدبلوماسي الأمريكي، في هذا الصدد، "العمل الرائع والنموذجي" الذي يقوم به المغرب لصون المواقع اليهودية عبر ربوع المملكة، وإجماع المغاربة حول قيم التسامح والتعايش الديني.
واعتبر براونباك أن هذا المؤتمر مناسبة لاستلهام تجربة المملكة في مجال التنوع الديني والثقافي، ولاسيما فيما يتعلق بحماية الموروث الثقافي الغني للطوائف الدينية المتعايشة في إطار من السلام والاحترام المتبادل في المغرب.
وشدد على أن هناك صلة وثيقة بين حماية الموروث الثقافي والنهوض بالحريات الفردية، مستشهدا في هذا السياق بما ورد في إعلان بوتوماك (2018) الذي نص على أن الدين "يؤدي دورا هاما في تاريخ البشرية المشترك وفي المجتمعات اليوم. ويجب الحفاظ على مواقع التراث الثقافي والأشياء المهمة للممارسات الدينية ماضيا وحاضرا ومستقبلا ومعاملتها باحترام".
من جهتها، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، أن المغرب ظل على الدوام في قلب التفاعلات الروحية والثقافية، منفتحا على الثقافات والديانات الأخرى.
وأضافت بوستة أن المملكة استوعبت على مدى قرون أن السلام والتعايش في أي مجتمع مرتبطان ارتباطا جوهريا بالتسامح والتفاهم واحترام الآخر، مشيرة إلى أن ما يوصف ب"النموذج المغربي" أو "الاستثناء المغربي" في هذا المجال يستند إلى ثلاث ركائز أساسية، أولاها المؤسسات القوية القادرة على ضمان السلام والاستقرار، وثانيا مركزية الدستور الذي يوفر إطارا قانونيا يتيح ممارسة الدين بحرية في المملكة، وثالثا القدرة على الحفاظ على الحريات الدينية في مجتمع تعددي من خلال تعزيز السلام والتعايش.
وشددت على أن المغرب يشكل، من هذا المنطلق، نموذجا للتنوع الثقافي، كما يشهد على ذلك التقليد المغربي المتمثل في حماية التراث الثقافي من خلال ترميم المساجد وإعادة تأهيل المقابر والمعابد اليهودية.
ولفتت بوستة إلى أن المغاربة جعلوا من تعزيز قيم التسامح والسلام والتعايش خيارا لا رجعة فيه، وهو "خيار يحتفي بموروث البلاد وماضيها ويضمن مستقبلا مستقرا ومزدهرا في المملكة".
من جانبه، قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، إن هذا المؤتمر يندرج في إطار الجهود التي ما فتئ يبذلها المغرب في مجال حماية التراث الديني والثقافي بفضل السياسة الرشيدة لأمير المؤمنين جلالة الملك، الذي يولي أهمية خاصة لهذه المضامين والمجالات، كما يشهد على ذلك تنظيم المملكة لعدد من المحطات الرئيسية في هذا المجال، وأبرزها الندوة الدولية بفاس حول تعزيز الحوار بين الحضارات واحترام التنوع الثقافي سنة 2013 التي حظيت برسالة ملكية "رائدة ومحورية"، ومحطة 2016 التي شهدت تنظيم مؤتمر الأقليات في مراكش، و"كانت خلالها الرسالة الملكية السامية مؤطرا أساسيا لا يزال يشكل مرجعا في كل المحافل التي تعنى بهذا المجال".
واعتبر عبادي، في تصريح للصحافة، أن المؤتمر الإقليمي لحماية التراث الثقافي والديني للمجموعات الدينية في العالم، الذي تحتضنه الرباط على مدى يومين، هو الأول من نوعه، ويعكس التجربة المثالية المشهود بها للمملكة في هذا المجال. ويأتي هذا المؤتمر، الذي يعرف مشاركة حوالي 100 من الخبراء والمسؤولين الحكوميين من المغرب والولايات المتحدة وأوروبا وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، امتدادا لإعلان وخطة عمل بوتوماك اللذين توجا أشغال المؤتمر الوزاري للنهوض بالحريات الدينية الذي انعقد العام الماضي.
وتعكس استضافة المملكة لهذا المؤتمر الإقليمي ريادتها في مجال حماية الموروث الثقافي والتعددية الدينية، حيث تحتضن المملكة أكبر عدد من المعابد والمقابر اليهودية والعديد من الكنائس المفتوحة لممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية بكل حرية.