لا يشك منصف عادل في كون الزيارات الملكية لإفريقيا تحمل أبعادا كثيرة ومختلفة، ولهذا لن تكون ثمار الاتفاقيات مقتصرة على بلدين فقط ولكن ستعم خيراتها عموم إفريقيا، وكنموذج لذلك توقيع اتفاقية توصيل أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا مرورا بالعديد من الدول الإفريقية، التي إن لم تكن شريكة في أساس المشروع فهي شريكة من حيث مرور الأنابيب، وبالتالي سيستفيد الجميع وليس طرف واحد أو طرفين. فماذا ستربح إفريقيا عموما والدول التي يمر منها خط أنابيب الغاز على وجه الخصوص؟ ما هي انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية على هذه البلدان؟ تم ما هي انعكاساته الجيوسياسية؟ أي دور سيلعبه في تغيير وجه إفريقيا؟ ما هي نتائجه على دور إفريقيا في استكمال الاستقلال الوطني؟
أول ما ينبغي معرفته عن هذا الخط هو أنه سيحقق نتائج إيجابية أولية. بمجرد انتقال العمل به ستعرف إفريقيا اكتفاء ذاتيا من حيث المواد الطاقية، وبدل أن تبقى هاته الدول تشري مشتقات الغاز الطبيعي من السوق الدولية بأثمنة مرتفعة، سيصبح هذا الخط في حد ذاته سوقا مستقلة، وبالتالي فإن ملايير الدولارات التي كانت تغادر إفريقيا من أجل عملية الاقتناء ستبقى في إفريقيا يستفيد منها ابناؤها.
إن تأسيس هذا الخط يدخل في إطار الاستراتيجية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، منذ زمن وبدأت تؤتي ثمارها، وهي استراتيجية مبنية على التعاون جنوب – جنوب. وهو تعاون يرتكز على أساس المماثلة في القدرات والطاقات، حتى لا يقوم أحد باستغلال الآخر، حيث رفع جلالته شعار كفى من تخريب القارة السمراء التي تم إنهاكها بما فيه الكفاية وتم نهب خيراتها حتى بعد خروج الاستعمار.
ويرى جلالة الملك أن التعاون جنوب – جنوب هو المخرج الوحيد للأزمة في البلدان الإفريقية، لأن هذه البلدان تتوفر على الطاقات البشرية والمكونات الطبيعية، فإذا امتزجت بالخبرات التي راكمتها بعض الدول من قبيل المغرب وأضيف لها الاستقلال السيادي في القرارات تمكنت القارة من مواكبة العصر وتطوراته الخطيرة.
ولهذا سيكون لخط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا انعكاسات كبيرة على المستوى الاجتماعي، حيث الإمتداد الذي يمر منه سيكون عبارة عن أرضية لمشاريع متنوعة مرتبطة بهذا الخط، حيث سيحتاج إلى الصيانة والحراسة والمراقبة الأمنية، كما ستقام حوله مشاريع أخرى دعما له أو استمدادا منه مثل مشاريع الطاقة الكهربائية، التي ستصبح إفريقيا في هذا المجال الجغرافي سوقا لإنتاج هذه الطاقة التي بدأت تصبح نادرة، ويمكن الانفتاح على الأسواق الأوروبية من خلال هذه المادة.
إن الاهتمام بهذا الخط سيخلق فرص شغل عديدة ومتعددة مرتبطة بما هو تقني وما هو أمني وبالتالي سيخلق تعاونا فعالا بين البلدان التي يمر منها، مما سينعكس إيجابا على ضبط الأمور الأمنية التي تعاني من تهديدات الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية.