أكد المتدخلون٬ في الجلسة العامة للدورة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط٬ اليوم الأحد بالرباط٬على أهمية الحوار البرلماني الأورومتوسطي ومساهمته في تحقيق التطلعات المشتركة لبلدان المنطقة في التكامل والتنمية والأمن والاستقرار٬ وتشخيص ورفع التحديات التي تفرضها الظرفية الحالية إن على المستوى السياسي والأمني أو الاقتصادي والاجتماعي.
واعتبر هؤلاء٬ خلال افتتاح الدورة التي تنعقد بالرباط يومي 24 و25 مارس الجاري٬ أن التشاور والتنسيق البرلمانيين في إطار الاتحاد من أجل المتوسط يشكل مدخلا أساسيا لبلورة سياسات ناجعة وواقعية لتفعيل الأهداف التي أنشئ من أجلها الاتحاد من أجل المتوسط٬ ولاسيما بالنظر إلى ارتباط ماضي وحاضر البلدان الأورومتوسطية٬ وتوقف مستقبلها على مدى القدرة على تجاوز المشاكل السياسية٬ ولاسيما نزاع العربي الإسرائيلي.
وفي هذا السياق٬ أكد رئيس مجلس النواب كريم غلاب أن الاتحاد من أجل المتوسط يعتبر ضرورة إستراتيجية تنموية وأمنية ملحة٬ يزيد من حتميتها عصر التكتلات٬ وتطلعات شعوب الضفة المتوسطية إلى تجسيد الروابط المتجذرة التي تجمع بينها استنادا إلى علاقاتها التاريخية والحضارية ومصيرها المشترك.
وشدد غلاب على أن التجمع البرلماني للجمعية في سياق الظرفية الإقليمية والدولية الراهنة٬ من شأنه الإسهام بفعالية في تدعيم الروابط التاريخية للحوض المتوسطي التي تعتبر منبع الحضارات الإنسانية والديانات السماوية الثلاث٬ وموطن الشعوب المختلفة٬ ومنطلق التكنولوجيات الحديثة٬ وملتقى الثقافات٬ وتلاقح النظريات والأفكار.
وأبرز أن الجمعية تلتئم في ظل تغييرات بنيوية تشهدها المنطقة الأورومتوسطية٬ معربا عن أمله في المضي قدما نحو مستقبل زاهر ينبني على الحوار البناء٬ والتشاور المتواصل والعمل البرلماني الميداني الدؤوب٬ لتتبوأ المكانة اللائقة بها من خلال تمكينها من كل الآليات الفعالة للنهوض بدورها وكسب الرهانات السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية للمنطقة.
أما رئيس البرلمان الأوربي مارتين شولتز٬ فقد شدد على أن الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط٬ تشكل٬ بالرغم من بعض الاختلالات الوظيفية ومحدودية وسائلها٬ فضاء للحوار السياسي وقوة اقتراحية بامتياز.
وعبر السيد شولتز عن اقتناعه بأن التحلي بالرؤية والإرادة السياسية من شأنه أن يساهم في إحراز تقدم ملموس في عدد من مجالات التعاون٬ وذلك بالرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية والتوترات الإقليمية التي تطبع المعيش اليومي٬ معتبرا أن هذا الطموح هو الذي غذى إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط.
من جانبه٬ أبرز نائب رئيس مجلس النواب الإيطالي جيفرنكو فيني الدور الذي تضطلع به البرلمانات في تحقيق أهداف السلم٬ مؤكدا على ضرورة أن تنكب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط٬ في أقرب الآجال٬ على القضايا ذات الصلة بتنمية المنطقة٬ والاهتمام بحاجيات شعوب ضفتي المتوسط٬ على المدى القصير٬ وذلك في ظل ظرفية تطبعها الأزمة الاقتصادية العالمية.
وفي هذا السياق٬ شدد فيني على ضرورة إقامة تكتل اقتصادي لرفع التحديات المطروحة في هذا المجال. كما اعتبر أن انعقاد الدورة الثامنة للجمعية يشكل فرصة لإقامة حوار فعال لتحقيق السلم بالمنطقة٬ لاسيما وأن هذه الهيئة تضم فلسطينيين وإسرائيليين٬ مسجلا أن هذا السبيل من شأنه أن يقود إلى بروز مجتمع يسوده العدل والازدهار.
ومن جهته٬ أشاد محمد الذويب رئيس الوفد البرلماني الأردني المشارك في الدورة بالأهداف النبيلة التي تتوخى الجمعية تحقيقها٬ خاصة بالنظر إلى ما يجمع شعوب ضفتي المتوسط من تاريخ مشترك أفرز قناعات لدى الشعوب ودوائر القرار بأهمية الحوار وتبادل الأفكار لمصلحة الجميع٬ وذلك على قاعدة الندية واحترام الآخر٬ وقصد تمهيد السبيل للتلاقي بين الثقافات وإبراز القواسم المشتركة للشعوب وتطلعاتها نحو حياة كريمة وواقع يسوده السلام والأمن والاستقرار٬ معتبرا أن هذا الواقع يتطلب تشخيص الأوضاع الراهنة في هذا الجزء الحيوي والمهم من العالم.
وأضاف أنه يمكن تصنيف الفضاء الأورومتوسطي٬ بما يتوفر عليه من تاريخ وقدرات وإمكانات وحتى مشاكل٬ كمركز العالم وقلبه النابض٬ معتبرا أن الحديث عن حاجيات الشعوب وهمومها على جانبي المتوسط أمر جيد٬ غير أنه يعد إفرازات حتمية لهموم ومشاكل أكبر٬ لعل من أبرزها٬ الحاجة الملحة إلى السلام٬ باعتباره القاعدة الأساس والمنطلق نحو تأصيل قيم الحرية والعدل والتنمية٬ ومتسائلا عن مدى قدرة الدول والشعوب على تحقيق ما تصبو إليه من أهداف وطموحات في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية.
أما رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبد الواحد الراضي فقد أكد على أهمية الإسهام المتميز والكبير للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط٬ عبر مسارها الغني٬ في تعزيز الحوار البرلماني الأورومتوسطي٬ وتشخيص التحديات الكبرى المطروحة على هذه المنطقة في مختلف الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية.
وأكد الراضي على دور الجمعية في بلورة المداخل وتحديد الوسائل الكفيلة بتقليص الهوة بين ضفتي المتوسط وضمان التنمية المتوازنة والرخاء المشترك٬ وتحقيق السلم والأمن والاستقرار٬ وتحويل البحر الأبيض المتوسط إلى عامل تلاقي وحوار وتعاون٬ بدل أن يصبح جدارا فاصلا.
ومن جهتها٬ أكدت أمنية طه ممثلة الأمين العام للجامعة العربية "أننا نعيش لحظة تاريخية لإعادة بناء منطقة أورومتوسطية ديمقراطية وسلمية٬ مستقرة ومزدهرة"٬ مضيفة أن العالم العربي يشهد تحولات متسارعة٬ وربما أسرع مما يتوقعه الجميع٬ مشيرة إلى أن الجامعة العربية٬ التي تجاوبت مع هذه التحولات٬ وأقرت٬ لأول مرة٬ شرعية تطلعات الشعوب العربية٬ في مواجهة أنظمتها٬ من أجل الحرية والانعتاق٬ لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام ما يجري الآن في سورية.
وسجلت أن الجامعة العربية٬ باعتبارها عضوا في الاتحاد من أجل المتوسط٬ تدعم بشكل كبير المشاريع التي تمت بلورتها لفائدة الضفة الجنوبية للمتوسط٬ ملاحظة في ذات الوقت أنه لا يمكن لهذه المشاريع أن تحجب المشاكل السياسية٬ مما يسلط الضوء على الحاجة الكبيرة لأن يتم إعادة النظر في السياسة الأوربية اتجاه بلدان الجنوب.
وأضافت أن العلاقات الأورومتوسطية عرفت خلال العقد الأخير تراجع المقاربة السياسية لتفسح المجال أمام مقاربة أمنية٬ موضحة أن الأحداث والثورات العربية كانت بمثابة امتحان لصناع القرار الأوربيين بخصوص الطريقة التي سيتعاملون بها مع جيرانهم في الجنوب.
وأضاف أن أوربا مطالبة بإعطاء الأولوية لشركائها في الجنوب على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية٬ وهو الأمر الذي يبرز الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط٬ مسجلة أن هذه الجمعية تشجع الفاعلين في الضفتين من أجل بناء مستقبل يسوده السلم٬ ويقوم على أساس التضامن والاحترام المتبادل٬ وهو ما يستدعي٬ في نظرها٬ أهمية تعاون وثيق مع البرلمان العربي الانتقالي.
وأشارت أمنية طه إلى أنه إلى جانب تونس ومصر وليبيا٬ تشهد بلدان أخرى٬ كالمغرب والأردن٬ إصلاحات دستورية هامة٬ ولاسيما تلك المتعلقة بقطاعات كالقضاء والأمن وتعزيز دور القانون والحريات المدنية.
وقد تم خلال هذه الجلسة التي حضرها بالخصوص٬ أندريه أزولاي مستشار جلالة الملك ورئيس مؤسسة آنا ليند٬ ومحمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين٬ وفتح الله السجلماسي الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط٬ ويوسف العمراني الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون٬ وممثل كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي٬ المصادقة على محضر الدورة السابعة المنعقدة بروما٬ وخلاصات أشغال اللجان ومجموعات العمل.
وسيناقش المشاركون في هذه الدورة موضوع "الاتحاد من أجل المتوسط والتحديات الكبرى للمتوسط"٬ فضلا عن تسليم رئاسة الجمعية للرئيس الجديد.