تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب "انخفاض"    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطر العليا المعطلة مجموعات 2011 بين واقع المشهد السياسي الداخلي وتنكر رفاق الأمس
نشر في شعب بريس يوم 05 - 09 - 2011


محمد بوعلام عصامي
جاء الخبرُ على إحدى صفحات الجرائد الوطنية كالتالي: "....ويأتي انسحاب المعطلين من المقر المذكور بعد وساطة قام بها إدريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والتي توجت بالتوافق على توقيع الطرف الحكومي على محضر يضمن مناصب شغل للمعطلين المعنيين بموجب قانون المالية لسنة 2012.. مع إقصاء خريجي سنة 2011 من الحق في التوظيف المباشر ضمن هذه المجموعة، وهو ما خلق ارتباكا في الصف الداخلي للمعطلين حيث لازال لحد الساعة هناك نقاشات داخلية بين الأطر العليا لتباحث الموضوع".
وهذا خرق سافر لمضامين المرسوم الوزاري الاستثنائي القاضي بالإدماج المباشر والفوري لجميع الأطر العليا المعطلة دون استثناء ما يعتبر ضربا سافرا لمصداقية المجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك واستمرار الكذب والتلاعب مع مطالب هذه الفئة التي تكافح التهميش على المستوى الإمكانات المادية وعلى المستوى التعليمي وعلى مستوى التشغيل. واستمرار كذب الحكومة القاسية في وسائل الإعلام الرسمية وتكرير أخطاء الماضي كإعادة مأساة النجاة والوعود العرقوبية التي لا تنتهي.

فبعد صدور المرسوم الحكومي القاضي بإدماج كل حاملي الشواهد العليا من الأطر العليا إلى غاية دجنبر 2011 تنفست هذه الشريحة الصعداء وتوسمت خيرا وارتسمت على وجوهها كل ابتسامات الأمل في المستقبل ونهاية عقود من التهميش على مستوى الإمكانات المادية والمعنوية التي كانت عائقا قاتلا ومميتا لكل الإمكانات الذاتية لهذه الفئة من أبناء الشعب المغربي.
لكن حكومة الفاسي لحزب الاستغلال كالعادة لم تكن صادقة مع المواطنين التي لم يكن لها من أهداف غير احتواء الغضب الشعبي فتوجست هذه الشريحة نوعا من التراجع في تحقيق المطالب والوفاء بالوعود، وهي الأكثر دراية وخبرة بالمشهد السياسي المغربي لأنها الأكثر احتكاكا به ومتابعة لتغيراته لأنها بكل بساطة الضحية رقم 1 للتهميش، فأربعة سنوات من الدراسة الجامعية + سنتين من سلك الماستر، هذا إن لم يكن للكثير منهم شواهد أخرى مدعُّمة لملفهم.
فسنوات من الدراسة الجامعية لا تعني بالنسبة لهذه الشريحة سنوات من الدراسة والإجهاد الفكري والجسدي فقط، بقدر ما تعني سنوات من انتظار الحافلة المتأخرة دائما والتي قد تأتي أو لا تأتي وبدون موعد محدد. حافلة شبه معطلة لم تكن تصلح إلى وقت قريب حتى لحمل صناديق الدّجاج.
سنوات من الدراسة الجامعية تعني منحة دراسية هزيلة جدا وربما من أهزل المنح الدراسية في العالم هذا إذا كنت محظوظا ولم يتم إقصاءك منها.
سنوات من الدراسة الجامعية تعني "مطاعم جامعية تحولت إلى بزنس-فود" والعين بصيرة واليد قصيرة، فأصبح العديد يقصدون الدكاكين المجاورة التي تكون مناسبة أكثر من مطعم بزنس-فود الجامعي على حساب جيوب فارغة لطالب يفكر في يومه أكثر ما يفكر في محاضراته اليومية وعشيقته التي ملت ولوج قصوره من الأحلام التي يشيدها في كل لقاء غرامي!
سنوات من الجامعة تعني العودة كل مساء جنبا إلى جنب مع شريحة "البلطجية-الشمكارة" العدو الاجتماعي المكتسب لهذه الشريحة بعد العدو التقليدي داخل الجامعة "الأواكس-الجامعي" قبل إلغاء هذا الجهاز الذي لم يكن مكونا إلا من حفنة من المتخلفين لا يكفون عن استفزاز الطلبة ومراقبتهم في حرم جامعي وكأنهم جناح عسكري- مسلح سري أو تخريبي يمثل عدوا خارجيا يهدد أمن الوطن واستقراره!!! بينما الطالب المغربي في حقيقة الأمر لن تجد غاية كفاحه اليومي إلا من أجل تحسين ظروفه الدراسية و المستقبلية سواء منها المعيشية-المادية أو الحقوقية الديمقراطية. وجلهم لا ينتمي ولا يريد أن ينتمي ولا يؤمن بالانتماء بعدما فقد الشعور بالانتماء الأكبر ألا وهو الانتماء إلى الوطن.
سنوات من الجامعة تعني سنوات من الاحتكاك بجميع الفصائل والأشكال الوصولية والانتهازية.
سنوات تجعل منك رجلا قادرا على تحليل وإدراك أشياء عديدة تحيط بك كمواطن، ستفهم كيف تتحول قضايا الوطن إلى قضايا تكالب واسترزاق، وستفهم كيف تستفيد بعض الفئات من قضية الوحدة الترابية لينهشوا بعض الفتات الحقير على حساب مأساة الوطن التي تحولت إلى أكبر قضية للاستفزاز، فقط من أجل الاسترزاق واستغلال وضع ما بغير وجه حق، على حساب الشعب وشرفاءه الذين حرروا أرض الوطن وأكملوا الزحف إلى الصحراء استجابة لنداء الوطن. ولكن الأنذال لا يهمهم غير الأكل من لحم البشر ولا يعلمون حيث نعلم أو ربما لا يكترثون أن التاريخ يسجل وسيخطأ من يظن أن الوطن سيغفر..

سنوات وأنت تعلم وترى أن هناك من يأخذ المنحة مضاعفة ومزدوجة بنظام الكوطا دون إقصاء، بغض النظر عن المستوى المادي للعائلة، ومعها منحة شوماج وتذاكر سفر ذهابا وإيابا طوال السنة الدراسية..
وستعلم أن العديد من المتخرجين دون المستوى لا يستحقون الولوج إلى سلك الماستر اللهم بقدرة قادر وإيعاز من مسؤول..

سنوات من الجامعة تعني أنك ستجد نفسك مجبرا على مقاومة الاستفزاز المعنوي والرمزي مادمت تعتبر نفسك عصاميا من أبناء المغرب الأقصى. مغرب أصبح لا يقسو إلا على أبناءه الأشداء الأشد وفاءا، تماما كقسوة الأب على بنيه عندما يفقد صوابه وتستحوذ على البيت زوجة الأب فتملأه أنانية وضغينة كبيت العنكبوت، وإنه لأهون البيوت أنانية وجشعا وشراسة.

قدسية الوطنية هي عندما تحس أن الوطن بيتك الكبير، وهذا بالضبط ما يحتاجه الوطن الآن الآن، وليس غدا. للبناء والنهوض ودفن عهود الماضي من استغلال ووصولية، ودفن رموزها من الماضي إلى الأبد من أجل مغرب الغد، فالنسيان أحيانا شكل من أشكال الحرية "جبران خليل جبران."

سنوات من الجامعة تعني شرودا فكريا كل صباح وأنت تبحث بين السطور في الجرائد الوطنية بعض الكلمات التي قد تعبر عن تطلعاتك كشاب وكإنسان وكمواطن.
وأنت تسترجع المعادلة التي تتساءل فيها لماذا أضحى الوطن أضيق من بيت العنكبوت؟ لماذا الاستهتار بالحقوق؟ لماذا يأخذ البعض كل شيء ولا يعطي شيئا، ولماذا نأخذ من البعض كل شيء ونطلب منهم أن يعطوا كل شيء.. وفاقد الشيء لا يعطيه؟!!
ستعيد أسطوانتك المملة، ألم نقاوم المستعمر، ألم نقارع الإسباني وهو المستعمر الأكثر تكالبا واستغلالية في عهود أوربا الاستعمارية؟ ألم نزحف إلى الجنوب وحررننا صحراءنا المغربية تلبية لنداء الوطن؟

في نهاية المعادلة ستفهم الكثير ولكن أهم ما ستفهمه أن الوطن هو الخاسر الأكبر، عندما تنتشر فيه قيم الوصولية والانتهازية بدل القيم السّامية التي تأخر المغرب كثيرا عن تحقيق الكثير من التطور الديمقراطي والرقي الاجتماعي والحقوقي والإنساني. وسيحز في نفسك كذلك عندما يتأخر الوطن بسبب حفنة من المرتزقة لا فكر لهم إلا الانتهازية والخبزوية لا إرادة لهم إلا أن يكونوا مستعمَلين لحساب أجندة العدو، ولا دور لهم في أمجاد الوطن والإنسانية ككل غير عامل الإعاقة في تحرير كامل ترابنا الوطني وبالضبط المدينتين السليبتين سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وجزر الخالدات الامتداد الجغرافي الطبيعي للمغرب في مياهه الإقليمية.
ستفهم من المعادلة أن دولة المغرب المجيدة خسرت الكثير عندما يتخلى المغاربة عن سياسة الاختراق الثقافي والديني والحضاري في نفوذ امتداده الثقافي-التاريخي، مما جعل هذه الرقعة الجغرافية الإستراتيجية من العالم غزوا سهلا لتيارات فكرية مذهبية ودينية وثقافية وفكرية تملأ هذا الفراغ الذي كان الأولى بالمغاربة أن يملئوه.
فالجزائر وليبيا تفتقد إلى العمق التاريخي أما تونس الزيتونة لا يؤهلها لا موقعها ولا ثقلها البشري أو الإستراتيجي للعب هذا الدور المنوط بنا كمغاربة وكما نعلم فسنن الكون لا تعرف الفراغ !
وكم يعجبني ذلك التشبيه العميق الذي يرى أن المغرب كتلك الشجرة التي تضرب جذُورها عمقا في أطناب إفريقيا وتمتد أغصانها إلى أوربا، وتتشبع من تربتها الخصبة" المغرب العربي الكبير."
يتمتع المغرب بحظوة ثقافية كبيرة تبدو واضحة في تراثنا الروحي والمادي الأصيل والضارب في القدم كحضارة، وكمملكة وكدولة قائمة بذاتها أسسها المغاربة بقرنين من الزمن بعواصمها التاريخية المتتالية والمستقلة بأبعادها الدينية والثقافية والحضارية والقومية، وذلك قبل قيام وتأسيس دولتي فرنسا وألمانيا كدولة، ولهذا يمكن القول بأن المغرب أقدم منهما وأعرق، لأنه حسب وثيقة عقد "قسم ستراسبورج (serments de Strasbourg) والتي تعتبر عقد الميلاد الرسمي لبلاد فرنسا وكذلك ألمانيا تعتبر وثيقة هذا العقد من أقدم الوثائق المكتوبة بلغتين متباينتين (التوداسك والرومان) آنذاك. .مناطق كانت ترزخ تحت رحمة الجرمان كالقوط والهونوالفرنجة والوندال التي لا تعني في معناها الاصطلاحي أكثر من "التخريب-le vandalisme". دولة عرفت عدة عواصم مستقلة حسب الظرفية التاريخية والبشرية والعسكرية والسياسية والثقافية وهي فاس ومراكش ومكناس والرباط، الرباط كمدينة-"الرمز" بين الماضي ألموحدي بعمقه المغاربي-الأندلسي والإفريقي،والحاضر على الضفة الأطلسية حيث تغيرت وجهة العالم نحو عوالم جديدة ومختلفة، عاصمة أعادت لنا كمغاربة رباط الجأش في تصالح ثم تلاحم بين العرش والشعب عندما ضم المغفور له محمد الخامس إرادته إلى إرادة الشعب في الاستقلال وغامر بعرشه ونفي إلى مدغشقر، فما كان لهذا الشعب إلا أن أجبر فرنسا بثورته التاريخية أن تعيد هذا الملك الى وطنه,ملك جازف بعرشه ضد فرنسا الاستعمارية فأحبه هذا الشعب حبا قمريا كما أوفى هو لتطلعات الشعب التحررية.
هذا الملك الذي سيبقى أفضل ملوك المغرب في العصر الحديث بل و أفضل ملوك الدولة العلوية لأنه من المنظور العلمي للتاريخ في شقه النقدي، فقد عايش هذا الملك أحلك فترات تاريخ المغرب الحديث، وهي فترة الحماية ثم مرحلة المقاومة ثم فتر الاستقلال والاصطدام بالفراغ الإداري والعسكري للدولة، حيث لم يسجل عنه التاريخ كسلطان وكملك وكإنسان أي تجاوزات لحقوق الإنسان أو إبادة رغم صعوبة الظرفية وتدني القيم المثلى لحقوق الأفراد والجماعات في ذلك الوقت، إضافة إلى تواضعه وهي خصلة زادت من عظمة هذا الملك, وظهر ذلك جليا أثناء زيارته الرسمية لمصر عندما سيعرج في زيارة على بيت محمد بن عبد الكريم الخطابي في منفاه. لقاء انتهى بالودية والتفاهم على نظرة مستقبلية لبناء الوطن مع أناس شرفاء وإن ذلك لأكبر دليل على مدى عظمة هذا الملك واستصغاره لكل الخلافات والهوامش الضيقة والبروتوكولات من اجل مصلحة الوطن بدل التقرب الى خونة من أصناف الڭلاوي الذين تتسببوا في الكثير من الكوارث الاجتماعية والسياسية وفي مآسي هذا الشعب ولم يرى منهم مستقبل المغرب إلا "الڭلاوي" وهو فعلا اسم على مسمى..
وما يحز في النفس أن هذه الطائفة الڭلاوية مازالت عالقة بالنظام الملكي المغربي في مغرب ننشده مغربا حديثا لا مكان للأعيان ولا للأسر الڭلاوية ذات المصالح الأسرية الضيقة،والتي تخلص منها المغاربة في فترة من الفترات مع رحيل المستعمر إلا أنها عادت بقوة بعد رحيل المغفور له محمد الخامس وانتشرت كالسرطان في عهد الرصاص الأسود من تاريخ المغرب الحديث.
مغرب اليوم يتجه خطوة خطوة مهما كانت بطيئة فإنها ثابتة نحو الأمام لبناء الدولة الحديثة، و لن يعود ذلك المغرب الذي كان يتدخل في مصيره القياد ويتحكم فيه عنصر القبلية، مغرب المستقبل هو مغرب "الشعب والملك" من أجل الوطن. لأننا بتنا نفهم جيدا أن المعادلة في مغربنا الحديث مختلفة تماما عن العهود السابقة فهناك وزنان فقط لا ثالث لهما، وهما الملك والشعب وبينهما عوالق لا وزن لها إلا الاستغلال والانتهازية و امتصاص دماء الأمة. فلا أحزاب حقيقية ولا برلمان حقيقي ولا منظمات حقوقية حقيقية ولا شخصية حزبية كريزمية واقعية فقط كارتون في كارتون!
فكل الإصلاحات التي عرفها المشهد السياسي والاجتماعي المغربي هي بمبادرة من الملك فقط !!كمبادرة تعديل الدستور، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على المشهد الاجتماعي وكشف الكارثة الإنسانية بخيرية عين الشق بالبيضاء وما تعرفه من اختلاسات، إضافة إلى مبادرة إصلاح القضاء الذي لا يخفى على أي مواطن الفساد المستشري في دواليبه.. وتبقى الأحزاب السياسية في صراع ديكة بعيد الهموم الحقيقية للمواطن والتحديات التي تعيشها الحياة السياسية والاجتماعية المغربية، وهي الأحزاب التي يجب أن تكون الأدرى بشعابها!!.
أحزاب لا تمثل الا نفسها ومصالحها الخاصة في صراعات سياسية لا دخل للشعب فيها لا من قريب ولا من بعيد ! والتساؤل هنا هو، ما دور هذه الأحزاب إن لم تكن صوت الشعب الذي تحتكم إليه؟ أحزاب تنتظر فقط.. حتى حولت المغرب إلى قاعة انتظار كبيرة! الشعب ينتظر التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين، وهي وماذا تنتظر؟ تنتظر حلول موسم الانتخابات للتربع على الكراسي والتوصّل بميزانيات مهمّة من الدولة، والجلوس في صالونات الشاي والفقاس لمزاولة هواية الفقسة للشعب المتطلع إلى مغرب أفضل.

وأعود وأتساءل كأي مواطن بسيط ما دور هذه الأحزاب التي لا دور لها غير استنزاف ميزانية الأمة، إن لم تكشف الحقائق وتساهم في الإصلاح السياسي والاجتماعي بالدفاع عن المصالح العليا للوطن والشعب من كل العوالق والشوائب الخبيثة والموروثة من الماضي بعد تسلل الطائفة "الڭلاوية" وإنشاء ممالك مالية وسلطوية داخل المملكة المغربية، هؤلاء أغلبهم من خريجي المدرسة الاستعمارية وامتداد للماضي الأسود، وهم أنفسهم من تسببوا في عهد الرصاص بعدما تمكنوا من دواليب الدولة وأصبحوا من المقربين للقصر.وهذه الفئة هي من جزت ببعض رموز المغرب الجديد والمتفتح، في بعض الميادين في السجن كما هو الشأن في محاكمة واعتقال رشيد تيني مدير جريدة المساء.

تسلل طائفة الڭلاويين التي عادت من النافذة بعدما خرجت من الباب بعد تحقيق الاستقلال وتسببت في عهد الرصاص بشكل أو بآخر. فكل الأخطار التي واجهت القصر في عهد الملك الحسن الثاني لم تأتي من الشعب لا من قريب ولا من بعيد، ولا دخل للشعب فيها.. وإنما هي أخطار وغدر من المحيطين والمقربين من الملك آنذاك كأفقير مثلا، والغدر هنا نوعان إما غدر بين بمحاولات انقلابية أو غدر باستغلال خيرات الوطن وسرقة ثرواته وإنشاء مملكات مال ونفوذ داخل مملكة كانت تقوم على عقد البيعة الذي يعني تلاحم العرش والشعب من اجل الوطن فيما يرضي الله تحت قسم : الله الوطن الملك.
وهاهي طائفة الكلاويين تستمر في امتصاص دماء الشعب و إنشاء مملكات المال والنفوذ في أعرق مملكة بالعالم العربي باستغلال النفوذ والمناصب الحساسة ذات الطابع الأمني تماشيا مع موروث عهد الرصاص الذي كان يسيطر عليه الهاجس الأمني، هذا المخزن الذي لم يفهم بعد أن تهديد استقرار المملكة في العصر الحديث لا يمكن أن يأتي إلا منه هو نفسه،هذا ما أثبتته تجارب الماضي من مؤامرات، كما هو الشأن مع أفقير والدليمي الذي سقط في فخ "مأدبة غذاء" قبل أن يحضِّر "لمأدبة عشاء" وغيرها من الأشكال..
على الدولة المغربية أن تضع حدا لهذه العناصر التي تعيق بناء الدولة الحديثة والمتطورة كما تعيق انسجام الدولة مع القاعدة الشعبية والنخب السياسية والثقافية المهمّشة بمختلف مكوناته المتعددة والمختلفة وتعيق سيادة الجو الصحي للتعافي من أجواء الفساد.

هذه العناصر التي نمت وتضخمت وتطورت إلى ديناصورات بسبب حالة الفساد المتشعبة والمتجذرة من عهد الرصاص. هذا الموروث الثقيل على الوطن وعلى كل الإصلاحات ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
على الدولة أن تضع حدا لهؤلاء الذين أنشئوا مملكات من النفوذ والمال داخل المملكة المغربية، أي مملكات صغيرة داخل المملكة شبيهة لما وقع في بعض الجمهوريات من العالم الثالث عندما تنشئ بعض الفئات دولة داخل الدولة !
من أجل مستقبل أفضل واستقرار اجتماعي بعدم إحساس المواطن البسيط بالغبن والظلم لا مناص من تطهير الدولة من نفوذهم داخل دواليب وأجهزة الدولة، هذا إن لم تحاكمهم محاكمة عادلة وتضع أموالهم تحت مصداقية "من أين كان لك هذا"؟
سأجيبهم على سؤالهم المعهود " بطريقتهم المتعجرفة من انتم"؟ حيث تموت في عقولهم وصدورهم كل المعاني والقيم الإنسانية السامية.
نحن مواطنون من هذا الوطن، وجدي من هذا الوطن، وجدّ جدي من هذا الوطن..ولن تعشق روحي غير تراب هذا الوطن.
إليكم جميعا:
مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس جنتكم التي أنشأتموها عندما حولتم حياتنا إلى جحيم يومي وأطلقتم شعاركم المستفز"'المغرب أجمل بلد في العالم".
إليكم جميعا: المعطيات تغيرت تماما، والفاعلون في المشهد السياسي المغربي سيتغير وزنهم، قريبا، والمغرب لا ضامن لاستقراره وتطوره غير الاتجاه في بناء دولة حديثة يكون فيها الشعب والملك بدون أية عوالق أو زوائد (غير صحية) تأكل من جسد الشعب والوطن.
فالدولة الغير معافاة داخليا لا تستطيع المواجهة خارجيا و في الدول التي تحترم نفسها، المعارضة جزء لا يتجزأ من النظام بموجب الدساتير.
في هذا الاتجاه فقط سيكون المغرب أكثر المستفيدين من الربيع العربي، بشرط أن يتخلص من كل العوالق الطفيلية ويتم بناء دولة ديمقراطية حقيقية تعمّها الحريات العامة، وتحتك فيها الأفكار وكل المرجعيات دون كبت أو قمع أو تهميش ليبقى الصالح منها والمعتدل وطبعا لن نصل هذا المستوى إلا بعد مخاض طويل..
باختصار شديد :
- داخليا: سيستفيد الشعب المغربي من هذه الإصلاحات المتواصلة والكوبرنيكية على موروث العقلية المخزنية التي لا تصلح في زمن الألفية الثالثة.
-وخارجيا جاء دور الدبلوماسية المحنكة، فإذا عرف المغرب كيف يجيد تحريك الخيوط ستكون الضربة القاضية للنظام الجزائري ومحاصرته مغاربيا (على المستوى الإقليمي) وبالتالي الضربة النهائية لمرتزقة البوليساريو الذي أدى الشعب المغربي والجزائري والليبي ومشروع بناء المغرب العربي الكبير، الثمن الباهظ لهذه المراهقة والشذوذ عن الأصول لنظام عسكري ديكتاتوري متخلف من بقايا أذيال المستعمر.
ناهيك عن الجانب الاقتصادي في مصالح مشتركة بين الدولتين المغربية والليبية كتصدير اليد العاملة وتدفق العملة الصعبة في علاقات تجارية أو استثمارية بين دولتين شقيقتين في مصالح تخدم كل أوطان وشعوب المنطقة لما فيه خير للرقي والإزهار.
يجب أن تحذَر الدبلوماسية المغربية أن تسقط في مغبّة معاداة الثورات العربية، لأن لعنتها كما شهدنا أصابت العقيد زارعُ الشقاق في مصير أوطان المغرب العربي، وهذه هي اللعنة ذاتها التي ستصيب النظام العسكري الجزائري عاجلا أم آجلا..فالتاريخ يقول أن الشعب الجزائري كان آخر من ينفض عنه غبار الاستعمار في المغرب العربي (طبعا قبل موريتانيا)، لكنه نهض أخيرا ملبيّا إرادة الحياة وكلفه ذلك مليون شهيد.
ستسقط الديكتاتورية في الجزائر وسيُعصر المرتزقة كما تعصر الأزبال في شاحنات القمامة.
وبصيغة أخرى: خارجيا، الوقت يلعب لصالح المغرب.. فقط رتبوا بيتكم من الداخل !

إلى الأحرار و إلى حاجبي الأنوار، إلى المتظاهرين إلى الأحزاب، إلى رجال السلطة، إلى الرّعاع إلى بلطجية المجتمع، إلى الشباب، إلى الشيوخ، إلى النِّسوة إلى الّرجال، إلى الثوّار إلى الحكومة... المغرب ليس لأحد منكم، المغرب لكل المغاربة!
يقول أحمد في أقرب صورة لما تعيشه الشعوب في أوطان من العالم العربي يقال إن أقصر قصة كتبها إنسان هي التالية: "رجل ولد وعاش ومات". وأنا أعتقد أن سيرتي - شأن أي مواطن آخر في أوطاننا الجميلة - يمكن أن تروى على النسق نفسه، بشيء من التطويل، لتكون كالتالي: "رجل ولد ولم يعش ومع ذلك سيموت."
السلام عليكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.