أسفرت المجهودات الجبارة، التي بذلتها الأجهزة الأمنية المغربية، عن تفكيك 140 خلية إرهابية منذ سنة 2002، تاريخ تفكيك أول خلية نائمة ضمت مغاربة وسعوديين، وهي العمليات التي ازدادت وتيرتها واتخذت نفسا جديدا بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، التي هزت مدينة الدارالبيضاء وخلفت أكثر من أربعين شهيدا، ومكنت هذه العمليات الاستيباقية من توقيف 2200 مشتبه به. وكشفت إحصائيات رسمية عن أن عدد الخلايا التي جرى تفكيكها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ارتفع ثلاث مرات وهو ما يشير إلى الجهود التي تبذلها أجهزة الأمن من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية والحد من خطورتها.
ولم تتحقق النتائج المذكورة إلا بفضل الإجراءات الأمنية التي اعتمدها المغرب لمواجهة الخطر الإرهابي، ضاربا بعرض الحائط الأصوات القادمة من وراء البحار والتي اعتبرت القوانين المكافحة للإرهاب حدا من الحرية قبل أن تستيقظ متأخرة على الإرهابيين وهم يطعنون خاصرتها بل يتوغلون في جسمها بالكامل مثلما حدث لفرنسا. كما عمل المغرب على تعزيز تعاونه مع الأجهزة الأمنية الأجنبية لأن الظاهرة الإرهابية عابرة للحدود ويتعين مواجهتها عبر تضافر الجهود الدولية ذات الصلة.
وكان المغرب قد أقر قانون مكافحة الإرهاب، الذي تم الشروع في إنجازه قبيل 16 ماي، وعارضه بقوة حزب العدالة والتنمية، ولم يصوت عليه إلا بعد الأحداث الأليمة بعد أن وجهت إليه أصابع الاتهام بتغذية الإرهاب عن طريق الخطاب التحريضي. واعتمد المغرب، من جهة أخرى سياسة واضحة في التعامل مع الظاهرة الإرهابية، من خلال التواصل مع المواطنين وإخبارهم بمستجدات عمليات مكافحة الإرهاب، وهذه العملية لا تدخل في إطار العملية الإخبارية العادية التي تمارسها وسائل الإعلام، ولكن من أجل مقاربة جديدة في مواجهة الظاهرة الإرهابية تعتمد على مبدأ واضح يقتضي أن تكون المسؤولية في محاربة الإرهاب جماعية.
وبالإضافة إلى اعتماد إستراتيجية قانونية وأمنية واضحة في مكافحة الإرهاب، نهج المغرب سلوكا موازيا لهذا الطريق ويتعلق بإقرار سياسة ناجعة في إصلاح الشأن الديني، الذي أصبح نموذجا يحتدى به في العالم بأسره، وكان رئيس الحكومة البريطانية دافيد كاميرون قد أشاد أخيرا بالنموذج المغربي في تكوين الأئمة داعيا إلى تبني النموذج نفسه دون أن ننسى أن فرنسا وبلجيكا ودول أخرى تطلب المساعدة المغربية في هذا السياق بعد نجاح التجربة مع العديد من البلدان الإفريقية.
وثالث أركان النموذج المغربي في مواجهة الإرهاب هو تنفيذ مشروع ضخم للتنمية البشرية وتأهيل المواطن، وبالتالي القضاء أو التخفيف من البيئة الحاضنة للإرهاب والإرهابيين، حيث وضع المغرب الأصبع على الجرح من خلال محاربة الهشاشة والأوضاع الاجتماعية الصعبة، التي تساعد الأشخاص على تبني الإيديولوجية المتطرفة والإرهاب.
أما فيما يتعلق بالتعاون الدولي، فإن المغرب اعتمد سياسة حيوية ترتكز على التعاون مع الأجهزة الأمنية الأجنبية باعتبار التطرف والإرهاب ظاهرة عالمية وعابرة للحدود والقارات ولا تعترف بالأوطان، وهو ما أهل المغرب ليحظى بالإشادة الدولية حول مجهوداته في مكافحة الإرهاب، خصوصا من بلدان كفرنسا وبلجيكا وإسبانيا ناهيك عن استماع مجلس الأمن لتوضيحات المسؤولين المغاربة بهذا الخصوص.