يبدو أن الأزمة الاقتصادية ستأكل ما تبقى من دخائر النظام الجزائري. فالأزمة التي نتجت عن الانخفاض المروع لأسعار البترول في السوق الدولية، أتت على الاحتياطي النقدي، الذي كان يقدر بحوالي 200 مليار دولار، ولأن النظام الجزائري لم يبن اقتصادا متنوعا، فقد ابتلعت العجز ما تبقى من دخائر العملة الصعبة، واليوم يلجأ إلى احتياطي الذهب، الذي يعتبر الثالث عربيا بعد السعودية ولبنان. وقد أظهرت بيانات رسمية أن الجزائر سجلت عجزا تجاريا بلغ 4.3 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية مقارنة مع فائض قدره 3.4 مليار دولار قبل عام، وذلك بفعل انخفاض إيرادات الطاقة مع تراجع أسعار النفط العالمية.
وبحسب أرقام الجمارك الرسمية، تراجعت صادرات النفط والغاز التي شكلت 93.5 % من إجمالي الصادرات الجزائرية ب 42.8 % لتبلغ 12.54 مليار دولار في الفترة بين يناير وأبريل، كما تراجعت قيمة إجمالي الصادرات السنوية ب 41 % ليبلغ 13.4 مليار دولار.
ويعود انخفاض أسعار النفط العالمية لأكثر من النصف منذ يونيو الماضي مع تسجيل زيادة في إنتاج الخام وتراجع معدلات الطلب في سوق المحروقات العالمي.
فمع نهاية عصر البترول الغالي الثمن دخلت جزائر بوتفليقة عصر الاضطرابات، حيث أصبحت في وضع أكثر قلقا نظرا للغيابات الطويلة للرئيس بوتفليقة، الذي لم يعد يظهر سوى في لقاءات المسؤولين الكبار، وكذلك بسبب انخفاض أسعار البترول خلال الفترة الأخيرة.
وأصبحت الجزائر على حافة الاضطرابات بشكل غير مسبوق، منذ تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فترة رئاسية جديدة، بسبب انخفاض أسعار البترول، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي للموازنة الجزائرية.
وتشهد البلاد شللا سياسيا يتزامن مع أزمة اقتصادية ضخمة، وهي الانخفاض الساحق لأسعار البترول من 125 دولارا إلى 40 دولارا، في حين أن البترول يشكل 60% من الموازنة العامة، و98% من نسبة الصادرات الجزائرية.
ونظرا لأن الحكومة اعتقدت أن انخفاض أسعار البترول لن يستمر لفترة طويلة، فإنها مضت نحو إنهاك اقتصادها الداخلي المتمثل في احتياط النقد وصناديق ضبط الإيرادات، وهي وسائل لا تزيد عن كونها "ثلج تحت الشمس"، وبعد أن ذاب هذا الثلج لجأت اليوم إلى احتياطي الذهب.
و تفيد تقارير المجلس العالمي بأن الجزائر تحتل المرتبة 25 في الترتيب الإجمالي لأهم احتياطيات الذهب سنة 2015، والمرتبة 23 حسب الدول، كما أنها تمتلك ثالث أهم مخزون للذهب من بين الدول العربية بعد المملكة العربية السعودية ولبنان.
ووفقا لتقديرات أسعار الذهب في السوق الدولية، فإن سعر أوقية الذهب بلغ 1131,8 دولار، وتعادل الأوقية 33,5 غرام، وعليه، فإن مخزون الذهب الجزائري، يقدر بحوالي 4,7 مليار دولار، يضاف إليه احتياطي ذهب لدى بنك الجزائر، وهو الهيئة المخولة قانونا بتسيير الاحتياطي إجمالا استنادا إلى قانون القرض والنقد.