أصبحت الداخلة، بفضل السياسات التي تم تنفيذها بقيادة جلالة الملك محمد السادس، مختبرا حقيقيا لإفريقيا الغد، بعد أن أضحت في حد ذاتها نموذجا للرؤية والعمل المهيكل لجلالته بالأقاليم الجنوبية للمملكة. ويأتي تنظيم منتدى كرانس مونتانا للمرة الرابعة على التوالي بجوهرة الجنوب المغربي، حول أفريقيا والتعاون جنوب-جنوب، للتأكيد على هذه المكانة وهذا الوضع المتقدم على الصعيد الوطني والافريقي، إذ لم يعد أحد يجادل في ما حققته من تقدم وتنمية في إطار الاستراتيجية التنموية الوطنية على درب الجهوية المتقدمة التي قطعت جهة الداخلة وادي الذهب أشواطا متقدمة في هذا الإطار..
وقد أبرز جلالة الملك محمد السادس، في الرسالة السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى كرانس مونتانا والتي تلاها ينجا الخطاط رئيس مجلس جهة الداخلة -وادي الذهب، المكانة المتميزة التي تحظى بها مدينة الداخلة في تاريخ المغرب، "فضلا عن موقعها الاستراتيجي الفريد، باعتبارها صلة وصل بين المملكة المغربية وعمقها الاستراتيجي الإفريقي".
واعتبر الخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، أن اختيار مدينة الداخلة لاحتضان منتدى كرانس مونتانا لأربع سنوات متتالية له دلالات عديدة، فهي تعتبر بوابة المغرب على إفريقيا جنوب الصحراء، كما أنها إحدى الجهات المغربية التي تعرف نمواً مهماً في إطار النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس في الذكرى 42 للمسيرة للخضراء، والذي حقق قفزة نوعية وبات من الممكن أن يكون تجربة تفيد باقي دول القارة الإفريقية..
وأكد الخطاط على أن الدورة الرابعة لمنتدى "كرانس مونتانا"، التي تستمر اشغالها منذ امس الاحد على متن الباخرة رابسودي، عرفت نجاحاً كبيراً بحضور ألف مشارك ومشاركة من مختلف دول العالم، وأزيد من 45 دولة إفريقية بوفود رسمية، مضيفا أن الوفود كلها لامست التطور الذي عرفته المدينة على كل المستويات، في العمران والبنيات التحتية والإنسان، وهي كلها قضايا مهمة جداً تُكذب من يريد أن يشكك في هذه الإنجازات..
وأبرز رئيس جهة الداخلة وادي الذهب أن احتضان المدينة لهذا المنتدى له وقع اقتصادي، ويزيد من إشعاع المدينة، حيث أكد أن هناك "استفادة لمدينة الداخلة؛ فهي أول وجهة سياحية فيما يتعلق بالرياضات البحرية"، كما أن لديها "مؤهلات أخرى يمكن استغلالها لصالح التنمية في الجهة".
وعرفت بنيات الاستقبال في المدينة تطوراً ملحوظاً في السنوات الماضية، إذ أصبحت الطاقة الاستيعابية للفنادق تصل إلى 600 سرير، وهناك مشاريع فندقية في طور الإنجاز، ما ساهم في خلق دينامية اقتصادية في المدينة..
من جانبه أكّد مؤسس منتدى "كرانس مونتانا" جان بول كارترون، أنّ منتدى "كرانس مونتانا" حول أفريقيا والتعاون جنوب-جنوب، المنعقد خلال الفترة ما بين 15 و20 مارس الجاري في مدينة الداخلة، يقدم "دعاية جيدة جدا" للمدينة، التي عرفت قبل أعوام بالرمال والبحر والرياح، لكن السياسات التي نفذت بغية الترويج لهذه المنطقة من جنوب المغرب أظهرت أن "المعجزة ممكنة في أفريقيا".
وأضاف جان بول كارترون، في حوار مع جريدة إيماراتية أن هذا المنتدى العالمي يهدف إلى المساهمة في النهوض بالتعاون جنوب-جنوب لفائدة دول جنوب الصحراء، وتعزيز أهمية مدينة الداخلة التي تعد "معجزة حقيقية"، مبيّنًا أنّ "منتدى كرانس مونتانا يهدف إلى ترسيخ تقليد عريق في الصحراء المغربية التي تعد أرضا للقاءات وملتقى للتبادل والحوار وحسن الضيافة والتشارك"، موضحا أن هذا المنتدى العالمي الهام، المنظم للمرة الرابعة على التوالي بالداخلة ، يمثل موعدا يلتقي خلاله عدد من الشخصيات من مختلف بقاع العالم.
وللتأكيد على مدى نجاح هذا المنتدى على المستوى العالمي، أشار كارترون، أولا، إلى أن المغرب، الذي يمتلك موارد طبيعية محدودة، يتوفر في المقابل على بنيات تحتية متطورة، لاسيما القطار فائق السرعة والطرق السيارة، فضلا عن مصانع السيارات والطيران، كل هذا ساعده على إنجاح مثل هذه التظاهرات الاقتصادية، مضيفًا أن نجاح المغرب ومنتدى الداخلة "يثير عددا من الأصوات المغرضة"، و"من البديهي أنه في كل مرة يتم فيها تسليط الضوء على هذا النجاح، الذي يعد ثمرة رؤية رجل وأسرة ملكية ينتمي لها، هناك بعض الأشخاص الذين أخفقوا وفشلوا، والذين يتفاعلون بكيفية التشويش على الجهود التي نبذلها"، وذلك في غشارة إلى حكام الجزائر ومرتزقة البوليساريو الذين يخضعون لأوامرهم..
وباستقبالها لهذا الحدث الدولي، الذي يستمر على متن الباخرة رابسودي إلى غاية يوم غد الثلاثاء 20 مارس الجاري، تعزز مدينة الداخلة جاذبيتها كوجهة متميزة لاحتضان أكبر التظاهرات الدولية، مكرسة بذلك الإشعاع الدولي لجوهرة الجنوب.
وتشكل هذه الدورة مناسبة لتبادل الآراء والأفكار بين مسؤولين حكوميين من مستوى عال وممثلين عن عالم الأعمال والاقتصاد، حول عدد من المحاور الرئيسية، من بينها، على الخصوص، “الأمن الغذائي والفلاحة المستدامة” و”اقتصاد المحيطات وقطاع الصيد البحري” و”الطاقات المتجددة والثورة الإفريقية الخضراء”، و”إفريقيا .. محطة رئيسية لطريق الحرير”.